أكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، إنّ "كرامة الانسان لا يمكن الا اعطاءها بعدها الأخلاقي، وبالتالي تتضح الإجابة على السؤال المتقدم حول دخل التميّزات البشرية في العلاقات الانسانية، وان الاختلاف فيها أو التجانس ليس ميزاناً لطبيعة العلاقة التي يجب أن تسود بين الناس أفراداً وجماعات، وان تكون سبباً للتمييز بينهم في الحقوق والواجبات بل على اساس موضوعي وهو مقدار التزام موازين الحق والعدل، فالناس كلهم في ذلك سواء في الحقوق والواجبات".

ولفت خلال خطبة الجمعة الى ان "هذا إذا التزمنا التفسير العقلي مطلقاً بغض النظر عن التفسير الديني الذي يعتمد أساساً على العقل في تفسيره للوجود بشكل عام، ويضيف عليه ما لا يتمكن من بلوغ معرفته لمحدودية قدرته على ذلك. وعليه، فإن معيار التمايز الديني بين الناس في الحقوق والواجبات ليس في الانتماء الديني أو العرقي أو اللون، وإنما في أمر موضوعي وهو التقوى"، مشيرا الى ان "المشكلة التي نعاني منها في لبنان، هي في استخدام الدين لأغراض عصبية وسياسية وعنصرية مخالفة له، وهي ما أدت إلى تنامي العصبيات الطائفية بين اللبنانيين وإدخالهم في نزاعات سياسية وعسكرية لمصالح زعامات طائفية مستفيدة من هذا النظام وقودها أبناء الطوائف الذين يدفعون ثمن هذه النزاعات بإسم الدفاع عن الطوائف زوراً من جهدهم وعرقهم وأبنائهم الذين يضطر من ينجى منهم من الحروب اما إلى الهجرة او العيش بالاضطراب والقلق والخوف الدائم على المصير فيما تتكرر الازمات بعد التسويات عند كل استحقاق دستوري".

وكرر ان "الحل الاساسي بالخروج من الصيغة الطائفية ونظام المحاصصة نهائياً إلى رحاب المواطنة وقد أثبتت التجارب ان الصيغة الطائفية لم تحمِ طائفة كما لم تحمِ وطناً. إنّ العقلية الطائفية المتحكمة ببعض العقول هي التي تصنع مأزق النظام حيث يستعصي الخروج من المأزق اليوم بانتخاب رئيس للجمهورية ويصل الامر ببعض القوى إلى التعبير عن عدم استعدادها إلى قبول الحوار والتوافق مع شركائها في البلد ولو طال الامر سنين، وهو يعبّر عن أزمة معايير أخلاقية ووطنية بالدرجة الاولى وانعدام ثقة في القدرة على التخلي عن التبعية للغرب والذهاب نحو التمسك بالمقاييس الوطنية والهوية المشرقية العربية والانتماء لقضاياها، وهو ما يفسّر الموقف العدائي للمقاومة في الوقت الذي يكاد يكون صريحاً ومتوافقاً مع الموقف الاسرائيلي ومبرراً في أغلب الاحيان لاحتلاله لجزء عزيز من أرضه وللمشروع الغربي الساعي الى تجزئة المنطقة العربية بما فيها لبنان، بل يُصرّح البعض في الذهاب الى هذا الاتجاه ويُسعّر من خطاب المواجهة مع من يختلف معه في هذه المواقف ويتبنى مشروع الدفاع عن لبنان ويرفض الاستجابة لدعوة الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية، فهل يُعبّر كل هذا عن موقف وطني مسؤول؟؟ وقد وصل حال المواطنين والبلاد إلى ما وصل اليه، انه الانتحار بعينه".

وشدد على إنّ "السيادة والوطنية تحتاج إلى تعقل وحكمة وخطاب توحيدي وهادئ وليس إلى صبّ الزيت على النار، كما يستدعي الاستجابة لصوت العقل وتحمل مسؤولية إنقاذ البلد بالذهاب إلى طاولة الحوار، خصوصاً ان كل الافرقاء تحتاج إلى التوافق لإنجاز الاستحقاق ولا تستطيع التفرّد به، وأن نرتقي إلى مستوى المواطن من كفرشوبا الذي وقف بتحدٍّ ببطولة وعَرَّضَ حياته للخطر دفاعاً عن أرضه ووطنه".

وبارك لـ"كفرشوبا ولأهلها الغيارى ولإبنها البار هذا الموقف الوطني الشريف، ونحن على يقين بأن في هذا الوطن الكثير من الشرفاء الذين هم على استعداد للتضحية من أجل عزة وكرامة وطنهم وأهله".