في بداية الأسبوع الماضي، كانت "النشرة" قد تحدثت في تقرير بعنوان: "الملف الرئاسي ينتظر نتائج حرب غزة: إستحقاقات تحتاج إلى الحسم"، عن مجموعة من الملفات التي بات من الضروري وضعها على بساط البحث، نظراً إلى أن الواقع الحالي في ​قطاع غزة​ من الممكن أن يمتد لفترة طويلة، مع ما يعنيه ذلك من إستمرار إنشغال اللاعبين الدوليين والإقليميين المؤثّرين بالساحة ال​لبنان​ية بالأوضاع في الداخل الفلسطيني.

هذا الواقع، كان من الطبيعي أن يدفع الأفرقاء اللبنانيين إلى التحرك، كي لا يجدوا أنفسهم، في لحظة ما، أمام المزيد من التعقيدات التي يعجزون عن مواجهتها بالشكل المطلوب، لا سيما مع تزايد القلق من تطور الأوضاع على الجبهة الجنوبية، التي باتت تشهد توترات يوميّة، إنطلاقاً من المواجهات بين "​حزب الله​" و​الجيش الإسرائيلي​، التي لم تخرج عن قواعد الإشتباك التي تحول دون تحولها إلى مواجهة شاملة.

إنطلاقاً من ذلك، تقرأ مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، الحراك السياسي الذي يقوم به كل من الرئيس السابق لـ"الحزب التقدمي الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​ ورئيس "التيار الوطني الحر" ​جبران باسيل​، حيث تشير إلى أنّ العنوان الأساسي يبقى هو تحصين الواقع الداخلي، لتفادي أيّ توترات في حال حصول تصعيد كبير على مستوى الجبهة الجنوبيّة، وهو ما كان قد بدأ به جنبلاط، منذ بداية الحرب في قطاع غزة، ويسعى باسيل إلى توسيعه من خلال اللقاءات التي يقوم بها مع العديد من القيادات السياسية.

في هذا السياق، تؤكّد المصادر نفسها أن من الطبيعي الحديث عن أن التحصين الأفضل قد يكون الذهاب سريعاً إلى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، على أن يلي ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تكون على قدر التحديات التي قد تواجهها الساحة اللبنانية في الفترة المقبلة، لكنها تلفت إلى أن هذا الأمر غير ممكن في الوقت الراهن، خصوصاً أن هذه الساحة، بغض النظر عن حجم الدور الذي تقوم به على المستوى العسكري، هي جزء من الصراع الذي فرضته عملية "طوفان الأقصى" على مستوى المنطقة.

وتلفت هذه المصادر إلى أنه من الصعب تصور إمكانية تمرير تسوية من هذا النوع في لبنان، في حين أن الكباش الدولي الإقليمي، إنطلاقاً من الإنقسام حول الأوضاع في غزة، يتصاعد يوماً بعد آخر، حيث أن الولايات المتحدة تقود، الحرب من الجانب الإسرائيلي، بينما بات من الواضح حجم الإستنفار الذي دخلت فيه إيران، التي تقود التصعيدين الدبلوماسي والعسكري في الضفة المقابلة، وتضيف: "القلق المتصاعد من تطورات الأوضاع في جنوب لبنان صورة عن الكباش القائم في الوقت الراهن".

بناء على ما تقدم، قد يكون من الطبيعي البحث عمّا يمكن أن ينتج من الحراك الداخلي المتعدّد الأوجه، طالما أنّ الواقع الرئاسي خارج دائرة الحسابات، حيث بات من المرجّح أن يمتدّ الشغور إلى ما بعد الإنتهاء من الحرب في غزة، مع ما يعنيه ذلك من تداعيات على مستوى التوازنات الداخلية.

بالنسبة إلى المصادر السياسية المتابعة، هناك مجموعة من الملفات التي بات من الضروري البحث في كيفية معالجتها بأسرع وقت ممكن، الأمر الذي لا يمكن أن يحصل من دون أن تبادر مختلف القوى السياسية إلى تحمّل مسؤوليّاتها على هذا الصعيد، أبرزها كيفية التعامل مع إحتمال توسع رقعة الإشتباكات على الحدود اللبنانية، مع ما يعني ذلك من إمكانية حصول حركة نزوح كثيفة من القرى الجنوبية نحو باقي المناطق، الأمر الذي يتطلب الحدّ من الخطاب المتشنّج أو على الأقل حصره في حدود ضيّقة جداً.

بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر نفسها إلى وجود العديد من الإجراءات التي من المفترض أن تقوم بها السلطات المعنية في هذا المجال على كافة المستويات، خصوصاً على مستوى الخطط العملية لكيفية التعامل مع هذا الواقع، الذي من المفترض أن يأخذ بالحسبان أعداد النازحين السوريين الهائلة، الأمر الذي لا يمكن أن تتولاه حكومة تصريف الأعمال، في حال لم تحصل على غطاء لها، في ظل الظروف الإقتصادية والإجتماعية القائمة في البلاد.

في المحصّلة، تشدّد هذه المصادر على أنّ الملف الأكثر حاجة إلى المعالجة هو الواقع في قيادة الجيش، مع إقتراب موعد نهاية خدمة ​العماد جوزاف عون​ في بداية العام المقبل، حيث تؤكد ضرورة الوصول إلى إتفاق حول المخارج المتاحة على هذا الصعيد، بسبب الظروف الإستثنائية القائمة على مستوى لبنان والمنطقة، مشيرة إلى إتصالات جديدة في هذا المجال، من المفترض أن تنتج حلاً في وقت قريب.