خاض لبنان في الأيام القليلة الماضية معركة دبلوماسية بشأن التمديد لليونيفيل، عمل خلالها بطريقة مشابهة للأسلوب الذي اعتمده عشية ترسيم الحدود البحرية خريفَ العام الماضي، إذ كان التنسيق تاماً بين حكومة تصريف الأعمال ممثّلة برئيسها نجيب ميقاتي ووزير خارجيتها عبدالله بوحبيب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله، بمشاركة قيادة الجيش اللبناني، بحسب ما نقلت صحيفة "الأخبار".

وبحسب مصادر مطّلعة للصحيفة، فإن "القرار المتوقّع صدوره في مجلس الأمن غداً لم يسقط السطور التي تعطي القوة الدولية حرية الحركة في مناطق انتشارها، لكنه يتضمّن تسوية مع لبنان بالتأكيد على التنسيق بين القوات الدولية والحكومة اللبنانية، رغم أن الوضوح كان يقتضي الإشارة مباشرة إلى أن الحركة يجب أن تكون منسّقة مسبقاً مع الجيش اللبناني. والتنسيق مع الحكومة اللبنانية يريح قيادة القوات الدولية الموجودة على الأرض، والتي تخشى إلزامها بخطوات عملانية تؤدي إلى مواجهة مع سكان القرى الجنوبية، وتالياً مع المقاومة".

أضف إلى ذلك أن "عدداً من الدول والأطراف يدركون تماماً أن القرار لن يُقرّش ضمن المخطط الغربي الهادف إلى استخدام القوات الدولية في الجنوب لوقف تطور عمل المقاومة في مناطق جنوب نهر الليطاني. وقد سمع دبلوماسيون كبار في بيروت، بوضوح، أن أي تصرف مشبوه من القوات الدولية، استناداً إلى القرار سيواجه بغضب كبير من أهالي القرى الجنوبية".

وذكرت أنه "في انتظار عودة الوفد اللبناني لجلاء الصورة بشكل كامل، تجمّعت معطيات مقلقة عن طبيعة المفاوضات التي جرت في نيويورك خلال تواجد وزير الخارجية والوفد المرافق الذي ضم العميد منير شحادة ممثلاً للجيش وزياد ميقاتي ممثلاً لرئيس الحكومة ومندوبة لبنان في الأمم المتحدة جان مراد، إذ يبدو أن الأمور لم تسر كما كان مفترضاً".

وكان لافتاً بحسب صحيفة الأخبار أن "مندوبي الدول الداعمة للمطالب اللبنانية طالبوا بوضوح لبناني تام، فيما عمل الجانبان الأميركي والبريطاني على ممارسة التهويل على الوفد اللبناني والتهديد بعواقب معاندة قرارات المجتمع الدولي. ووصل الأمر بالمندوب البريطاني، الأكثر وقاحة في الدفاع عن العدو، إلى التهديد بأن رفض لبنان الصيغة الأولى، سيدفع مجلس الأمن إلى استصدار قرار يعتبر فيه أن لبنان "مخطوف من قبل منظمة إرهابية هي حزب الله"، والدعوة إلى معاقبة الحكومة اللبنانية على عدة مستويات. لكن وصل إلى هؤلاء كلام يفيد بأن لبنان ليس في وضع ضعيف يضطره للقبول ببقاء النص كما صدر العام الماضي".

وبحسب معلومات "الأخبار"، فإن الاتصالات الأساسية كانت تجري في بيروت أيضاً مع ممثلين عن دول أعضاء في مجلس الأمن، وقد تضمّنت تبادلاً للأوراق في الوقت الذي كان الفريق اللبناني في الأمم المتحدة يشدد على مطالب لبنان.

وكشفت الاخبار أن "عد أيام من الأخذ والرد، ورفع العدو من مستوى الضغوط على المعنيين في الأمم المتحدة، وتهديد الولايات المتحدة وبريطانيا لبنان بعواقب إن لم يوافق على قرار التجديد كما يرغبون به، عاد الجانب الفرنسي وأمّن التوصل إلى صيغة تفرض على العدو وحلفائه الأخذ بالمطالب اللبنانية، واعتماد صياغة تتيح للجميع الخروج من المعركة بصيغة رابح – رابح".

هوشكتاين في بيروت اليوم

في سياق آخر، يصل إلى لبنان، اليوم، الموفد الأميركي الرئاسي عاموس هوكشتاين لمتابعة بدء عمليات التنقيب في البلوك الرقم 9، وعرض إدارة وساطة جديدة تستهدف إنهاء ملف الحدود البرية الجنوبية.

وبحسب مصادر مطّلعة لصحيفة الأخبار، سيُعقد اجتماع موسّع اليوم في مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال سيبلّغ خلاله ميقاتي الضيف الأميركي بأن لبنان لا يعتبر أنه يدخل في مفاوضات لترسيم الحدود، وأن ما يريده هو أن تلزم الولايات المتحدة إسرائيل بالانسحاب من كل النقاط التي بقيت تحت الاحتلال، و"ما يجري لا يتجاوز حدود إظهار الحدود الدولية كما كانت عليه قبل قيام كيان الاحتلال".

وكان قد أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في تصريح له أمس أن هوكشتاين سيلتقي رئيس مجلس النواب نبيه برّي ونجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون لمواكبة بدء أعمال التنقيب في البلوك الرقم 9 واستخراج الغاز، وأن الهدف الثاني من زيارته "العمل على ملف تثبيت النقاط السبع العالقة في الحدود البرية المرسّمة بالنسبة إلينا. وهو سيزور أيضاً الأراضي المُحتلة لتسهيل عمل اللجنة التقنية بإشراف الجيش». وقال بو صعب إن «موقف لبنان واضح بأن النقطة B1 محسومة منذ عام 1923 ونتمنى أن ينجح في إيجاد حل للنقاط البرية العالقة كما نجح في ترسيم الحدود البحرية".

ولفت بو صعب إلى أن الموفد الأميركي "سيُساعد في ملف الغاز المصري، وستعطي الإدارة الأميركية جوابها في بداية أيلول للبنك الدولي بشأن قرض الغاز المصري للبنان، بعد النقلة النوعية المشجّعة في كهرباء لبنان وتحسين الجباية فيها، ما أعطى أملاً بزيادة ساعات التغذية".