لطالما كان حدوث الهزّات الأرضية أمراً عادياً في ​لبنان​ ويمرّ مرور الكرام، خصوصاً وأن بلادنا تقع في منطقة ​زلزال​ية معرّضة لحصول هزة أو زلزال في أي وقت، ولكن ما حدث في منطقة ​زحلة​ مؤخّراً وما سبقه في ​كسروان​ ليس أمراً عادياً أو على الأقلّ لا يُمكننا عدم التوقف عنده.

في السادس من شباط من العام الجاري بدأت منطقة البحر الأبيض المتوسط تعيش واقعاً مختلفاً تماماً نتيجة حدوث الزلزال المدمّر الذي أودى بحياة آلاف الناس في تركيا وسوريا، في ذلك اليوم إهتزّت المنطقة برمّتها نتيجة تحرّك الفوالق الزلزاليّة. إذا، الصفائح تحرّكت جميعها، ولكن وبحسب الخبير الجيولوجي ​طوني نمر​ عادت الأرض الى ما قبل السادس من شباط 2023.

وإذا كانت عادت الى طبيعتها، فهذا لا يعني أن خطر حدوث زلزال أصبح معدوماً، خصوصا إذا كانت الأعمال التي يقوم بها الانسان هي التي ستؤثر على الفوالق.

طبعاً ليست قصة المقالع والكسّارات بالحديثة فعمرها مئات السنين، وطبعا من يسمع عن ارتباط بينها وبين الهزّات الارضيّة لا يمكن أن يفهم ذاك الترابط، ولكن فعليا ما حصل في زحلة مؤخرا وما سبقه في كسروان يستحق التوقّف عنده، فقد تبعت عملية التفجيرات في الكسّارات هزّة أرضيّة بقوّة 3 درجات على مقياس ريختر. وفي هذا السياق يلفت الخبير الجيولوجي طوني نمر الى أنّ "الصورة التي رأيناها للحفرة في زحلة نتيجة التفجير غير مقبولة، وهي مفعلياً على أسفل حائط الفالق".

يشرح نمر عبر "النشرة" أنّ "الفالق هو عبارة عن بلوكين صخريين، الأول يشدّ لجهة الشمال والثاني يشدّ بالإتجاه المعاكس لجهة اليمين"، لافتا الى أنّ "لهزة تحصل عندما لا يعود الفالق قادرا على تحمل كل هذا الشدّ فيتحرّك. وعندما يقومون بالتفجير في منطقة تقع على الفالق نكون نخفّف من قوّته وبالتالي حكما الفالق سيتحرك"، مشيرا الى أنّ "الخطر الجدّي من حدوث زلزال موجود عبر التاريخ والفوالق الزلزالية الموثّقة بأنّها متحركة عبر التاريخ لا نريد المسّ بها، خصوصا مع وجود تسجيلات زلزالية قرب الفوالق".

لا شكّ أن المقصود ليس المسّ بأصحاب الكسّارات أو المقالع، حسب ما يؤكد نمر، ولكن يشير في نفس الوقت الى أنّ "الاستمرار بالاعمال وخصوصا التفجيرات في تلك الاماكن دقيق وخطير"، لافتا الى أن "الفالق وفي كلّ مرّة كان يحصل تفجير يتحرّك! فهل نبقى ونستمرّ بالأعمال التي نقوم بها الى أن يتسبّب في إحدى المرّات بزلزال كبير يطيح بالجميع وليس بهزّة كتلك التي حصلت في زحلة نتيجة الكسارات والتفجير"؟!.

في المحصّلة سواء أعجبنا أم لا، سواء صدّقنا أم لا نصدق، من واجبنا أخذ الحيطة والحذر بعد الذي حصل في السادس من شباط، ولكن من المؤسف أن نصلّي ونتضرع الى الله أن يبعده عنا ليأتي الإنسان ويخرّب ربّما عن قصد او غير قصد، وبالتالي "لا سمح الله" سيكون سبب الزلزال في لبنان عندها من الأعمال البشريّة وليس الطبيعة!.