أشار رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع في حديث لصحيفة "الراي" الكويتية، الى انه "منذ نحو عام ونصف عام، لم ينفك الفريق الآخر يطرح مسألة الحوار كآلية التفاف على استحقاق دستوري لا يتم إلا بالانتخاب في مجلس النواب. علما أن التواصل والنقاشات الثنائية أو أكثر بين الكتل لم تنقطع في ما خص الانتخابات الرئاسية بعيدا من طاولة حوار هي لذر الرماد في العيون، وتكرس أعرافا لا يستقيم معها النظام البرلماني الديموقراطي".

ولفت الى انه "لطالما تعاطينا مع موضوع طاولة الحوار على أنها مناورة، أولا لتشتيت التركيز عن الهدف الرئيسي المتمثل في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وثانيا وهو الأهم لتضييع المسؤوليات، وخصوصا أنه بعد نحو 5 أو 6 أشهر على بدء المهلة الدستورية انصبت الأسئلة على الرئيس نبيه بري حول لماذا لا تتم الدعوة إلى جلسة بدورات متتالية، ولماذا يتم تعطيل النصاب؟ فكان طرح الحوار للتعمية عن واقع شائك يتمثل في أن الفريق الآخر متمسك بترشيح سليمان فرنجية ويلعب ورقة النصاب لأنه غير قادر على إيصاله بأكثرية 65 صوتا في الدورة الثانية، ويخشى أن تنجح المعارضة بمكوناتها كافة في إيصال مرشحها، وهو ما كاد أن يحصل في جلسة 14 تموز مع الوزير السابق جهاد أزعور لو لم يتم تطيير النصاب".

وكشف جعجع انه "قبل فترة، جاءت مبادرة تكتل الاعتدال الوطني الذي ارتأى ضرورة القيام بمبادرة جدية لكسر المرواحة، وذلك على قاعدة أنه إذا كان لا بد من دردشة بالحد الأدنى قبل الاستحقاق الرئاسي، فلم لا يحصل ذلك، ومن يرفض المشاركة فيها يعني أنه لا يريد الانتخابات إلا بشروطه وبعد أن ينجح في ما يعتقد أنه إنهاك للآخرين لفرض مرشحه"، واوضح أن "المطروح من الاعتدال الوطني نزول النواب الى البرلمان وأن يجتمعوا في قاعة، والكتلة المؤلفة من 10 نواب تتمثل بنائب، وتلك التي تضم أكثر من 10 نواب يمثلها نائبان، وذلك على قاعدة القول بضرورة أن تحصل الانتخابات الرئاسية. ومن يحضر هذا اللقاء يكون ملتزما أنه سيشارك في جلسة الانتخاب المفتوحة بدورات متتالية التي ستتم الدعوة إليها ويتعهد بألا ينسحب منها بعد الدورة الأولى".

واوضح انه "حين زار تكتل الاعتدال رئيس مجلس النواب نبيه بري، رحب بالمبادرة، ربما اعتقادا منه أن الفريق الآخر لن يسير بها. وبعدما تلقوا الـ نعم من بري، بدأ تحركهم في اتجاه الجميع. وعندما زاروا معراب، كان الجواب بوضوح أننا نسير بالأمر إذا كان المطروح لقاء أو جلسة واحدة فقط، ومهما طال وقتها، يتداعى إليها النواب، وليطرح خلالها أي فريق ما يشاء، وأيا تكن نتيجة النقاشات يفترض أن يكون المشاركون تعهدوا بأن يذهبوا الى جلسة انتخاب. وبما أن الرئيس بري وافق على المبادرة فيتعين أن يكون ملتزما أن يدعو إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية، وليس الى جلسات متتالية كما بدأ يشاع، وإلا كان ذلك ينطوي على قطبة إقفال المحضر في نهاية كل جلسة، وتاليا العودة إلى الجلسة التالية مع الحاجة مجددا إلى أكثرية الثلثين للانتخاب وليس النصف زائد واحد ابتداء من الدورة الثانية وما فوق".

