تتسارع الأحداث الاقليمية على وقع إرسال ردّ حركة حماس المنسق مع باقي فصائل المقاومة في فلسطين حول إطار الاتفاق المزمع عقده بشكل غير مباشر مع اسرائيل، والتسارع هذا الذي يطال غزة، يطال كل باقي جبهات المساندة التي فُتحت لدعم الفلسطينيين، ومنها الجبهة الجنوبية في لبنان.
يتحدث الإعلام العالمي عامة والأميركي خاصة عن اقتراب الوصول الى حل يمنع الحرب بين لبنان واسرائيل، يتم تنفيذه بعد وقف النار في غزة، ويتكون من مرحلتين، الأولى تتضمن وقف العمليات العسكرية وسحب حزب الله لجزء من قواته الى الخلف مقابل سحب العديد من القوى العسكرية الاسرائيلية عن الجبهة الشمالية، والمرحلة الثانية والأهم تتعلق بتطبيق القرار 1701 وتحرير كل الاراضي اللبنانية وتثبيت الحدود البرية.
في لبنان إشارات متعددة حول التقدم في التفاوض حول هذه الملفات، يمكن مقاربتها من خلال قلق المعارضين لحزب الله من أن يكون الاتفاق على حسابهم في الداخل، فالأميركي عندما يتفاوض فإنه يختار الطرف القوي لمفاوضته، هكذا فعل في المنطقة من خلال التفاوض مع إيران الذي كان ولا يزال مستمراً لترتيب الأمور، وهكذا يفعل في لبنان من خلال التفاوض غير المباشر مع حزب الله، ولكن هذه المسألة التي اقتنع فيها هؤلاء تعني أنهم يعلمون أن الولايات المتحدة تعمل وفق مصالحها لا مصالحهم، وبالتالي هم عليهم أن يُعيدوا النظر بعلاقتهم بها.
قلق المعارضين بدأ يكبر شيئاً فشيئاً، نجده في تصريحات رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي وصل به القلق الى حد "محاولة إبلاغ الاميركيين بأن حزب الله بأنه سيسحب قواته جنوباً لعمق معين، لن يفعل ذلك"، وكأن الحكيم يعتقد بأن الاميركيين لا يدركون حقيقة الواقع في الجنوب، وهم الذين اقتنعوا بأن مقاتلي حزب الله هم أبناء القرى الجنوبية، وخروجهم من هناك أمر مستحيل.
يخشى هؤلاء من انعكاس أي تسوية على الوضع الداخلي فتزيد حزب الله قوة على حساب بقية الأطراف، ولكن الحزب بحسب مصادر قريبة منه يؤكد أنه لم يعكس يوماً انتصاراته في المنطقة على الفرقاء بالداخل، وكان دوماً مراعياً للتوازنات الداخلية وهو سيكون كذلك في المرحلة المقبلة، كما أنه كان ولا يزال مطالباً بالحوار مع الجميع لإنتاج رئيس للجمهورية، وغيره من رفض الحوار، فهل يكون الداعي للحوار متهماً ورافض الحوار مظلوماً؟.
لا يملك معارضو ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رؤية حول البديل، فهم يصرون على سحب ترشيحه قبل الخوض في أي نقاش، وهذا لوحده يكشف صعوبة موقفهم، بدل ان يكون لهم مرشح واضح يواجهون به ترشيح فرنجية، خاصة بعد سقوط تقاطعات اوصلت الى الاقتراع لجهاد أزعور مرة، علما أنهم لم يكونوا راغبين بإيصاله الى الرئاسة أصلاً، مع العلم ان منطق الأمور يقول بأن يطرح كل فريق مرشحه ليحصل الحوار او المعركة الانتخابية على أساسهما، ولكن يبدو أن الظرف الراهن والفراغ يناسب الجميع.