بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدالله والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعاملين وعلى آله وصحبه وسلم.

على الصائم في شهر رمضان الكريم أن يدرك الغاية والمقصود من الصوم، الذي هو أكبر وأهم من ترك الطعام والشراب، وهذا الهدف قد حدده الله تعالى عندما أمر بالصوم فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). فالتقوى هي الهدف، وطبعاً بمفهومها الصحيح (فالتقوى تعني الوقاية، والوقاية تعني الحماية).

إن المراد من صيام شهر كامل، هو شهر رمضان الكريم، صياماً صحيحاً متوازناً، أن يؤمن للصائم حماية ووقاية، فقد ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قوله: "صوموا تصحوا"، كما ورد قديماً عن الطبيب العربي الحارث بن كلدة: "المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء". ويفترض بالصوم الصحيح أن يؤمن حماية ووقاية أخلاقية، فقد قال رسول الله (ص): "إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَجْهَلْ، وَلَا يُؤْذِي أَحَدًا، فَإِنْ جَهِلَ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَوْ آذَاهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ". وقال رسول الله (ص) أيضاً: "مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ".

كما أن الصوم يؤمن حماية ووقاية من البخل والشح، ففي شهر رمضان الكريم تدفع زكاة الأموال وتكثر الصدقات، وزكاة الفطر، ومآدب الإفطار، وفدية الصيام، ويجود الناس بما عندهم من مال أو طعام أو لباس.

لذلك على المسلم أن يراعي في شهر رمضان المبارك القيم السامية والأهداف الراقية لفريضة الصيام وألاّ يحصرها بالجوع والعطش فقط، بل هو شهر الصبر والجهاد والتحمل، وشهر عظيم مبارك. وهو كان دائماً شهر النصر والإنتصارات على النفس وعلى العدو، وشهر الإحساس والشعور بمعاناة الفقراء والمحتاجين والجائعين والمظلومين في كل مكان، وخاصة اليوم أهلنا في فلسطين وغزة، المحتاجون جداً لنصرتنا لهم عملاً وجهاداً وقولاً ودعاء، في ظل ما يتعرضون له من عدوان صهيوني غاشم.

تقبل الله صيامنا جميعاً، وجعل شهر رمضان الكريم والصيام وقاية لنا من النار ومن كل السيئات والشرور والآثام.