شكّلت مسألة تسليم "داتا" النازحين السوريين الى الدولة اللبنانية، مفترق طريق أساسي في ملف هؤلاء المسجّلين في لبنان، خصوصاً وأنها جاءت بعد طول جدال، وبعد أن أحكمت مفوضية اللاجئين السوريين قبضتها عليه منذ البداية. وتأتي هذه الخطوة بعد مطالبات كثيرة بتنظيم دخول وتواجد السوريين في لبنان.

لم تعد المخيمات فقط المكان الوحيد أو الملجأ للنازحين السوريين، بل اصبح هذا التواجد في مختلف المناطق اللبنانية، وأعدادهم تكاد تفوق المليون ونصف مليون نازح، وتنهال عليهم المساعدات لناحية الطبابة والتعليم والمسكن والمازوت وغيرها... هذه المحفّزات كلّها التي تؤمّنها الأمم المتحدة، محصورة بغرض بقائهم في لبنان، ولم يعد خافياً على أحد أن النازحين السوريين يتنقلون، ذهاباً وإياباً، من لبنان إلى سوريا والعكس صحيح، والسؤال: "كيف لنازح سوري، التجأ إلى لبنان بحجة الهروب من الأوضاع الأمنية الصعبة في سوريا، أن يذهب إلى بلده، ومن ثم يعود إلى لبنان ويبقى حاملاً صفة النازح؟!".

في هذا السياق، تعتبر مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن تسليم مفوضية اللاجئين "الداتا" للأمن العام إنتصار بحدّ ذاته، وتشير المصادر إلى أن "المرحلة التالية يجب أن تكون عملياً على الحدود اللبنانية، بحيث على الأمن العام، واستناداً إلى الداتا التي سلّمت اليه، أن يتابع بدقّة جميع السوريين الداخلين إلى لبنان والخارجين منه إلى سوريا، بحيث تسقط عن كل من يغادر ويعود إلى لبنان، صفة النازح، ويصار الى شطبه من خانة النازحين. وتسأل المصادر: "هل سيقوم الأمن العام بذلك فعلياً؟"، لتستطرد فتجيب انه حتى الساعة، من المتوقع ان يباشر الامن العام المرحلة الأولى والقاضية بـ"فلترة الداتا" المسلّمة اليه ويقارنها بتلك الموجودة لديه، ليقوم بعدها بتطبيق القوانين على النازحين وأولها قانون الدخول إلى لبنان والخروج منه".

وتلفت المصادر، في المقابل، إلى أن "موضوع النازحين السوريين منتشر بكثرة في البلدات والقرى، من هنا يحتاج إلى عناصر عديدة من الأجهزة الأمنية وخصوصاً الأمن العام لمراقبة الحدود والتأكد من القيام بالمهمات، وكذلك في الداخل لمعرفة أماكن إقامة هؤلاء وتواجدهم في البلدات".

لا شكّ أن وجود كل هذه الأعداد في لبنان يشكّل تحدياً للهوية اللبنانية والأمن اللبناني، والسؤال هنا: "هل يستثمر لبنان عبر الأمن العام الفرصة الذهبية التي نالها بحصوله على "الداتا"، أم أن السياسة يمكن أن تلعب دورها في هذا الملف وتعيق وصوله إلى الخواتيم المرجوة لتقليص أعداد الذين يحصلون على صفة نازح مع مراعاة القوانين والانظمة المرعية الاجراء؟".

الايام المقبلة كفيلة بإظهار كيفية إدارة هذا الملف، وحتى ذلك الوقت، تبقى الأنظار مركّزة على مرحلة ما بعد تسليم "داتا" النازحين، فهل يبقى هذا الملف قنبلة موقوتة وتبقى معه المساعدات التي تقدمها الامم المتحدة للنازحين سعيا لبقائهم في لبنان وعدم عودتهم؟ أم أن تقاطعا يمكن أن يحصل في أي لحظة يسمح بإعادتهم الى سوريا بعد انيثبت بما لا يقبل الشك ان حياتهم غير مهددة بدليل حرية تنقّلهم من والى لبنان عبر الاراضي السورية؟