الإنسانُ طَريقُ اللهِ، واللهُ طَريقُ الإنسانِ. مُعادَلَةٌ لَم تُدرِكها الحَضاراتُ المُتألِّبَةُ على العالَمِ، مِن حُكَّامِ الشَرقِ مُستَبدِلي اللهِ بِذَواتِهِمِ، الى الغَربِ المُصطَنِعِ آلِهَةَ بَغيٍ. وَمِنَ الشَرقِ الأدنى المُستَبدِلِ الأُلوهَةَ بِتُرَّهاتٍ مُتَفَلسِفَةٍ، الى الغَربِ الأقصى ذَبيحَةَ وَلَهِ الغَربِ الأدنى بتَمَلُّكِ التاريخِ.

وَحيداً، على تَقاطُعِ الأُلوهَةِ والإنسانِيَّةِ يَقِفُ لبنانُ: بَينَ إيلَ، الإلَهِ-الأبِ الُلبنانِيِّ مُوَحِّدِ السَماءِ بالأرضِ، والمَسيحَ-العَمَّانوئِيلَ (إلَهُنا-مَعَنا)، المُتَجَسِّدِ على الأرضِ مِن لَدُنِ الآبِ.

هُنا، حَيثُ الرابِطُ الأقوى مِن تعاقُبِ وَيلاتِ المُتألِّهينَ.

أوَّلُ مَن كَشَفَهُ، إيلُ لِلإِلَهَةِ-الأُمِّ: "إزرَعي بالتُرابِ المَحَبَّةَ، واسكُبي السَلامَ في كَبِدِ الأرضِ. وَلِيَهطُلَ الحُبُّ مُختَرِقاً جَوفَ الحُقولِ... عِندي كَلِمَةٌ أقولُها لَكِ... إنَّها كَلِمَةُ الشَجَرِ والحَجَرِ، هَمسَةُ السَماءِ الى الأرضِ، وَنَجوى البِحارِ لِلنُجومِ. فأنا أعرِفُ البَرقَ الذي لا تُدرِكُ السَماءُ قَدرَهُ." أإعلانٌ هو؟ بَل إنتِسابُ بَني الأرضِ لِمَلَكوتِ التَحَرُّرِ. مَلَكوتِ التِأنسُنِ بِسَلامِ السَماءِ.

هو رابِطُ وجودٍ جَديدٍ بِوِلادَةٍ "مِن فَوقٍ". كَشَفَهُ المَسيحُ لِنيقوديموسَ. هذا جاءَهُ لَيلاً. وَإسمُهُ العِبرِيُّ נַקְדִימון يَعني "المُنتَصِرُ وَسطَ شَعبِهِ". هو عالِمُ الشَريعَةِ. بَدأ بِ"نَحنُ نَعرِفُ..." (يوحَنَّا 3/2). حَدَّدَ مَوقِعَهُ: هو مُعَلِّمٌ، والمَسيحُ مُعَلِّمٌ. لَكِنَّ المَسيحَ أجابَهُ لا على مُستَوى مَعرِفَةِ هَوِيَّةٍ، بَل أقوَى: "الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لَكَ: ما مِن أحَدٍ يُمكِنُهُ أن يَرى مَلَكوتَ اللهِ إلَّا إذا ولِدَ مِن فَوقٍ." (يوحَنَّا 3/3). صُعِقَ: "كَيفَ يُمكِنُ الإنسانَ أن يولَدَ وَهو شَيخٌ كَبيرٌ؟... أجابَ يَسوعَ: "الحَقَّ الحَقَّ أقولُ لَكَ: ما مِن أحَدٍ يُمكِنُهُ أن يَدخُلَ مَلَكوتَ اللهِ إلَّا إذا ولِدَ مِنَ الماءِ والروحِ... فالريحُ تَهُبُّ حَيثُ تَشاءُ فَتَسمَعَ صَوتَها وَلَكِنَّكَ لا تَدري مِن أينَ تأتي وَإلى أينَ تَذهَبُ. تِلكَ حالَةُ كل مَولودٍ لِلروحِ... أَأَنتَ مُعَلِّمٌ في إسرائِيلَ وَتَجهَلُ هَذِهَ الأشياءَ؟... فإِذا كُنتُمُ لا تؤمِنونَ عِندَما أُكَلِّمُكُمُ بأُمورِ الأرضِ فَكَيفَ تؤمِنونَ إذا كَلَّمتُكُمُ بأُمورِ السَماءِ؟" (يوحَنَّا 3/4-12). هوَذا الرابِطُ: إنتِسابٌ، بالرؤيَةِ-الدُخولِ، لِمَلَكوتِ الأُلوهَةِ-الحَقِّ: مَلَكوتِ المَسِيَّا في الإنسانِ وَقَد شارَكَهُ سَماءَهُ.

