رغم التصعيد العسكري الذي تشهده الجبهة الجنوبية، يبدو أن الملفات السياسية التي جُمدت بعد عملية "طوفان الأقصى" في تشرين الأول الماضي مؤجلة الى بداية العام الجديد، حيث يُتوقع بحسب كلام رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ أن يتحرك رئاسياً، الذي يُرجّح أن يشهد أيضاً عودة المبعوثين الدوليين الى بيروت من البوابة الرئاسيّة، والأمنية أيضاً.

بحسب مصادر سياسية متابعة فإن رئيس المجلس جادّ بنية الطرح الجديد الذي يحضر له رئاسياً، وإن كان كل شيء أصبح مربوطاً بالتطورات التي تجري في الجنوب، فالرجل يعتبر أن الملف الرئاسي أصبح أولوية اقليميّة ودوليّة، ويجب مواكبته داخلياً. وتُشير المصادر عبر "النشرة" الى أن بري مقتنع بضرورة انتخاب رئيس يتابع المرحلة المقبلة التي قد تكون قاسية على لبنان.

يُفترض أن يزور لبنان بداية أوائل عام 2024 الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني حاملاً طروحات رئاسية تكون استكمالاً لكل الجهد السابق، حيث تُشير المصادر الى أن لا شيء واضح اليوم بخصوص هذا الحراك الذي يُفترض أنه جمع الصورة كاملة بالنسبة للمواقف المحلية، وبات يعلم صعوبة التوافق على رئيس، وبحسب المصادر فإن المبعوث الرئاسي الفرنسي ​جان إيف لودريان​ عائد للحديث عن الانتخابات الرئاسيّة هذه المرّة، ولكن تبقى نتائج كل هذه التحركات الداخلية والخارجية وحتى إمكانية حصولها رهن التطورات على الساحة الجنوبية.

بحسب المصادر سيعتمد بري في تحركه الجديد على نفس طريقة التعاطي الإيجابية مع ملف الجلسة التشريعية التي أقرت قانون التمديد لقادة الأجهزة، ولكن النوايا في الملف الرئاسي تختلف، وما كان يسري على التمديد لا يسري بالضرورة على الرئاسة، خصوصًا أن هناك من يراهن على انعكاس تلك الجلسة على الملف الرئاسي وإيصال قائد الجيش ​العماد جوزاف عون​ الى بعبدا بعد تعديل الدستور.

يُقفل العام الجديد أبوابه على نفس المواقف السياسية الرئاسيّة التي كانت سائدة منذ بداية العام الجاري، ومن دعم رئيس تيار المردة ​سليمان فرنجية​ لا يزال عند موقفه، وتحديداً ​الثنائي الشيعي​ الذي بات اليوم في وضع أصعب من قبل، لا سيّما أن كل الضغط الخارجي الذي يحصل لا يهدف لتأمين مصلحة لبنان بل المصالح الاسرائيليّة، ولا يمكن فصل الملف الرئاسي عن أحداث الجنوب وكيفية تطورها مع السنة الجديدة، لذلك تؤكد المصادر أن الحراك الرئاسي الذي قد يطلقه بري خلال أسابيع قليلة، سيكون جدّياً ويُرجّح أن يكون أساسه الحوار والتشاور كونه الحل الوحيد المتاح للانتهاء من حالة الجمود الرئاسية، من دون أي حسم للنتيجة كون المتغيرات عديدة ولا شيء ثابت حتى اليوم رئاسياً وسياسياً، لا داخلياً ولا خارجياً.

يسعى بري مرة جديدة لإعادة جزء من اللعبة الرئاسيّة الى الداخل بعد رمي الملف ّمراراً وتكراراً في الحضن الخارجي وتحديداً مع اللجنة الخماسيّة، ولكن من غير المعلوم ما اذا كانت القوى السياسية مستعدة لتجاوز مصالحها من أجل لبنان، ولو في لحظة محلية واقليمية بالغة الخطورة كالتي نمر بها اليوم، علماً أن القوى السياسية أثبتت طوال المرحلة الماضية أنها ليست أهلاً لتحمل مسؤولية هذا الوطن...