في الأيام الماضية، سرقت التطورات الأمنية في مخيم عين الحلوة، بالإضافة إلى المخاوف من تدهور مالي بعد إنتهاء ولاية الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، الأضواء من الملف الرئاسي، ما يعكر الأجواء التي تلت زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي ​جان إيف لودريان​، لناحية أن "الجمود" سيكون هو سيد الموقف خلال شهر آب، لا سيما أنه يمثل شهر "الإجازات" على المستوى الدبلوماسي.

في الكواليس، هناك من يتحدث عن تطورات من الممكن أن تتسارع، في الفترة المقبلة، يكون لها تداعياتها على إنطلاقة شهر أيلول، الذي من المفترض به، بحسب الطرح الفرنسي، أن يشهد إنطلاقة حوار بين الأفرقاء اللبنانيين حول ​الإستحقاق الرئاسي​، لكن من الناحية العملية ليس هناك ما يوحي بأن هناك تطورات نوعية على مستوى مواقف الجهات الفاعلة، سواء كانت داخلية أم خارجية.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه على المستوى الداخلي لا تزال القوى الداعمة لترشيح رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ مصرة على الإستمرار به، لا سيما أنها تراهن على إمكانية حصول تحوّل في موقف "​التيار الوطني الحر​"، بعد عودته إلى الحوار مع "​حزب الله​"، وهو ما كان قد ظهر من خلال المواقف التي أطلقها رئيسه النائب جبران باسيل في الأيام الماضية، وبالتالي بعد الوصول إلى هذه المرحلة ليس هناك ما يستدعي منها التراجع، بغض النظر عما إذا كان هذا الحوار سيصل إلى نتائج عملية أم لا.

في المقابل، تلفت المصادر نفسها إلى أن القوى المعارضة، التي على ما يبدو تنتظر ما قد يحصل لدى الفريق الآخر من تطورات بسبب عدم قدرتها على الذهاب إلى أي مبادرة جديدة، لم تخرج من دائرة الدعوة إلى جلسات إنتخاب متتالية، مستندة إلى ما كان قد ورد في بيان إجتماع اللجنة الخماسية الذي عقد في الدوحة، على قاعدة أن هذا الأمر سيظهر قوى الثامن من آذار في موقع المعرقل، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، يتعلق بإمكانية أن تعكس أي جلسة جديدة إستمرار "التقاطع" على ترشيح الوزير السابق ​جهاد أزعور​.

بناء على ما تقدم، لا يزال الجميع ينتظر ما قد يحصل في الفترة الفاصلة عن موعد عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي، أو إعلان الجانب الفرنسي عن نتائج الطرح الذي كان قد عاد به لودريان في زيارته الثانية، وسط تأكيدات بأن الأمور ستكون مرهونة بتطور كبير على المستوى الداخلي، أو بحصول تحول في المعطيات الإقليميّة، لا سيما على مستوى موقف الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية.

بالنسبة إلى مصادر نيابية متابعة، يبدو أن هناك توافقاً على منع إنفجار الأوضاع الداخلية بشكل كامل، إلا بحال حصلت تطورات غير متوقعة، حيث نجح الأفرقاء المعنيين في منع حصول تدهور كبير في سعر صرف الدولار بعد إنتهاء ولاية سلامة، بالرغم من عودة الخلافات والتي هي المدخل المناسب لتغطية إقتراض الحكومة من المصرف المركزي، بين من يريد أن يكون ذلك عبر مشروع قانون يقدم من مجلس الوزراء، ومن يسعى إلى أن يكون ذلك عبر إقتراح قانون يقدم من قبل مجموعة من النواب.

على المستوى الخارجي، تلفت المصادر نفسها إلى أن مواقف الجهات الخارجية المؤثرة لا تزال على حالها، كما هو واقع مواقف الأفرقاء المحليين المشار إليها آنفًا، حيث الأساس في ظل العجز الفرنسي، الذي كان قد ظهر في الأسابيع الماضية، هو في الموقفين الأميركي والسعودي، على إعتبار أن الدور القطري لن يتخطى السعي إلى رعاية حوار أو تسوية يوافق عليها الجميع، وتشير إلى أن الرسائل ​السعودية​ لا تزال تنحصر بالمواصفات، التي تضمنها بيان لقاء الدوحة، مع التشديد على رفض الدخول في لعبة الأسماء.

في المحصلة، تشدّد هذه المصادر على أنه في حال لم يحصل تطورات كبيرة، في الفترة الفاصلة عن بروز موقف من الطرح الفرنسي الأخير، فإن الرهان على حوار أيلول قد لا يكون مجدياً، على إعتبار أنه، في حال حصوله، لن يعكس إلا إستمرار الواقع الراهن على ما هو عليه، حيث سيذهب كل فريق للتأكيد على ما هو معروف مسبقاً من توجهات لديه.