في الأسابيع الماضية، تحديداً قبل عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "حماس"، كان الجميع في ​لبنان​ ينتظر المواقف الدوليّة، لمعرفة مصير الإستحقاق الرئاسي، لا سيما أن هذا الملف كان قد خرج من أيدي الأفرقاء المحليين، إقتناعاً منهم بأنّ الحلّ لن يأتي من الداخل، بل سيكون مرتبطاً بالتطورات على الساحة الإقليمية.

بعد "طوفان الأقصى"، باتت الساحة اللبنانيّة هي الأكثر أهميّة، بعد ​قطاع غزة​، حيث الجميع يسأل عن إحتمالات دخول "​حزب الله​" على خط المعركة، خصوصاً أن التصعيد الإسرائيلي يوحي بأن تل أبيب ذاهبة إلى مواجهة مفتوحة مع "حماس"، بعد أن نجحت في الحصول على تأييد واسع من قبل الدول الغربيّة، نتيجة الحملات الإعلاميّة الواسعة التي قامت بها، كمقدّمة لتبرير ما قد تقوم به من خطوات.

إنطلاقاً من ذلك، تتوقف مصادر متابعة، عبر "النشرة"، عند حجم الإهتمام بالجبهة الجنوبيّة، حيث تشير إلى أنّ الجميع يسلم بمعركة كبرى سيشهدها قطاع غزة، على إعتبار أنّ تل أبيب لا يمكن أن تتجاوز بسهولة الضربة التي تعرّضت لها، سواء كان ذلك في الشكل أو في المضمون، لكنها في المقابل تخشى أن تجد نفسها أمام مواجهة متعدّدة الجبهات، بسبب عدم قدرتها على تحمل ذلك.

وتلفت هذه المصادر إلى أنّه منذ اليوم الأول توالت الإتصالات الدبلوماسيّة مع العديد من الأفرقاء اللبنانيين، الرسميين وغير الرسميين، للوقوف على ما قد يقوم به "حزب الله" على هذا الصعيد، إلى جانب نقل تهديدات وتحذيرات من "التورّط" في هذه الحرب، إلا أنّها لم تنجح في الوصول إلى نتائج حاسمة، خصوصاً بعد المناوشات التي شهدتها الجبهة الجنوبيّة في الأيام الماضية، مع العلم أنّها لم تخرج عن الإطار المتوقع.

بناء على ذلك، ترى المصادر نفسها، أن المواقف الأميركية التصعيدية، التي صبت في إطار توجيه رسائل مباشرة إلى الحزب، جاءت على قاعدة أنه سيجد نفسه في مواجهة مباشرة مع ​الولايات المتحدة​، في حال قرر الإنخراط في الحرب، في سياق السعي إلى زيادة الضغوط لمنعه من الذهاب إلى أي خطوة تصعيدية، والتي كان أبرزها ما نقل عن رسالة أميركية وجهت إلى تل أبيب للإهتمام بالجبهة مع "حماس"، على أن تتولى واشنطن الجبهة مع "حزب الله".

حول هذا الموضوع، ترى المصادر المتابعة أنّ هذه الرسالة، من الناحية العمليّة، تبدو غير واقعيّة، لأن الولايات المتحدة لن تكون في وارد الدخول المباشر على خط الحرب، بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك في أكثر من ساحة، حيث تعتبر أنها رسالة دبلوماسيّة أكثر مما هي إستعداد عسكري للدخول في قلب المعركة، بالرغم من حضورها القوي في التحضيرات التي تقوم بها تل أبيب في الوقت الراهن.

بالنسبة إلى هذه المصادر، كل ما يحصل لا يزال ضمن السقف المتوقع، الذي لا يوحي بإمكانية خروج الأمور عن السيطرة، على إعتبار أن الجميع، خصوصاً على مستوى الجبهة الجنوبية، يلتزم بقواعد الإشتباك المعروفة، من دون أن يعني ذلك عدم إمكانية حصول تطور دراماتيكي في المرحلة اللاحقة، لكنها تشدّد على أن الأمر مرتبط بمعادلات من الصعب تحقيقها على جبهة غزة.

في المحصّلة، ما تدعو المصادر نفسها إلى التوقف عنده، هو حجم الإهتمام الدبلوماسي بالساحة اللبنانيّة، الّذي يصبّ في إطار منع الذهاب إلى مواجهة شاملة على مستوى المنطقة، بالرغم من الإعتراف الغربي بـ"حقّ" تل أبيب بتوجيه ضربة كبيرة لـ"حماس"، حيث ترى أنه يرفع من نسبة إحتمال عدم خروج الأمور في الجبهة الجنوبيّة عن السيطرة، بالرغم من التهديدات التي تتصدر المشهد.