واعلن جعجع انه "وفق هذه القواعد، سرنا بالمبادرة، وتكتل الاعتدال لم يكن بعيدا أبدا من هذا التصور والمسار. ولكن ما حصل أن فريق الممانعة بدأ يعطي إشارات إلى الالتفاف عليها، من تأخير حزب الله تحديد موعد للتكتل، والكلام عن وجوب ترؤس الرئيس بري اللقاء الحواري وعن أن الحوار ليس تداع، ورفض ترك جلسة الانتخاب مفتوحة. وتاليا فإن الإمعان في تعطيل هذه المبادرة سيكشف أكثر المعرقل الحقيقي للانتخابات الرئاسية، وأن الفريق الآخر يطرح معادلة سليمان فرنجية أو لا انتخابات. وألم يكن هذا الفريق يريد تحاورا ونقاشا بين الكتل للذهاب الى الانتخابات؟ ليتفضلوا إلى هذه الصيغة. ولكن على ما يبدو أن النيات الحقيقية ستكشف أمام الجميع".

واكد أن "مبادرة تكتل الاعتدال تأتي على وهج معاودة مجموعة الخمس حول لبنان تحركها عبر سفرائها في لبنان"، واوضح انه "قد تكون هذه المبادرة منسقة مع المجموعة وربما لا، وفي أي حال هي طرح جيد، وينبغي أن يسير بها الجميع إذا كانت النيات صادقة، والا تكون اللعبة انكشفت".

وردا على سؤال، اشار جعجع إلى أن "البحث في الأسماء قد يحصل إذا أراد فريق أو آخر طرح أسماء، وإذا حصل اتفاق على اسم، فهذا جيد أين المشكلة، وفي حال وصل النقاش إلى اسمين أو أكثر ولم يتم تفاهم، نذهب الى جلسة الانتخاب المفتوحة بدورات متتالية كل بمرشحه، ومن دون أن يعني ذلك بأي حال حصر الجلسة مسبقا بعدد محدد من أسماء المرشحين يكون جرى التوافق عليها في اللقاء الحواري بجلسته الوحيدة".

وعن خلفيات إدارة مجموعة الخمس محركاتها مجددا في ما خص الملف الرئاسي، سأل جعجع "لماذا الغرق في الـ ما ورائيات؟ في النهاية النواب هم الذين سينتخبون. ودول الخماسية يمكنهم أن يتمنوا على لبنان. وهذه الدول تاريخيا لديها مصالح وعلاقات في لبنان، من فرنسا الى السعودية، والولايات المتحدة كذلك وقطر ومصر. وما تقوم به هذه المجموعة هو الحض على إنهاء الشغور الرئاسي، مع اعتبار أن ما تشهده المنطقة يجب أن يشكل حافزا إضافيا للإسراع بإنجاز الانتخابات الرئاسية فينتظم عمل المؤسسات. وحاولت بعض دول الخماسية طرح بعض المرشحين في مرحلة معينة، ولم ينجح الأمر. والآن الضغط هو لإجراء الاستحقاق وسد فجوة كبيرة في عجلة الحكم والمؤسسات".

اضاف: "بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها سفراء مجموعة الخمس للرئيس بري، أيقنوا أن العقدة تكمن هناك. ومن هنا بدأ فريق الممانعة يحشر، لأن لعبته بدأت تنكشف وفق ما كنا نقوله منذ البداية، لجهة أن هذا الفريق لن يفرج عن الاستحقاق الرئاسي إلا حين يضمن وصول سليمان فرنجية".

وعن كيفية كسر هذا المأزق والكلام الذي يتم تداوله عن إمكان فرض عقوبات على المعرقلين، اعتبر انه "للمرة الأولى، أشعر في أوساط الخماسية بأن ثمة كلاما عن تحميل المسؤولية لمن يعطل. وربما في مكان ما يكون تحرك تكتل الاعتدال في هذا السياق. ومن هنا في رأيي أن فريق الممانعة محشور في موقفه من المبادرة التي بالحد الأدنى ستكشف نياته الحقيقية".

