لا شكّ أن السكوت عن موجة النزوح السوري الجديدة، التي بدأت باتجاه لبنان مؤخراً، بات صعباً لا بل "خطيرة" إذا صحّ التعبير. فلبنان، الذي يعاني من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بعد 17 تشرين الأوّل 2019، يواجه خطراًوجودياً فعلياً، يتركز بدخول آلاف السوريين بطرق غير شرعيّة، بسبب الاقتصاد المتدهور وانهيار العملة السورية وغيرها...

في اللقاء التشاوري الذي عقد في السراي الحكومي، عرضت تقارير أمنية خطيرة لا بل وخطيرة جداً عن موضوع الوجود السوري والنزوح الجديد الحاصل باتجاه لبنان، واللافت أنه بعد زمن طويل هناك إدراك لخطر الملف وأكثر من ذلك هناك يقين بأن هناك ما يحضّر للبلد. على حدّ تأكيد وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، الذي لفت عبر "النشرة" إلى أنه بات هناك "نقزة" من الموضوع، و"لكن هل تترجم على المستوى الميداني؟ علينا أن ننتظر ونرى".

رفض توسيع خزانات المياه

ليس جديداً "القتال الشرس" الذي يخوضه الوزير في قضية النزوح، وهو الذي كان رأس حربة فيه، مشدداً على ضرورة ايقاف تلك الموجة والعمل على اعادة النازحين إلى بلادهم. اليوم يؤكد أننا "نعمل للضغط على المؤسسات المحلية والدولية، ومع الدولة وتحديداً الوزارات لمعالجة هذا الخطر، وكوزارة شؤون اجتماعية وفي اطار غير الموقف السياسي نعمل على موضوع النازحين، أما الجدد منهم اتخذنا قراراً بعدم ادخالهم إلى المخيمات، كما وعدم توسيع خزانات المياه في المخيمات، لأن هذا يعني المساعدة على استقبال لأعداد جديدة وهذا ما لا نريده".

كذلك يشير حجار إلى أن "هناك تنسيقاً مع الوزارات ومع البلديات، ومتابعة أمنية، لمعرفة من هم وأين يتواجدون والتنسيق يتم مع القوى الأمنية لضبطهم".

ينهي الوزير حجار الحديث بالقول "هناك مرجعية دولية تشجّع على دخول السوريين إلى لبنان، وعلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ونظراً لخطورة ما يحدث، أن يطلب حضوري وحضور وزير الخارجيّة عبد الله بو حبيب وحضور تلك المرجعية، ويضع النقاط على الحروف البارحة وليس اليوم أو بعد شهر، وفي هذه الجلسة الدبلوماسية، التي يفترض أن تكون فيها اللهجة عالية، يتم تحديد ما يجب أن يحدد".

اعادة 8500 نازح بشهر

في مقابل هذا، يتحدث محافظ عكار عماد لبكي عن "هجمة" غريبة وكبيرةللسوريين إلى لبنان، مشيراً إلى أنه "خلال التحقيق معهم تبيّن وجود "عصابات" تعمل على تهريبهم من بلدهم إلى لبنان ومن ثمّ الى البحر، أو تحديداً إلى الباخرة، للخروج إلى دول أخرى".

ويشرح أنه "لا يوجد حلول كثيرة لدى القادمين، فإما يصل ويدخل إلى المخيم خلسة وينتظر ليرى كيف يسوي وضعه، أو يسلك طريقاً آخر الا وهو من سوريا إلى لبنان ثم البحر، أو إذا كان في منطقة حدودية عندها ينزل إلى بيروت ويقطن لدى أحد أقاربه بانتظار تسوية وضعه"، مشيراً إلى أننا "في الشهر الماضي أعدنا إلى سوريا ما يقارب 8500 نازح، دخلوا بطريقة غير شرعية"، متحدثاً عمّن يبتكر أساليب، كمساعدتهم على الاختباء لعدم ترحيلهم أو غيره".

دور الجمعيات

رُغم هذا كلّه تستمرّ الجمعيات بتقديم المساعدات للنازح، ومنها UNHCR ومؤسسات أخرى شريكة لها. هذا ما يؤكده رئيس كاريتاس الأب ميشال عبود، لافتاً عبر "النشرة" إلى أن "المساعدات التي تأتي للنازح من جهات مانحة خارجية أولها UNHCR لديها شركاء ومنهم كاريتاس".

ويرد الأب عبود على الانتقادات التي توجّه إلى الجمعيات التي تساعد النازحين لأنّها تكرّس بقاءهم في لبنان، بالقول "نحن كجمعية القرار ليس لنا بدخول او خروج أي نازح سوري، ونتبنى اليوم قبل الغد عودتهم إلى بلادهم ونرفض أن نشارك في أيّ "أجندة" خارجية للتوطين أو البقاء، ولكن أين المسؤولين في الدولة ليتحركوا ويعملوا على هذا الأمر؟ فليؤخذ هذا القرار وتمنع كل الجمعيات من تقديم المساعدات"، وأردف بالقول، "اذا كانت الشراكة مع UNHCR تمنع النازحين السوريين من المغادرة فلنوقفها".

إذاً، لا يُمكن غضّ النظر عن دخول جحافل النازحين الى لبنان، والسؤال الذي يطرح نفسه هل يتحرك المعنيون قبل فوات الاوان؟!.