أكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن العلاقة بين إدارة "الأونروا" ومديرتها العامة في لبنان دوروثي كلاوس، تمر بمرحلة من الفتور دون القطيعة، بسبب جملة من القرارات التي اتخذتها على مراحل وتعتبرها القوى السياسية والشعبية نوعا من التفرد، إذ لم يجرِ مناقشتها معها، في إطار التوافق عليها أو الإجابة عن بعض الاستفسارات أو تحسين الأداء بما يتوافق مع مصالح اللاجئين في مخيمات لبنان.

وتمر عادة العلاقة بين إدارة "الأونروا" والقوى السياسية والشعبية الفلسطينية بمرحلتي من المد والجز، من الوئام والوفاق حينا والتوتر والفتور أحيانا، وفق القرارات التي تتخذها الوكالة ومدى موافقة القوى عليها أو الاعتراض، ولكنها في نهاية المطاف محكومة بالحوار دون القطيعة، على قاعدة "نختلف معها ولا نتخلف عليها" في إشارة إلى حرص اللاجئين على الدفاع عنها أمام محاولات محاصرتها ماليا، بهدف إنهاء عملها في إطار تصفية القضية الفلسطينية وشطب حق العودة.

ومن القرارات التي اتخذتها "الأونروا" وأثارت اعتراضا فلسطينيا، البدء بعملية التحقق الرقمي للعائلات والأشخاص المسجلين في برنامج شبكة الأمان الاجتماعي في لبنان، هي الخطوة الثانية بعد العملية ذاتها للنازحين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان، وبعد تنزيل تطبيق UNRWA على الهواتف الذكية كمقدمة لإحصاء كل اللاجئين لاحقاً وعلى مراحل.

وإذ تبرر الوكالة السبب بأنه تعزيز للشفافية والمساءلة من خلال إنشاء آلية تضمن حصول المستفيدين المشمولين على المساعدة النقدية مع تأكيد تواجدهم حالياً في لبنان، تعتبرها القوى الفلسطينية التفافا على رفضها القيام بإحصاء اللاجئين عبر "بصمة العين" لما يحمل من مخاطر أمنية، وقد يؤدي في نهاية المطاف إلى شطب الآلاف من قيود "الأونروا" الذين يعيشون خارج لبنان ويعملون في الخليج العربي أو يحملون جنسيات دول أخرى.

ومن القرارات، بدء أولى إجراءاتها لترميم وإعادة فتح بعض مرافقها في مخيم عين الحلوة بعد شهرين ونيف من الاشتباكات التي وقعت (30 تموز 2023) بين حركة "فتح" و"تجمع الشباب المسلم" وتوقفت بعد شهر ونصف تقريبا (14 أيلول 2023)، حيث باشرت بالتعاون مع المنظمة الدانماركية لنزع الألغام "دي سي إيه" (DCA)، عملية مسح المدارس الأربعة في منطقة بستان القدس (قبية، الفلوجة، مرج بن عامر، حطين)، بالإضافة إلى مكتب خدمات الصحة البيئية ومكتب الإغاثة والخدمات الاجتماعية، للتأكد من خلوها من أي مواد غير منفجرة، والتنسيق مع الجيش اللبناني لإبطال مفعولها.

وفيما بررت الوكالة بأنها تلتزم ببروتوكول لا يمكن تجاوزه أو القفز فوقه، في الكشف الأمني على أي مركز أو مكتب أو مدرسة تابعة لها دخل إليها مسلحون خلال الاشتباكات، ترى القوى السياسية الفلسطينية أن هناك "مماطلة مقصودة في إطالة أمد الأزمة، حيث يظهر وكأنّ "الأونروا" لا ترغب في تحمل المسؤولية في المخيم، أو تنوي نقل مؤسساتها منه، مؤكدة أن عودة العملية التربوية إلى نمطها الطبيعي في عين الحلوة تعني المزيد من الأمان والاستقرار، وليس العكس.

ومن قراراتها، إعلان "خطة طوارئ" تحاكي حربا واسعة على لبنان، ارتباطا بما يجري من عدوان إسرائيلي على غزّة، ورغم إعلانها أنها نسّقتها مع الجهات اللبنانية المعنية-وحدة الكوارث والطوارئ في المناطق ومؤسسات المجتمع المدني إلا أنها لم تعلن عن تفاصيل الخطة وماهيتها وكيفية التصرف في حال وقوعها، إلى غيرها من التفاصيل.

وفيما تعلل "الأونروا" الأسباب بأنها لا تريد إثارة الرعب والخوف في صفوف اللاجئين في المخيمات، في حال إعلانها وكأنّه لديها معلومات عن وقوعها، تصف القوى الفلسطينية الخطة بأنها "حبر على ورق" فقط، إذ لم تلحظ أي إجراءات إستثنائية رغم خطورة الوضع العسكري والأمني في الجنوب اللبناني على الأقل، مخيّمات صور تحديدا، بينما لم تقدّم أيّ مساعدات إغاثيّة استثنائيّة في ظلّ الأزمة المعيشيّة الخانقة وتراجع وتيرة العمل وركود الاقتصاد.

وكان المفوّض العام لوكالة "الأونروا" فيليب لازاريني قد تحدّث أكثر من مرّة وخلال إطلاق نداءات الاستغاثة، عن المعاناة الإنسانية التي يعيشها أبناء المخيمات في لبنان، مع الارتفاع غير المسبوق لمعدلات الفقر بين اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط بنسب تراوحت بين 80 و90%، مما يشكل أعباء إضافية على "الأونروا".

وقد سبق هذه القرارات، قيام "الأونروا" باتخاذ قرارات مجحفة بتقليص خدماتها للاجئين الفلسطينيين في لبنان وبحق النازحين الفلسطينيين من سوريا، ومنها عدم تسجيل أيّ نازح جديد إلى لبنان في قيودها من أجل الاستفادة من خدماتها أو المساعدات الماليّة الدوريّة كل ثلاثة أشهر، وحرمان اللاجئين الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية اللبنانية (المجنسين) من الاستفادة من خدماتها في ظلّ العجز المالي للوكالة، بينما تفتك الأزمة اللبنانية بمواطنيها وبالكاد تؤمن لهم كفاف العيش والطبابة.

تجدر الإشارة إلى أنّ الغضب الفلسطيني الكبير ضدّ سياسة "الأونروا" بدأ مع تفشي جائحة "كورونا" العام 2021، حيث لم تستجب إدارتها إلى الدعوات الفلسطينية لإعلان حالة الطوارئ الصحية والإغاثية بما يتماشى مع خطورة تلك المرحلة ودقتها، حيث وقعت مأساة اقتصادية ومعيشية وصحية دفع الكثير من أبناء المخيمات أرواحهم ثمنا لها.