لفتت "الاخبار" الى انه خلال شهر آب الجاري، أوقف الجيش اللبناني سبعة آلاف سوري أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي اللبنانية عبر الحدود الشمالية. الرقم الضخم، في شهر واحد، يقابله دخول مئات، وحتى الآلاف، يومياً عبر الشريط الحدودي الشمالي، حيث توجد مناطق شاسعة مفتوحة بين البلدين تصعب مراقبتها، وفي ظل وجود شبكة من مافيا المهرّبين على جانبَي الحدود، على عكس السلسلة الشرقيّة حيث ينتشر الجيش بكثافة مزوّداً بكاميرات مراقبة. اللافت أن معظم المتسلّلين هم من فئة الشباب، على عكس ما كانت عليه الحال في بداية الحرب السورية عندما كانت غالبية النازحين من العائلات. من أوقفهم الجيش زعموا أنهم قدموا إلى لبنان هرباً من الأوضاع الاقتصادية أو بنيّة الهرب بحراً بطرقٍ غير شرعيّة إلى أوروبا قبل بدء فصل الشتاء. فيما لم تخف مصادر متابعة مخاوفها من أن يكون بين المتسلّلين مكلّفون بعمليات رصد أو ربما بمهمات أمنية. وتضاف إلى هَمّ الحدود البرية، الحدود البحرية الممتدة من شاطئ العريضة حتى البترون وجبيل، حيث يوقف الجيش يومياً قوارب مُعدة للهجرة على الشاطئ الشمالي، خصوصاً في عكار والمنية.

ورغم ربط كثيرين بين ارتفاع أعداد العابرين وتصاعد الحصار الاقتصادي على سوريا وتفاقم الظروف المعيشية من جهة، وبين الرغبة في المغادرة عبر البحر من جهة أخرى، تعرب فاعليات في المنطقة عن القلق من موجة الهجرة المستجدّة، متسائلة عمّا إذا كان كل العابرين يقصدون المغادرة عبر البحر أم أن بينهم من يبقى في لبنان لأسباب مشبوهة؟

ولفت أحد فاعليات وادي خالد إلى أن معظم الوافدين ليسوا من المناطق الحدودية أو ممن اعتادوا العبور إلى لبنان كل مدة بهدف إجراء بصمة العين أو للحصول على تقديمات الأمم المتحدة، بل هم في غالبيتهم وجوه جديدة، ومعظمهم من إدلب ودير الزور والسويداء ودرعا، عازياً ذلك إما إلى مخاوف من مشكل أمني يتم التحضير له في سوريا، أو هرباً من الغلاء والأزمة الاقتصادية الخانقة. غير أنه يشير إلى أن "أخطر المتسلّلين هم الآتون من الريف الشمالي في إدلب ومن دير الزور والقامشلي"، إذ إن "معظم هؤلاء مطلوبون يتسللون عبر الحدود ويجولون في مختلف المناطق من دون أي رقابة، ولا يُستبعد أن يكون بعضهم مكلّفاً بالقيام بعمليات رصد أو ربما حتى عمليات أمنية".

العميل ريشا في قبضة الأمن العام

لا يكاد يمرّ يوم، من دون أن تعتقل الأجهزة الأمنية اللبنانية عملاء للعدوّ الإسرائيلي جرى تجنيدهم لجمع معلومات أو للقيام بأدوار تنفيذية، أو حتى لمجرد تسجيل نقاط ضد المقاومة اللبنانية والأجهزة الأمنية اللبنانية في الحرب الأمنية المفتوحة، وذلك بحسب صحيفة "الاخبار".

واوضحت بان العميل بسام ريشا أحد الذين سقطوا في فخّ التعامل، وقبض عليه الأمن العام اللبناني في 22 شباط الماضي، بعدما أظهرت متابعته تورّطه مع العدو الإسرائيلي في جمع معطيات حول مواقع ومسؤولين في حزب الله ومسؤولين أمنيين رسميين وقاعدة للجيش اللبناني في جونيه، إلى جانب مهام تنفيذية أخرى.

وافادت انه لا يمتاز ريشا، على الأقل بما اعترف به حتى الآن، عن غيره من عملاء جمع المعلومات بكثير. إلّا أن أخطر ما في ملفّه أنه اعترف بلقاء مشغّليه، وعلى مدى سنوات، داخل لبنان، وفي منطقة جونيه ومحيطها تحديداً. وأظهرت التحقيقات أن مشغّلي ريشا كانوا يتنقّلون بأريحية داخل الأراضي اللبنانية وعلى فترات طويلة. والأغرب في الملفّ، هو عدم اعترافه بأيّ من النشاطات التي سئل عنها في مرحلة ما بعد عام 2015، الأمر الذي لم يقنع المحقّقين، علماً أن ريشا بات في عهدة القضاء العسكري الذي طلب في 31 أيار 2023 توقيفه بتهمة التعامل مع العدو.

وذكرت بانه في حالة العميل ريشا، يتطلّب الأمر توسّعاً في التحقيق لفهم الظروف ومعالجة الأسباب التي تعطي هامش الحرية والحركة لخلايا العدو الإسرائيلي في الداخل اللبناني. وهو العميل الأول الذي يتحدث عن تواصل مباشرٍ بينه وبين عملاء ومشغّلين على الأراضي اللبنانية.

الصمد يحذّر

في هذا الإطار، اوضح رئيس لجنة الدفاع النائب جهاد الصمد في حديث إلى "الجمهورية"، باننا "وصلنا الى مرحلة الضوء البرتقالي، فالذي يبقي البلد قائماً حتى الآن هو انّ الحدّ الأدنى من الأمن ما زال متوافراً. كل القطاعات والمؤسسات تعاني وكذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية تعاني، ورغم ذلك تقوم بواجباتها في السهر على أمن وأمان اللبنانيين، ولكن هذا الوضع لا يمكن ان يستمر، حيث انّ ثمة احتياجات ضرورية وملحّة ينبغي تأمينها لهذه الاجهزة والقطاعات الأمنية وفي مقدّمها المؤسسة الأم اي الجيش اللبناني، وما لم نسارع الى تدارك الامر ونتجنّب الخطر، لن تكون نتيجتها سلبية على تلك المؤسسات فقط، بل انّ لبنان ككيان، ولبنان بكل اطيافه وفئاته، وجميعنا من دون استثناء في خطر".

واكّد الصمد "انّ المخرج الوحيد هو توفير الاعتمادات اللازمة لتمكين المؤسسات الامنية والعسكرية من الاستمرار في القيام بواجباتها، وهذا الامر ليس صعباً، إذ انّه في ظلّ واردات الدولة التي يُفترض انّها بدأت تتحسن بعد تعديل سعر الدولار الجمركي، وبعد الإجراءات التي اتخذتها الدولة، يمكن تأمين احتياجات هذه المؤسسات، عبر اقتراح قانون معجّل مكرّر تتبنّاه كل الكتل النيابية والتوجّهات السياسية، وتقرّه الهيئة العامة لمجلس النواب في اسرع وقت ممكن، بما يوفّر الاعتماد الإضافي اللازم لتأمين الحدّ الأدنى من الاحتياجات الضرورية لتلك المؤسسات، والحفاظ بالتالي على أمن المواطن والمجتمع. واتوجّه الى الجميع قائلاً: لم ندخل حتى الى مرحلة الخطر والأجهزة الامنية والعسكرية تقوم بواجباتها، لكنها لا تستطيع ان تستمر من دون ان تُوفّر لها احتياجاتها الضرورية. من هنا، فإنّ أمن لبنان، كل لبنان في خطر إن لم نتداركه قبل فوات الأوان".