على وقع حالة الاستعصاء الرئاسي، التي عبرت عنها نتائج زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي ​جان إيف لودريان​ الثانية إلى بيروت، بإنتظار ما قد يحصل قبل موعد ​الحوار​ المفترض في شهر أيلول المقبل، برزت إلى الواجهة المعلومات عن تقدم حصل على مستوى الحوار بين "​حزب الله​" و"​التيار الوطني الحر​" في هذا الملف.

هذا التقدم، عبر عنه بشكل واضح رئيس التيار ​جبران باسيل​، عبر فتح باب التسوية على الإسم الذي يتبناه الحزب، أي رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​، مقابل الحصول على مطلبين أساسيين، الأول هو اللامركزية الموسعة أما الثاني فهو الصندوق الإئتماني.

وبانتظار معرفة مصير هذا الحوار بين الجانبين، فإن الكثير من الأسئلة بدأت تطرح حول إمكانية أن ينجح التيار في الحصول على المطلبين من الحزب، حيث تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن العديد من الجهات في قوى الثامن من آذار، التي لديها مواقف مسبقة من المطلب الأول، قد لا توافق على دفع هذا الثمن، لا سيما أن "الوطني الحر" يطلب الإقرار الفوري عبر قوانين تقر في المجلس النيابي.

إنطلاقاً من ذلك، تعتبر هذه المصادر أن موافقة "حزب الله" على "الثمن" الذي يريده التيار قد لا تكون كافية على هذا الصعيد، حيث الأمور تحتاج إلى تسوية شاملة مع قوى الثامن من آذار، على أن تنضم إليها جهات سياسية أخرى، لضمان تمرير الأمر في جلسة تشريعية تعقد في المجلس النيابي، وهو ما قد تعتريه العديد من الصعوبات.

من الناحية العددية، هناك من يرى أن موافقة "الوطني الحر" على تبني ترشيح رئيس تيار "المردة"، قادرة على توفير العدد اللازم من الأصوات لانتخابه رئيساً للجمهورية، أي 65 صوتاً، ولذلك تكبر الرهانات التي تعلق على هذا المسار في الوقت الراهن، إلا أن الأمور ليست بهذه البساطة.

في هذا السياق، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن التفاهم بين الجانبين قد يمثل ضربة كبيرة للكتل المعارضة، التي كانت قد تقاطعت مع التيار على تبني ترشيح الوزير السابق ​جهاد أزعور​، نظراً إلى أن هذا التقاطع سيفقد، بالحد الأدنى، 14 صوتاً مؤيّداً لخياره، من المرجح أن تذهب لصالح المرشح المنافس، أي فرنجية، ما يعني تعزيز أوراق قوة الأخير.

بالإضافة إلى أهمية هذا التحول على مستوى الأرقام، توضح المصادر نفسها أن رئيس تيار "المردة"، في حال حصوله على دعم "الوطني الحر"، سيكون قد ضمن غطاء كتلة نيابية مسيحية وازنة، الأمر الذي كان يفتقد إليه منذ بداية الإعلان عن ترشيحه، لا بل كان من الأسباب التي يتم الإستناد إليها في معارضته، على قاعدة أنه لا يحظى بالتمثيل الوازن في البيئة المسيحية.

على الرغم من ذلك، تشير هذه المصادر إلى نقطة جوهرية ينبغي التوقف عندها، تكمن بالخطوات التي من الممكن أن تذهب إليها القوى المعارضة لترشيح فرنجيّة، على إعتبار أنه ليس من السهل تصور أن تسهل هذه المهمة، عبر تأمين نصاب جلسة الإنتخاب، أي حضور 86 نائباً، خصوصاً أن قوى الثامن من آذار كانت قد ذهبت إلى إستخدام سلاح "التعطيل" أكثر من مرة، وبالتالي هي على الأرجح سترد بالطريقة نفسها.

في المحصلة، التفاهم بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، في حال حصوله، يعزز أوراق ترشيح فرنجيّة، لكنه لا يعني توفير الظروف المناسبة لانتخابه، نظراً إلى أن الأمر يتطلب ما هو أبعد من ذلك، لا سيما أن الوصول إلى قصر بعبدا، كما بات معلوماً، يتطلب تسوية ذات خلفيات محلية وخارجية.