لم يكن مفاجئاً استعانة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل برئيس الجمهورية السابق ميشال عون لضبط نواب التكتل الذين رفعوا الصوت مؤخراً تجاه خيارات باسيل الرئاسية، فالعلاقات داخل تكتل لبنان القوي وصلت الى مرحلة حرجة للغاية، بعد أن كان رئيس التيار يتخذ القرارات الرئاسيّة بمعزل عن آراء النواب الذين اعتبروا منذ يوم الفراغ الأول، أنه يحق لهم الترشح للرئاسة بعد قرار رئيس التيار بعدم الترشح.

لم ينجح باسيل ومعه عون بإصدار موقف موحد للتكتل حول خطّة المعارضة بدعم ترشيح جهاد أزعور لمواجهة سليمان فرنجية، وبحسب مصادر متابعة فإن الحجج المتّخذة لمعارضة نواب بالتيار الوطني الحر لهذا الترشيح أقوى بكثير من حجج تبنّي ترشيحه، وهذا التبنّي يتعارض حتى مع مواقف رئيس التيار من ترشيح فرنجية، وهو الذي لطالما أكد أن معارضته لرئيس تيار المردة ليست شخصيّة بل لأنه جزء من المنظومة، فكيف حال أزعور الذي تسلم وزارة المال بحكومة فؤاد السنيورة منذ العام 2005 حتى العام 2008، وهي الأعوام التي تغير خلالها عمل النظام المالي في البلد؟.

لم يخترع نواب التكتل المعارضون لأزعور مواقف جديدة، بل ذكّروا باسيل بموقف سابق له قال فيه: "بدنا رئيس اذا انتخبناه نقدرنتطلّع بعيون أولادنا وتيارنا وشعبنا، مش نستحي ومانعرف نجاوب اذا سألونا ليش اخترتوه"؟ سائلين هل يمكن أن نفعل ذلك بحال دعمنا أزعور؟.

بحسب المصادر لا يمكن لعاقل في التيار أن يُقنع جمهوره بأن نهج فؤاد السنيورة، الذي كان عرضة لحرب التياريين، يمكن أن يكون المنقذ الذي يتم ترشيحه الى رئاسة الجمهورية، حتى ولو كان الهدف من الترشيح إسقاط ترشيح فرنجية، لأن مجرد تبنّي هذا الخيار يعني سقوط التّيار في فخّ تعدد الأوجه، الا إذا كان الواقع كما قاله حكمت ديب "الإبراء ممكن، ما في شي مستحيل". وترى المصادر أن جمهور التيار ليس "تابعاً" والخيارات التي تُتخذ يجب أن تلبي طموحاته وقناعاته، وهنا أصل الخلاف حول تبني دعم ترشيح جهاد أزعور.

لم يُعلن التيار الوطني الحر دعمه العلنيّ لترشيح جهاد أزعور، وهذا ما يُقلق القوات اللبنانية التي عبّر رئيسها عن عدم ثقته به عندما قال نحتاج الى 50 عاماً لاستعادة الثقة، من هنا وبحسب مصادر "النشرة" فإن ضغوطاً كبيرة تواجه الوسيط رئيس حزب الكتائب سامي الجميل للاستحصال على ضمانات من التيار بدعم أزعور، وأحد أبرزها هو إعلان الدعم رسمياً بعد زيارة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في بكركي. وتُشير المصادر الى أن القوات اللبنانية تُدرك حجم الخلافات داخل تكتل "لبنان القوي" وتحاول اللعب على هذا الوتر لإظهار باسيل وكأنه الرئيس الذي فقد السيطرة على تياره ونوابه، لذلك يحاول الضغط باتجاه الاعلان الرسمي، بينما باسيل يتعامل مع المسألة بحرفيّة سياسيّة، فهو نجح في إظهار "حجم التقارب" مع المعارضة دون ذكر أسماء، وبنفس الوقت ترك الباب مفتوحاً أمام الآخرين عندما تحدث عن المشروع السياسي.

لم يسمّ باسيل جهاد أزعور بالإسم في سياق الحديث عن التقارب مع المعارضة، لأنه ببساطة لا يبحث عن تحدّي حزب الله، وتكشف المصادر المتابعة أنه طرح منذ أيام طرحاً جديداً يقضي باتفاق المعارضة على لائحة أسماء فيها اسمان أو ثلاثة، للبحث بها مع الفريق الداعم لفرنجية، على اعتبار أن الحوار حول عدد من الأسماء يختلف عن تقديم مرشّح تحدٍّ، كما أنه قد يشكل مخرجاً لتخفيف ضغط الاختلافات داخل تكتل "لبنان القوي".