على الرغم من إستمرار معادلة الشروط والشروط المضادة، لا يزال هناك في الداخل اللبناني من يتأمل الوصول إلى إتفاق لانتخاب الرئيس المقبل في وقت قريب، إنطلاقاً من الجهود المستمرة على هذا الصعيد، سواء كانت على المستوى الخارجي من خلال الإجتماعات المتكررة لسفراء اللجنة الخماسية، أو على المستوى الداخلي عبر الحراك الذي تقوم به كتلة "الإعتدال الوطني"، من دون تجاهل إمكانية الدخول الأميركي على الخط، من خلال الجهود التي يقوم بها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، خصوصاً إذا ما نجحت الجهود الهادفة إلى التوصل لهدنة في قطاع غزة.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية متابعة، عبر "النشرة"، إلى ان الأمور تتوقف على المسار الذي ستسلكه على مستوى الحرب القائمة في قطاع غزة، نظراً إلى أي هدنة هناك من المفترض أن تنعكس على الجبهة الجنوبيّة، الأمر الذي يفتح الباب أمام إمكانيّة تكثيف الجهود المرتبطة بالإستحقاقات الداخليّة، رغم أن هناك من يعتبر انّ الحسم لا يمكن أن يكون قبل وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة، أيّ الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار لا هدنة فقط.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هناك بعض التطورات التي يمكن التوقف عندها على هذا الصعيد، أبرزها عودة الحديث عن إقتصار الجهود الفعلية على اللجنة الخماسيّة، على أساس أنها الممر للتسوية، في مقابل تراجع الحديث عن دور الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، إلى جانب حصر مهمة هوكشتاين بالملف الحدودي، ما قد يقود إلى تراجح حظوظ طرح المقايضة، الذي كانت الكتل النيابية المعارضة قد حذرت منه، وهي أبلغت الموفد الأميركي رفضها له خلال لقائه معه في زيارته الماضية إلى بيروت.

من وجهة نظر المصادر نفسها، هناك قناعة إقليمية ودولية بالحاجة إلى إنتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، بسبب دقة المرحلة التي من المفترض أن تلي إنتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة وجنوب لبنان، لكنها في المقابل تشير إلى أن الأفرقاء المحليين، على ما يبدو، لم يصلوا بعد إلى مرحلة الحسم، ما ترى أنهم، في نهاية المطاف، سيجبرون عليه، لتجاوز العراقيل التي يضعها كل منهم في هذا المجال، عند الوصول إلى اللحظة الخارجية المناسبة.

في هذا الإطار، لدى أوساط سياسية معنية قراءة مختلفة لمسار الأمور، تنطلق من تقديرها صعوبة الوصول إلى أيّ تسوية في الوقت الراهن، بسبب الأوضاع الملتهبة على المستوى العسكري، حيث تلفت إلى أنّ التركيز لا يزال ينصب على منع تدحرج الأمور نحو مواجهة واسعة، خصوصاً على جبهة جنوب لبنان، وترى أنه في ظل هكذا أجواء لا يمكن الحديث عن حلول سياسية، في حين أن إحتمالات تلك المواجهة لا تزال قائمة.

بالإضافة إلى ذلك، ترى هذه الأوساط أن هناك معادلات، على مستوى المواقف، ينبغي التوقف عندها بدقة، حيث تشير إلى أن الولايات المتحدة، على عكس ما تبلغ بعض الأفرقاء المحليين، لا تلغي فرضيّة الربط بين الملفّين الرئاسي والحدودي، بسبب الحاجة إلى تجميع الأوراق قبل الجلوس حول طاولة المفاوضات، بينما على المستوى الداخلي، كان من الواضح أن "حزب الله" تقصد إعادة التذكير بمعادلة "الرئيس الذي يحمي ظهر المقاومة".

في المحصّلة، تشير الأوساط نفسها إلى أنّه، في حال إستثناء معادلة الربط بين الرئاسة والحدود، فإنّ التسوية تتطلب أبعد مما هو قائم في الوقت الراهن من جهود، فعلى المستوى الخارجي من المفترض دخول إيران على خط الإتصالات، أما على المستوى الداخلي فيجب إنتظار تحولات لدى الأفرقاء المحليين، وتضيف: "في الوقت الراهن، يبدو أن الأمور متوقفة على المسارين، ما يعزز فرضيّة أن آوان التسوية لم يحن بعد".