مع بداية أسبوع يتوقّع أن يحملًا حسمًا لمصير الاستحقاق العسكري، ترجح الكفّة إلى تأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزيف عون باقتراح قانون يُقرّ في جلسة تشريعية يُنتظر انعقادها الخميس المقبل.
في هذا الإطار، أشار عضو هيئة مكتب مجلس النواب وعضو كتلة "التنمية والتحرير" النّائب ميشال موسى، لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "الاتصالات استمرت مساء امس بين مختلف الكتل النيابية، لتحديد الموقف من حضور الجلسة".
وأوضح أنّ "عدداً من الكتل لم يعلن موقفه بعد، ويُفترض نضوج الاتصالات والتوجّهات صباح اليوم"، لافتًا إلى أنّ "اجتماع هيئة المكتب سيتلقّى كل اقتراحات ومشاريع القوانين المنجز درسها في اللجان النيابية، وعددها كبير وهي منقسمة الى قسمين: الاقتراحات ومشاريع القوانين العادية، والمعجلة المكرّرة؛ وسيختار المجتمعون جدول الاعمال منها". وتوقّع ان تُعقد الجلسة التشريعية الخميس، "لكن بعد المداولات يقرّر رئيس المجلس نبيه بري موعد الجلسة".
من جهتها، أكّدت مصادر وزارية مطلعة لـ"الجمهورية"، أنّ "النقاش في ملف التمديد او تأجيل تسريح قائد الجيش لم يعد كما انتهت اليه الاتصالات الاخيرة على جدول اعمال مجلس الوزراء، وأنّه بات في عهدة مجلس النواب، الذي سيكون عليه توفير المخرج الممكن لتمديد ولاية القائد وتأجيل تسريحه، وفق ما يضمنه قانون الدفاع وأصول التعاطي مع مثل هذه القضية دستورياً وقانونياً وعسكرياً".
"ألغام" في طريق التمديد لقائد الجيش
في السّياق، ذكرت صحيفة "الأخبار"، أنّه "إذا صحّت المعلومات حول دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعية منتصف الشهر الحالي، يعني ذلك أننا على مسافة أيام من التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون. وعليه تتركز الأنظار على الحركة السياسية التي تحيط بهذا الملف، بدءاً من المواقف الداخلية للكتل النيابية، مروراً بنتائج التمديد وما يمكن أن ينجم عنه من تطورات، فضلاً عن الدعم الخارجي الذي يلقاه عون؛ ويترجمه سفراء الدول الغربية بنشاط مكثف للضغط على النواب لحضور الجلسة والتصويت للتمديد".
وبيّنت أنّ "حتى الآن، من الثابت أن برّي سيدعو إلى جلسة تشريعية قريبة، على جدول أعمالها بنود سيحددها أعضاء هيئة مكتب المجلس الذين سيجتمعون غداً. ومن الثابت أيضاً أن النصاب سيكون مؤمّناً، وكذلك عدد الأصوات المطلوب لسلوك الاقتراح وهو 33 صوتاً. لكن ذلك لا يلغي أن الأمتار الأخيرة قبل الوصول الى التمديد مليئة بالألغام، التي قد تنسف كل الوقائع المحيطة بالملف".
وركّزت الصّحيفة على أنّه "ليسَ معروفاً حتى الآن عدد الحضور في الهيئة العامة، وهو أمر مهم بالنسبة إلى من يؤيدون التمديد، لإظهار أن هناك مناخاً توافقياً حوله، كما ليس معروفاً ما إذا كان التمديد سيقتصر على قائد الجيش أم سيشمل قادة أمنيين آخرين؟".
وأفادت بأنّ "المؤكّد أن "التيار الوطني الحر" سيقاطع الجلسة، أما بالنسبة إلى الكتل النيابية الأخرى التي لم تُعلِن موقفها بعد، فيبدو أن "حزب الله" أقرب إلى حضور الجلسة التشريعية، ثم الانسحاب منها عند الوصول إلى بند التمديد، ومعه نواب تيار "المردة" وبعض النواب السنّة والأحباش. أما بالنسبة إلى كتلة "الاعتدال الوطني"، فقالت مصادر مطّلعة إن "السعودية ومصر تدخّلتا وطلبتا من نوابها الحضور"، علماً أنهم "لم يُعلنوا موقفهم الأخير بانتظار استشارة قانونية"، كما يقول بعضهم".