وعن رفض الرئيس السابق ميشال عون والنائب جبران باسيل لمنطق وحدة الساحات في إشارة تمايز عن حزب الله، اعتبر جعجع ان "من السهل جدا قراءة الأمر، فأنا متخصص في الحالة العونية، ومن هنا أؤكد لكم أنه في حال بادر حزب الله إلى إعطائهم ما يريدونه على مستوى الداخل لقاء ان يأخذ الحزب لبنان إلى حرب ولو في تنزانيا، فسيقولون: لا بأس عندنا جالية في تنزانيا ينبغي الدفاع عنها في وجه داعش. وان ما يحاولون الإيحاء به الآن لا علاقة له بموقف مبدئي، بل مرده إلى أن حزب الله لم يعد يماشيهم دائما في الملفات الداخلية، وأحدهم في محور الممانعة قال انه إذا أعطى الحزب باسيل ما يريده وأراد القتال في أفغانستان سيكون جبران إلى جانبهم".

من جهة اخرى، لفت جعجع الى ان "الأوضاع في المنطقة، من البحر الأحمر إلى جنوب لبنان، باتت أكثر جدية وخطورة. لذا في تقديري أن الإسرائيليين يعنون ما يقولونه في شأن الجبهة في جنوب لبنان. ومن هنا على "حزب الله" الأخذ في الإعتبار الوقائع الجديدة التي نشأت بعد 7 تشرين الاول والتصرف على أساسها، وإلا يمكن أن يودي بحاله وبالجنوب وباللبنانيين إلى الجحيم إذا إستمر في الإعتقاد ان اللعبة ما زالت على حالها".

واضاف: "في كل الأحوال، لا نريد إطلاقا أن يعطي حزب الله شيئا لاسرائيل، بل نريده أن يعطي لبنان. وسؤالي هو: إذا كانت المسألة تتعلق بحماية لبنان، والدفاع عنه، فمن المناطق والنقاط حيث يتواجد حزب الله، هل هو في وارد أو يستطيع احتلال الجليل؟ بالتأكيد لا، إذا كنا جديين في المقاربة. وإذا انسحب الحزب وانتشر الجيش اللبناني بأوامر قتالية مكانه، وذلك بتأييد من دول العالم أجمع، ماذا ستكون النتيجة؟ نحن لا ولن نقبل بالتخلي عن حبة تراب لبنانية لأحد، ولكن في الوقت نفسه لا نقبل، أن تتم التضحية بجنوب لبنان مثلا وزج البلاد في حرب كبيرة من أجل سياسات إيران في المنطقة. وإذا انتشر الجيش اللبناني في الجنوب ألا يكون ذلك حماية أكبر للبنان وتفويتا على أي سيناريوات قد تضعنا في فوهة البركان؟".

واشار الى ان "ما يحصل في الجنوب وعبره يؤدي بالبلاد إلى الهاوية، وكل هذا لماذا؟ في النهاية يجب أن يفهم الجميع أن لبنان ليس ولا يمكن أن يكون للدفاع عن حزب الله وسلاحه. وتجيير لبنان للدفاع عن الحزب يعني استطرادا الدفاع عن الاستراتيجية الايرانية في المنطقة. وهذا غير منطقي ولا مقبول من غالبية الشعب اللبناني. وتاليا وكأن اللبنانيين في غالبيتهم مخطوفون ويتم اقتيادهم عنوة إلى حيث لا يريدون. وأتصور أن حتى غالبية اخواننا الشيعة لا يريدون الحرب".

وتابع جعجع: "في رأيي أن حزب الله يتكل على الولايات المتحدة التي تصرح كل يوم بأنها لا تريد توسع الحرب. وفي تقدير الحزب أنه إذا كانت واشنطن لا ترغب في الحرب الشاملة، فهذا يعني أنها لن تقع، وتاليا هو يمضي في مغامرته الراهنة".

وختم: "الحديث عن إمكان توظيف مجريات حرب غزة وما بعدها في الداخل اللبناني عبر تفاهم أميركي - إيراني وهم، فـلا أحد في وارد أن يعطي هدايا لأحد. وإذا افترضنا، وفقط من باب المحاكاة، أن الولايات المتحدة، وربطا بمسارات خارجية أخرى أو بالرغبة في أن يقدم حزب الله شيئا في ما خص جبهة الجنوب، أرادت ان تعطي للممانعة شيئا ما في لبنان، فكيف تفعل ذلك؟ هل لديها مثلا نواب في البرلمان؟ والتوازن الحالي في مجلس النواب قائم ومستمر ومواقف المعارضة ثاتبة وواضحة وكفيلة بأن لا يترجم أي تفاهم خارجي لا تقبل به، هذا على افتراض أن مثل هذا الأمر قد يحصل".