كم نحتاج اليوم في لبنان، إِلى التربية على القيم. وكم أهملناها حتى انكشف الانحطاط الخلقي الذي نحن الآن في أَدنى دركاته... في زمن "المساعدة عن بعد"، و"العشق عن بعد"… والتَّعبير عن العواطف النبيلة "عن بعد"… وتقديم واجب العزاء "عن بعد"… ومواساة الحزانى "عن بعد"… وهو إِلى ذلك كلِّه… زمن "التعلم التعجيزي عن بعد، بحكم الإنترنت اللا متعافي كخدمة تقنية تواصلية، والبعيد عن متناول اليد كفاتورة مُدولرة!.

ووسط هذه المشهدية، تبرز المعضلة الآتية: كيف يُمكن "توليف" الأُمور التربوية، لتأخذ في الاعتبار:

*إيجاد نشاط تربوي، يُعزز لدى المتعلم القيم وسُلم المواضيع الخُلقية من ناحية...

*ويعيد شبك أسلاك العلاقات الاجتماعية السليمة من جهة أخرى...

*كما ويُذكر المُتعلم بأن ثمة دورا له في المُجتمع، على قدر عزمه، عليه أن يُدرب نفسه للتمرس به!.

تضحيات المُربين

من المُتعلم الذي بات –في المنهجيات الحديثة–محور التربية، إلى المُعلم–المُنشط والموحي والمُحفز... يمتد جسر "الصُعوبات"... وننتقل تاليا إلى مشهد تعجيزيّ، مع وجود مربين في لبنان، قد ضحوا وأَعطوا بسخاء، وهم على استعداد للمضي في ذلك حتى الرمق الأَخير… وينظر إليهم في أيام الشدائد والصعوبات، على قاعدة أنهم من ذوي "الفانوس السحري"، وبهم يضرب المثل الشعبي القائل "من يشرب البحر لن يغص بساقية"... ولا بد من الإقرار، بأن المعلمين قد ضحوا بما فيه الكفاية، من غبن ولا عدالة اجتماعية وهضم للحقوق…

وهنا تستحيل المُعضلة سَيْلا من التحديات التربوية ومنها:

*كيف يُمكن تعزيز قُدرات المُتعلمين ومهاراتهم، وكذلك تنمية مواهبهم وثقل شخصيتهم، وسط كُل هذه الظُروف غير المُساعِدة؟.

*كيف يُمكن مساعدة المُتعلمين في اكتشاف مَواهبهم الشخصية والاجتماعية؟.

*كيف السبيل إلى تعزيز الثقة بالنفس لديهم؟.

*كيف يُمكن تعزيز المَواهِب الفنية، كما والتعبيرية في شكل عام؟.

*ما السبيل إلى إِدراك أهمية أن يتشارك المتعلمون في الأَفراح والمناسبات المدرسية، وأن يتقبلون الآخر كما هو، ويسعَون إِلى الخير دوما؟.

*كيف يمكن التمرس في تحمل المسؤولية، وتعزيز روح القيادة والمشاركة على حد سواء؟

*كيف نُعزز لديهم إدراك أهمية الانتماء إلى المدرسة والحياة المشتركة؟، وأهمية التعاون والعمل الفريقي لتحقيق الأهداف النبيلة؟.

*ما هو دورنا، كمُربين، في إدراك مسؤلوية الفرد في نشر الوعي في مجتمعه، واستخدام أفضل الوسائل المُتاحَة (حل المُعضِلات)، والرُكون إلى وسائل التواصُل الاجتماعي، والاستخدام الإيجابي والبناء للتكنولوجيا؟.

*هل بات المُتعلمون يُدركون أهمية الخير، والجمال وتقدير الفن واكتشاف مواهب الله فينا، وأهمية الفن في حياة الإنسان كما وفي رقي المُجتمعات؟.

*هل مِن نشاط يضمن تربويا، تعزيز تداخُل المَواد التعليمية وغير التعليمية (Integration)؟...

*كيف يُمكن استحداث طريقة أُخرى لقياس مُكتسبات المُتعلمين، انطلاقا من نشاط تربوي ميداني وتطبيقي؟ وما المانع مِن أن تشكل هذه الوسيلة القياسية مثلا، نسبة 40 % مِن مجموع العلامة في المادة المَعنية، وتكون تحت مُسمى "عمل تطبيقي" أو رُبما أي تسمية هادفة أخرى؟.

إنها بحر من الأسئلة الجديرة بمحطات طويلة من التفكر... على أبواب السنة الدراسية الجديدة، وفي خضم التحضيرات لها!.