ألَيسَتِ السَماءُ في العِبرِيَّةِ shamyin تَعني "الخارِج مِنَ المِياهِ"، مِن طوفانِ الخَطيئَةِ-الظُلمَةِ؟ وَمَعَ ذَلِكَ ما أدرَكَ نيقوديموسُ...

...والناموسُ سَيَقفِزُ فَوقَ المَسيحانِيَّةِ الخارِجَةِ عَنهُ، وَيَتَقَرْأَنُ مُنزَلاً: كِتاباً تَعالى يَحتَبِسُ اللهَ، وَقَد أُقصِيَ مِنهُ الروحُ.

الملءُ الإيليُّ-المَسيحانِيُّ

قُلتُ: تَقاطُعَ إيلَ-العَمَّانوئِيلَ، حَيثُ لبنانُ قائِمٌ.

هو تَقاطُعُ شَهادَةٍ ثالوثِيَّةٍ: الأبُ -الأُمُّ -الأبناءُ لِإيلَ. الآبُ-الإبنُ-الروحُ، لِلمَسيحَ. إيلُ إستَبَقَها بالكَلِمَةِ المُحيِيَةِ، والعَمَّانوئِيلُ-المَسيحُ، الإبنُ، تَمَّمَها هو اللوغوسُ الحَيُّ: asarko "الكَلِمَةُ الصارَ بَشَراً"، وensarko الكَلِمَةُ بالبَشَرِ.

شَهادَةُ الإنتِصارِ: "هَكَذا اللهُ أحَبَّ العالَمَ حَتَّى إنَّهُ جادَ بإبنِهِ الوَحيدِ لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يؤمِنُ بِهِ بَل تَكونُ لَهُ الحَياةُ الأبَدِيَّةُ." (يوحَنَّا 3/16). إيلُ الُلبنانِيُّ إستَبَقَها بالرِسالَةِ-الوَصِيَّةِ، حَيَاةً لِلأَرضِ وَمَن فيها. بِها، البَشَرُ أبناؤهُ. وَعَمَّانوئِيلُ-المَسيحُ، المُتَلَبنِنُ، قَدَّمَ لِلمَوتِ ذاتَهُ الجَسَدِيَّةَ لِيَرفَعَ حُكمَ المَوتِ عَنِ البَشَرِ.

بِذَلِكَ، اللهُ، الُلبنانَوِيُّ، هو المُخَلِّصُ والخَلاصُ. المُنتَصِرُ على حَتمِيَّاتِ المَوتِ الداهِمِ، قَسراً أو عُنوَةً.

أَتؤمِنُ بِلبنانَ بِمَلئِهِ الإيليِّ-المَسيحانِيِّ هذا، بِتِلكَ الوِلادَةِ "مِن فَوقٍ"، عَهدُهُ لِلَّهِ-الطَريقِ وَلِلإنسانِ-الطَريقِ؟ سُؤَالٌ إعجَازُهُ أنَّكَ أمامَ تَحدِّي قَبولِ الهَوِيَّةِ-الحَقِّ لِلبنانَ. وَهي كريستولوجِيَّةٌ لَيسَت مَعرِفَةً وَكَفى، بَل إتِّحاداً بالجَوهَرِ، المَصدَرِ والنُهى. لا قَبلَ لَهُ وَلا بَعدَ. لا بَديلَ عَنهُ. لا أوَّلَ، لِثانٍ وَ...