كما أشارت إلى أنّ "التباين ما زال يسود بين نواب "التغيير"، الذين يفترض أن يعقدوا اجتماعاً لاتخاذ قرار بالحضور من عدمه، علماً أن الخلاف قد يدفع بعضهم الى الحضور وآخرين الى المقاطعة، كما لا يزال حزب "الكتائب" يدرس موقفه في هذا الشأن".
وأضافت "الأخبار"، أنّ "في انتظار تحديد موعد للجلسة، يستمر خلط الأوراق والعمل على خط النواب المقاطعين للتشريع والتشاور معهم من أجل عدم الحضور. وفي هذا الإطار، يأتي تحرك رئيس "التيار" النّائب جبران باسيل، مقابل حراك معاكس تجريه جهات داخلية وخارجية، للضغط على هؤلاء بهدف الحضور، وتحديداً من قبل السفير الفرنسي هيرفي ماغرو والسفيرة الأميركية دوروثي شيا".
ونوّهت إلى أنّه "يرافق ذلك نقاش داخل حزب "القوات اللبنانية"، يعتبر أن كسر مقاطعة الجلسات التشريعية هو سابقة، وأنه يجب أن تكون هناك خطوة التفافية على "فخّ" رئيس المجلس، الذي ربط التمديد في مجلس النواب بعقد جلسة تشريعية لتكريس مبدأ التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي. وعليه، طرح بعض القواتيين فكرة أن يدخل نواب كتلة "الجمهورية القوية" لحظة البدء بنقاش بند التمديد، والانسحاب من الجلسة فور إقراره".
وشدّدت على أنّ "هذا الجو يترافق أيضاً مع معلومات تتحدث عن أن "الضغوط التي تمارس على النواب، تنسحب أيضاً على القضاة، إذ إن إقرار قانون التمديد يبقى كأيّ قانون يصدر عن مجلس النواب، قابلاً للطعن أمام المجلس الدستوري، ما يعني توقف المعنيّ عن العمل ريثما يصدر قرار المجلس الدستوري. كما أن هناك مخاوف من أن يصدر وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم قراراً في المقابل، يكلّف فيه الضابط الأعلى رتبة بتسلّم مهام القيادة، فنكون أمام قائدَين للجيش".
التمديد لقائد الجيش اللبناني يهدد تحالف "حزب الله"- "الوطني الحر"
على صعيد متّصل، رأت صحيفة "الشرق الأوسط"، أنّ "العلاقة بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" لم تشهد عدم استقرار، كالذي تشهده منذ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال عون في تشرين الأول 2022: استحقاقات كثيرة خلال عام افترق خلالها الفريقان اللذان يُفترض أنه يجمعهما تفاهم سياسي متين منذ عام 2006، وآخرها استحقاق التصدي للشغور في قيادة الجيش، مع اقتراب موعد إحالة القائد الحالي إلى التقاعد".
وأوضحت مصادر قريبة من "حزب الله"، للصحيفة، أن "الخلاف الأساسي اليوم هو بين بري الذي يؤيد التمديد للعماد عون، وباسيل الذي يرفضه تماماً. ونحن حاولنا الوصول إلى حل يرضي الجميع، سواء كان بالتعيين أو التمديد، إلا أن ذلك متعذَّر حتى الساعة".
وركّزت على أنّ "مع ضيق المُهَل واقتراب موعد انتهاء ولاية العماد عون، يبقى تأجيل التسريح عبر المجلس النيابي، الخيار الأخير للتصدي لشغور في قيادة الجيش نرفضه وترفضه كل القوى السياسية تماماً".
من جهتها، اعتبرت مصادر "الوطني الحر"، في تصريح إلى "الشّرق الأوسط"، أنه "لو أراد "حزب الله" حقيقةً عدم التمديد، فهو قادر على عدم تأمين نصاب الجلسة التشريعية"، مبيّنةً أن "سَيره بالتمديد أمر متوقَّع من قِبَلنا، وأصلاً لم نعد نتكل على الحزب، وباتت العلاقة معه بإطار تقاطع المصالح".