حتى الساعة، لا تزال الكلمة الأولى والأخيرة، في الحرب ال​إسرائيل​يّة على ​قطاع غزة​، للميدان العسكري، في ظلّ الرفض الإسرائيلي، المدعوم من قبل ​الولايات المتحدة​، لأيّ إتفاق لوقف إطلاق النار، قبل أن تنجح تل أبيب في تحقيق "إنتصار" ما، يعيد لها صورتها "الردعية" التي فقدتها بعد عملية "طوفان الأقصى"، بسبب التداعيات التي من الممكن أن تترتب على ذلك.

على الرغم من ذلك، هناك بعض الأسئلة التي بدأت تُطرح حول مستقبل الأوضاع، على مستوى منطقة ​الشرق الأوسط​، بعد الإنتهاء من هذه الحرب، بينما الأهداف التي وضعت من قبل رعاة تل أبيب غير قابلة للتحقق، من حيث المبدأ، بسبب التوازنات التي فرضت من قبل اللاعبين الإقليميين والدوليين المؤثرين.

في هذا السياق، قد يكون السؤال الأساسي مرتبط بمستقبل الأوضاع في القطاع، الأمر الذي لا يمكن أن ينفصل عن النتائج التي ستفرزها هذه الحرب، حيث هناك من بدأ يطرح معادلة ألا يكون بإدارة "​حماس​"، أي أن يعاد تسليمه إلى السلطة الفلسطينيّة، بينما في المقابل من يعتبر أن "التسوية" المنتظرة قد تكرّس واقعاً جديداً، شبيه بذلك الذي نتج في الجنوب بعد عدوان تموز من العام 2006، لا سيما إذا ما نجحت الحركة في الصمود.

في مطلق الأحوال، تؤكّد مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أنّ كل الأمور ستكون مرهونة بما سيفرزه الميدان من معطيات، مع الإشارة إلى أنّ تل أبيب قد لا تكون قادرة على تحمل حرباً طويلة الأمد، بسبب الخسائر الإقتصاديّة التي تتكبدها والتبدّل في مواقف بعض الجهات الدوليّة، بينما لا يبدو أن لدى "حماس" ما تخسره، خصوصاً أن غزة تقع تحت الحصار منذ سنوات، وهذا الواقع كان من الأسباب الأساسية لتفجر الأوضاع.

على المستوى الأوسع، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ من المعادلات التي فرضتها الحرب عدم القدرة على حصر أيّ مواجهة تخوضها إسرائيل، في المستقبل، في جبهة واحدة، وهو الشعار الذي يرفعه محور المقاومة منذ سنوات، لكن تطبيقه العملي برز في الفترة الراهنة، من خلال العمليّات القائمة في لبنان وسوريا والعراق، بالرغم من وجود من يعتبر أن الأمور لم تصل بعد إلى المستوى الشامل، وبالتالي هو لا يزال في مرحلة "الإختبار".

بعيداً عن الوقائع العسكريّة، هناك أسئلة أخرى تطرح على مستوى المشاريع التي كانت تتجه لها المنطقة قبل "طوفان الأقصى"، حيث كان العنوان الأبرز التطبيع السعودي الإسرائيلي، الذي كانت تسعى إدارة الرئيس الأميركي ​جو بايدن​ للوصول إليه قبل الإنتخابات الرئاسية، إلى جانب مشروع الممر الإقتصادي الطموح الممتد من الهند إلى أوروبا، بالإضافة إلى المشاريع المتعلقة بالغاز في شرق المتوسط.

بالنسبة إلى المصادر المتابعة، الموقف السعودي من الأحداث الحاليّة يؤكد أن فرص الوصول إلى إتّفاق تطبيع، في وقت قريب، باتت ضعيفة جداً، في حال لم تبادر إسرائيل إلى تقديم تنازلات كبيرة على مستوى القضيّة الفلسطينية، لا يبدو أنها في وارد الذهاب إليها، أما فيما يتعلق بمشروع الممرّ الإقتصادي، فإنّ الكثير من علامات الإستفهام تُرسم حول جدوى وضع إستثمارات ماليّة هائلة، في مشروع من الممكن أن يتهدّد في أيّ لحظة، بسبب الأوضاع العسكريّة التي لا يمكن التكهن بتطوراتها.

في المحصّلة، تلفت المصادر نفسها إلى أن الأمر ذاته ينطبق على المشاريع المتعلقة بالغاز في شرق المتوسط، مع العلم أنها كانت أول من تأثر بإشتعال هذه الحرب، من دون تجاهل التداعيات التي ستتركها حول ما كان يُطرح على مستوى الممرات المفترضة نحو أوروبا، لا سيما في ظلّ تعارض الموقفين التركي والمصري مع الرغبات الإسرائيليّة، الأمر الذي قد يتطلب العودة إليه تحولات تصب في سياق الذهاب إلى تسوية كبرى، على المستوى الإسرائيلي الفلسطيني تحديداً.