اشارت صحيفة "الرياض" السعودية الى أنه على إسرائيل التوقف عن ألاعيبها باستخدام الفضاء العربي بما يحمله من مشكلات من أجل تبرير توسعها على الأرض، واستثمار التنافس السياسي في المنطقة من أجل تصفية القضية الفلسطينية، ونقل الصراع حول فلسطين إلى صراع بين العرب والمسلمين والبحث عمّن له الحق في الدفاع عن القضية.

وسألت الصحيفة :"إذا كانت الهولوكوست هي القتل المنهجي ليهود أوروبا على يد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، فماذا يمكن أن نسمي ذلك القتل المنهجي الذي تقوم به إسرائيل اليوم ضدّ الفلسطينيين في غزة، نظريًا إسرائيل تمنح الفرصة للتاريخ بأن يسجل ضدّها -هولوكوست غزة- ولكن بطريقة أكثر بشاعة، فما يجري في غزة ليس عملية تسوية سياسية بين أطراف تتقاتل ولكنها تسوية بشرية للعرق الفلسطيني الذي يعيش فوق أرضه،وسألت الصحيفة: إذا كان استهداف النازيين لليهود تعبير عن معاداة السامية والتحيّز ضدّ اليهود وكرههم، فماذا يمكن أن نسمّي آلة القتل الوحشية التي تقتل بها إسرائيل الفلسطينيين بينما هم يعيشون في وطنهم، وإسرائيل هي من أتت إليهم ولم يذهبوا إليها".

ولفتت الصحيفة الى ان "إسرائيل اليوم تتهم الفلسطينيين زورًا بالتسبب في مشكلاتها، وهي القصة نفسها التي اتهم فيها النازيون اليهود بالتسبب بالمشكلات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، إسرائيل وبلا أدنى عودة للتاريخ ترى أن الفلسطينيين هم سبب عدم استقرارها وسبب مشكلاتها بينما هي تحتل أرضهم ولا ترضى أن تمنحهم حقوقهم، بل تستمتع بزيادة خسائرهم البشرية والجغرافية، إسرائيل بهذه الأفعال تتجاهل الذاكرة التاريخية حول حقيقتها، فالذاكرة هي طوق النجاة ودرع حصين لمواجهة تقلبات الحياة التي يجب على إسرائيل استخدامها عندما تتعامل مع الفلسطينيين".

واعتبرت الصحيفة أن الهولوكوست فكرة تقف خلفها كل الأفكار التي أوجدت وطنًا لليهود، وهذا يعني أن فكرة إسرائيل من المفترض أن تكون عكس ممارساتها الحالية، ولكن ما يحدث في غزة اليوم يؤكد أن إسرائيل تمارس تكرار ذات التجربة التاريخية التي مرّ بها اليهود، والحقيقة أن الكثير من اليهود العقلاء من غير الصهاينة يدركون أن التاريخ لا ينسى أحداثه، لذلك هم يرسمون النهاية المتوقعة لليهود في واقعهم الذي يعيشون عليه الآن فوق أرض فلسطين.

وسألت :" إسرائيل اليوم دولة معترف بها من الأمم المتحدة ولكن السؤال الذي يجب أن توجهه هو السؤال ذاته عندما حدثت المحرقة لليهود، السؤال يقول: كيف يحدث ذلك للفلسطينيين أمام مرأى جميع دول العالم ومؤسساته السياسية، على إسرائيل أن تتوقف عن ألاعيبها باستخدام الفضاء العربي بما يحمله من مشكلات من أجل تبرير توسعها على الأرض، واستثمار التنافس السياسي في المنطقة من أجل تصفية القضية الفلسطينية، ونقل الصراع حول فلسطين إلى صراع بين العرب والمسلمين والبحث عمن له الحق في الدفاع عن القضية، بجانب دفع الشعوب لمهاجمة بعضها عبر وسائل إعلامية تمارس فيها إسرائيل تضخيم حجم الفجوة بين الشعوب والدول العربية والإسلامية".

رأت الصحيفة أن كل هذه الممارسات لن تنجح في إفقاد القضية الفلسطينية وجهتها النهائية مهما كانت الخسائر، لأن المحطة النهائية للتاريخ تعلمه إسرائيل بدقة، إسرائيل اليوم أمام فرصة اختيار الوضع المناسب لمستقبلها في المنطقة عبر منح الفلسطينيين دولة مستقلة لأن حدوث خلاف ذلك لن يمنح المنطقة الإستقرار، بل إن استمرار الوضع بهذه الصورة سوف يكون فرصة مناسبة لمعطيات النظام العالمي الجديد الذي يتشكل تدريجيًا وتبدو مؤشراته أن الإنحياز الدولي المطلق لإسرائيل سوف يواجه الكثير من التحديات.

واعتبرت الصحيفة أن إسرائيل تسعى إلى أن تستبعد ذلك التطابق التاريخي بين الهولوكوست الذي استثمر من أجل قيام إسرائيل وبين (محرقة غزة وغيرها من مساحات القتل الجماعي الذي مارسته إسرائيل عبر التاريخ)، الوعي العربي السياسي والشعبي يتطوّر ولو كان بطيئًا لكنه يكبر، فالقيادات العربية اكتشفت ممارسات إسرائيل التي كانت تسعى لخلق المواقف المتناقضة بين العرب سياسيًا، كما الشعوب العالمية وعبر وسائل التواصل الإجتماعي اكتشفت اليوم الكثير من الحقائق حول ممارسات إسرائيل وعنفها ضدّ الشعب الفلسطيني.

واكدت الصحيفة أن الخيار المتاح أمام إسرائيل هو منح الفلسطينيين دولتهم وفق حدود 1967م لأن الخيار الآخر المتمثل بالقتل يفقد مقوماته، فكل المسارات الفكرية والثقافية والإقتصادية والسياسية والإجتماعية التي عملت إسرائيل على تبنيها دوليًا منذ منتصف القرن التاسع عشر تصل اليوم إلى مرحلة مضطربة، فالوعي الدولي يتغيّر وإعادة فهم إسرائيل وممارساتها تأخذ مسارًا مختلفًا عن تلك الفضاءات العاطفية التي استثمرتها إسرائيل لعقود، محرقة غزة أهم منعطفات هذا القرن وسيناريوهات المستقبل ليست في صالح إسرائيل إذا لم يتم تبني حل الدولتين.