على وقع ارتفاع حدّة المواجهات على الجبهة الجنوبيّة، وتصاعد التّهديدات الإسرائيليّة بشنّ حرب واسعة على لبنان، لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "بعدَ أكثر من شهر، ردّ لبنان رسمياً على الورقة الفرنسية التي تسلّمها من وزير الخارجية الفرنسية ستيفان سيجورنيه، في شأن الوصول إلى تدابير أمنية مع العدوّ الإسرائيلي، لإعادة الهدوء إلى الجنوب؛ والتمهيد لتسوية للحدود البرية مع كيان الاحتلال".

وذكرت أنّ "السفير الفرنسي في بيروت هيرفي ماغرو تسلّم الردّ أمس، من وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، الذي شكر باريس على "العاطفة والاهتمام الدائم بلبنان". وعلمت "الأخبار" أن الردّ أتى كـ"رفع عتب، بعد رسائل فرنسية عدة تستفسر عن سبب التأخير وشعور الفرنسيين بالتجاهل".

وأشارت مصادر بارزة للصحيفة، إلى أنّ "بعد زيارة الموفد الأميركي عاموس هوكشتاين لبيروت في الرابع من الشهر الجاري، جرى إهمال الورقة لأكثر من سبب، أهمّها موقف القوى الأساسية التي اعتبرت أن الورقة تتبنّى مطالب العدو الإسرائيلي بالدرجة الأولى، ولاقتناع هذه القوى بأن باريس لا تحظى بتأييد أميركي، وأن الولايات المتحدة لن تترك هذا الملف في عهدة فرنسا".

وركّزت على أنّ "مع زيارة هوكشتاين الأخيرة حاملاً مقترحاً للهدنة بين لبنان وإسرائيل، ربطاً بمفاوضات الهدنة في غزة، استشفّ المسؤولون الذين التقوا الموفد الأميركي أن زيارة الأخير تحمل في جوهرها أهدافاً عدة، من بينها إيصال رسالة بأن ملف الهدنة وتسوية الحدود البرية هما في عهدة الأميركيين وحدهم ولا أحد غيرهم، وأن كل المبادرات التي يحملها موفدون غربيون وعرب إما أنها منسقة مع الأميركيين، أو هي لزوم ما لا يلزم؛ لذلك جرى التعامل مع الورقة بتجاهل بعدما حضر الأصيل للتفاوض".

وأفادت المعلومات بأنّ "الرد تضمّن إطاراً عاماً، يُبدي فيه لبنان استعداده للتطبيق الفوري للقرار 1701، شرط التزام إسرائيل بتطبيق مندرجاته، وكذلك استعداده لمعاودة الاجتماعات الثلاثية في الناقورة. ورحّب بالجهود الفرنسية لإرساء الاستقرار، مشدداً على موقف لبنان الداعي الى وقف الحرب بكل أشكالها، وإجبار إسرائيل على وقف انتهاكاتها وعدوانها".

كما كشفت مصادر مطّلعة لـ"الأخبار"، أن "تحضير الردّ سبقته إشكالات متعلقة بعدم التنسيق بين رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية، نتيجة الخلاف بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وبوحبيب"، لافتةً إلى أن "لبنان كان لديه ردّان: الأول عمل عليه فريق مستشارين لدى ميقاتي، والثاني عمل عليه فريق في وزارة الخارجية بشكل منفصل، قبل أن يتمّ التوصل الى ورقة واحدة بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب نبيه بري. واتُفق أن يكون الردّ عاماً، من دون الدخول في تفاصيل بنود الورقة الفرنسية، والاكتفاء بالتأكيد على تطبيق بنود القرار 1701".

الرد اللبناني على المقترح الفرنسي

في سياق متّصل، ذكرت معلومات صحيفة "الجمهورية"، أنّ "الرد اللبناني، وبعد التنويه بالمبادرة الفرنسية وشُكر باريس على الجهود التي تبذلها تجاه لبنان، اكد انّ لبنان لا يريد الحرب، ولا يسعى اليها، خلافاً لإسرائيل التي تواصل اعتداءاتها الوحشية على لبنان، وتسعى الى توسيع دائرة المواجهات؛ ودَفع الامور نحو حرب اقليمية".

وشدّدت على أنّ "الرد اللبناني لحَظ تأكيد التزام لبنان بالقرار 1701، ودعوة المجتمع الدولي الى العمل المساعد على التطبيق الشامل لهذا القرار، وضرورة توفير الدعم اللازم للجيش اللبناني لتمكينه من اداء مهمته الى جانب قوات اليونيفيل؛ مع التشديد على عودة النازحين اللبنانيين الى بلداتهم".

خيوط التهدئة تتجمع

على صعيد متّصل، اعتبرت مصادر دبلوماسة اوروبية عبر صحيفة "الجمهورية"، أنّ "ما نشهده من تطورات يومية وعمليات عسكرية، لم يخرج حتى الآن عن وتيرة معينة تبدو الجهات المعنية مقيّدة بها منذ بدء المواجهات، ما يعكس بوضوح أن اسرائيل و"حزب الله" لا يدفعان نحو مواجهة واسعة، لإدراكهما الكلفة الكبيرة لهذه الحرب".

الا انّها لا تسلّم بثبات الامور على ما هي عليه من مراوحة في التصعيد المضبوط، معربةً عن خشيتها من أن "يسود منطق التصعيد من هنا او هناك، ففي داخل اسرائيل كما في داخل "حزب الله"، اصوات تدفع الى الحرب الواسعة، والخضوع لها يعني اشعال النار على نطاق واسع".

وأشارت إلى أنّ "خيوط الهدنة الطويلة الامد في غزة تتجمّع، برغم التصعيد ورفع سقف الشروط من قبل اسرائيل وحركة "حماس". والجانبان مُدركان انّ سقف الشروط سينخفض في نهاية المطاف، ولا مفرّ من بلوغ هدنة تتأسّس عليها هدنة او هدنات"، مبيّنةً أنّ "على الخط الموازي، تتحرك جهود الحل السياسي على جبهة لبنان، لصياغةٍ تَضبط المنطقة على تفاهمات ترسّخ الامن والاستقرار على جانبي الحدود".

ما قبل 7 تشرين

وعن الحل السياسي للمنطقة الجنوبية، أكّد معنيّون بحركة الاتصالات الاخيرة لـ"الجمهورية"، أنّ "الموفدين الذين سَوّقوا طروحات تلبّي المطالب الإسرائيلية، اصطدموا باستحالة تطبيقها والسير بها"، مركّزين على أنّ "إسرائيل لا تستطيع ان تُحدِث واقعا جديدا في المنطقة لا بال​سياسة​ ولا بالحرب، ولذلك فإنّ الحل الذي يقبل به لبنان هو العودة بالوضع الى ما كان سائداً في المنطقة الحدودية قبل 7 تشرين الأول الماضي، بفارقٍ جوهري يتجلّى في التطبيق الكلي للقرار 1701، وإلزام اسرائيل بتطبيقه حرفياً".