لا شكّ أن معاناة أبناء الكنيسة مع دعاوى الطلاق كبيرة وكبيرة جداً، وتستغرق وقتاً طويلاً يصل لسنوات يكون خلالها الزوج والزوجة منفصلين. تلك المعاناة أخذها البابا فرنسيس بالحسبان في الارادة الرسولية التي أًصدرها في العام 2015، والتي سمحت بفتح محاكم روحية في الأبرشيات بعد أن كانت محصورة بالمحكمة الابتدائية الموحّدة التي يرأسها أحد المطارنة الذي لم يعجبهم الأمر لأنّ من شأنه أن يقلّص صلاحيات وسلطة المحكمة الابتدائية الموحّدة.

أحكم مطرانٌ قبضته على تلك المحكمة. ويؤكد المطلعون على الملف أنه "لم يحبّذ فتح محاكم في الابرشيات وبالتالي كان يتمرّد على الارادة الرسوليّة وسلطة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، هذا الأمر دفع عميد محكمة الروتا الكسندر سيديلو الى توجيه تأنيب له لعدم التزامه تطبيق تلك الارادة في إجتماع عُقد السنة الفائتة في أبرشية قبرص المارونيّة وكان بحضور مطارنة وقضاة".

رسوم... المقيم والمغترب

تُميّز المحكمة الروحية الابتدائية في دعاوى الطلاق لناحية فتح الدعوى والرسوم بين اللبناني المقيم واللبناني المغترب الأول له سعر مختلف عن الثاني، إذ بلغ ثمن فتح الدعوى، دون الرسوم، للمقيم 400$ نقداً و28 مليون ليرة، أما المغترب فيصل المبلغ الى 1400$ دون دفع أي مبلغ بالليرة، وهذه الرسوم يتمّ تقاضيها في المحكمة الابتدائية الموحّدة بينما محاكم الأبرشيات يمكنها تقاضي نفس الرسوم أو وضع أخرى لأنها ليست ملزمة بها، بحسب ما يؤكد مطّلعون على الملف، لافتين الى أن "المطران صاحب القرار كونه المشرف على عمل المحكمة الإبتدائية هو من يضعه، في المقابل يحدد الرسوم في الأبرشيات راعي الأبرشية الذي يستطيع الالتزام بالرسوم المحددة في المحكمة الابتدائية الموحّدة أو يخفّضها"، ويؤكد المطلعون أن "الجزء الاكبر من المطارنة لم يلتزم برسم المحكمة الموحّدة كونها باهظة".

رواتب القضاة الزهيدة

في مقابل تلك الأموال التي يتم تقاضيها في المحكمة الموحّدة يبلغ راتب القاضي في المحكمة حالياً 600 دولار بعد زيادة 100 دولار حصل عليها مؤخراً، ويوضح المطّلعون عبر "النشرة" أن "هؤلاء القضاة يعتكفون حالياً عن كتابة الأحكام بسبب الراتب الزهيد و"يتأفّفون" ولا يستقبلون الناس والمحامين". ويذهب المطّلعون أبعد، ليشيروا الى أن "الاستياء من "التقطير" بدفع الرواتب طال الخوري القيّم (غ. ع) المستاء من الأمر ويطلب من الموظفين والمسجّلين الاحتجاج لأنّ الأموال الطائلة العائدة للمحكمة تُصرف "شيكات" في السوق السوداء والأموال التي تقبض من الناس مؤخراً نقدا لا تُحصى".

العسل الملكي

كلّ طلب أو دعوى تقدّم الى المحكمة سواء الإبتدائية أو الاستئنافية يجب استيفاء رسومها مسبقاً لدى مسؤول مالي أصبح مشرفاً على الأموال التي تدخل الى المحكمة. ويشير المطلعون الى قصّة بيع العسل الملكي التي يقوم بها منذ أكثر من خمس سنوات، بحيث يبلغ سعر الغرام 70$ ويصل الى 50$ بعد الحسم... فمن هم الزبائن؟.

الرواية تشير الى أن "هذا النافذ المالي يبيع العسل الملكي، الذي يعمل على التحكّم في مستويات الكوليسترول في الدمّ ويعزّز قدرة الإنسان على الشعور بالنشاط واليقظة، في أرجاء المحكمة ويشتريه المحامون والمحاميات وكلّ من يواجه أي مشكلة في المحكمة يُعرض عليه، وفي بعض الأوقات يصل الأمر الى عرضه على المتداعين والمحامين لأخذه كهديّة للقضاة في المحكمة أو للمطران نفسه"، الذي يؤكّد المطلعون على ما يحصل ولسبب بسيط هو أنه ومنذ قدومه قام بوضع كاميرات بالصوت والصورة في كافة أرجاء غرف المحكمة حتى أنه أضاف مؤخراً 13 منها الى تلك الموجودة ويمكنه مراقبتها بواسطة هاتفه".

تفعيل محاكم الابرشيات

منذ حوالي 8 سنوات بدأت بعض الأبرشيات تذهب في إتجاه تفعيل عمل المحاكم الخاصة في الابرشيات، ولا شكّ أنّ لهذه المسألة إيجابيات عديدة أهمّها أنه يخفّف الأعباء الماليّة على المتقاضين ويُساعد على إختصار الوقت الطويل والإستنزاف للوصول الى الطلاق، حكماً هذا الأمر خفّف معاناة الناس لجهة الوقت الطويل ودفع الأموال.

في محاكم الأبرشيّات تنتهي الدعوى خلال 4 أشهر كحدّ أقصى بينما في المحكمة الإبتدائية الموحّدة إذا كان الزوج والزوجة على إتفاق والملفّ ليس عليه نزاع تأخذ الدعوى على الأقل ما بين 12 و18 شهرًا... حكماً هذا الامر سيؤثّر على سلطة المحكمة الابتدائية الموحّدة من كافة النواحي، والسؤال "هل تنجح المحاكم في الابرشيّات بتفعيل عملها وفرض نفسها أم أن المطران "القوي" وبواسطة المحكمة الابتدائيّة سيعيد الاحكام بقبضته على هذا الملف"؟.