تأسّف أبو وسيم (إسم مستعار) على أرضه وكروم ​الزيتون​ التي لم يستطع قطفها نتيجة الحرب الدائرة في ​الجنوب​ والمواد السامة الفوسفورية المستعملة، والتي تقضي على كامل المزروعات ومنها الزيتون الذي ينتظره الأهالي من موسم الى آخر ليعتاشوا منه، وكأنّه لا تكفي سكان القرى الحدودية والمناطق الجنوبية الأوضاع الإقتصاديّة الصعبة واختلاف الوضع المعيشي لتأتي الحرب فتحمّلهم أعباء إضافية غير خطر الموت.

مشكلة أبو وسيم ليست الوحيدة فأمثاله في الجنوب كُثر ممن خسروا محصولهم نتيجة القذائف التي تصيب المزروعات فإمّا تتلفها بالكامل أو يصبح مستحيلاً جنيها. وفي هذا الاطار يشير أبو وسيم الى أنّه "لدينا كروم في مناطق حدودية وقد حاولنا البحث عن مخرج في بداية الحرب لجني المحصول ولم ننجح، والأكيد أنّه تلف نتيجة الأوضاع، من ال​قصف​ الى رمي قنابل الفوسفور".

أمام هذا المشهد لا يخطر في بال الاهالي سوى الخطر الكبير الذي يُمكن أن يحدق بهم، أو الأمراض التي يُمكن أن تصيبهم نتيجة استعمال ​اسرائيل​ لـ"الفوسفور" المحرّم دوليًّا على المزروعات. وما لا يعرفه كثيرون أن المزارع يسمّد عمليّا بهذه المادّة، هذا ما يؤكده استاذ علم التربية وتغذية النبات في الجامعة الاميركية الدكتور عصام بشّور لـ"النشرة"، مشيراً الى أن "قصف "الفوسفور" يشكل ضرراً حقيقياً على النبات إذا كان بكميات مرتفعة جداً، ولكن عندما نتحدث عن ضرره علينا أولاً أن نعرف ما هو الخطر الذي يسبّبه".

في البداية وقبل كلّ شيء علينا الاشارة الى أن الفوسفور هو قنبلة حارقة وهي لزجة ولا تنطفئ بسهولة حتى تنتهي بالكامل فقط، او اذا انقطع عنها الهواء، لذلك ممنوع استعمالها على البشر لأنها قد تلتصق ب​الانسان​ وتدخل الى الصدر وتصيبه بحروق خطيرة، أما بالنسبة الى الشجر فهي أيضا تتسبب ب​الحرائق​ عند ملامستها المكان الذي تصل إليه لذلك فإنّ الأحراش معرّضة للضرر الفعلي".

كلّ هذا الكلام قد يكون سهلاً أمام هول المشهد أو مصيبة المزارع الذي وصل الى أرضه فوجدها محترقة ولا يدري كيفيّة التعامل مع الوضع. وهنا ينصح الدكتور بشور ​المزارعين​ بعدم الاقتراب من الارض لمدة أسبوع بعد تعرض الأراضي للفوسفور لأنها ستكون ملوّثة، على أن يقوم بعد مضي الفترة المذكورة بريها ومن ثمّ تُفلحُ من جديد"، مع الاشارة الى أن الخطورة الاكبر هي على مياه الينابيع والانهر الّتي ستلوثّها المادة كثيرا"، ويؤكد بشور الى أن "الفوسفور لا يمكن أن يصل الى جوف الأرض لانّ طبيعة الارض الكلسية تمنع ترسّب هذه المادة وبالتالي ستبقى على سطح الارض، وحتما لا وجود للخطر على ​المياه​ الجوفية أو غيرها".

إذاً، لا يمكن القول أن القصف بالفوسفور لا يؤثّر على المزروعات، وقد يكون الضرر الاكبر على المزارع بفقدان محصوله وتضرر ما لا يراه بالعين المجرّدة من تلوّث قد يطال أي شيء آخر للعمل على معالجته.