على وقع احتمالات توسّع المواجهات على الجبهة الجنوبية إلى حرب واسعة، وزيارة نائب مساعد وزير الخارجية الاميركية إيثان غولدريتش إلى لبنان، أوضحت مصادر دبلوماسية لصحيفة "الجمهورية"، أنّ "الدبلوماسي الاميركي اراد من جَولته على القيادات اللبنانية وفي المنطقة، استقصاء المواقف الاخيرة من التطورات وتفاصيل ما يجري، لتحديد ما يمكن القيام به بالنسبة الى الوضع الناشئ في الجنوب اللبناني، في ضوء الحرب التي يخوضها "حزب الله" دعماً للمقاومة الفلسطينية في غزة، متسائلاً عمّا أنتجته هذه الحرب "سوى أنها أدخلت لبنان في اتون حرب، ولم تقدم ولم تؤخر بالنسبة الى ما يجري في غزة؟".

ولفتت المصادر إلى أنّ "غولدريتش كان واضحا عند شرحه للثوابت التي حكمت موقف الادارة الاميركية من الأحداث منذ بدايتها، "ذلك انها رغبت في حصر ما يجري في لبنان بأسرع وقت ممكن، والتوصل الى الافراج عن الرهائن والاسرى في غزة سريعاً، بعد ان تم الافراج عن مزدوجي الجنسية في المرحلة الاولى، ولكنها ترفض الزج بلبنان في الحرب".

على صعيد الزيارات الدبلوماسية إلى لبنان، علمت "الجمهوريّة"، أنّ "زيارة رئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني اكتسبت أهمية متعددة الوجوه سياسياً واقتصادياً، خصوصاً انّ ايطاليا هي ضمن مجموعة الدول المانحة للبنان، وهي شريكة فاعلة في "الكونسورتيوم" النفطي والغازي عبر شركة "ايني" الايطالية الى جانب شركتي "توتال" و"قطر للطاقة"، علماً انّ "ايني" هي اكبر شريك لقبرص ومصر في المجال الغازي في البحر المتوسط. كما انّ ايطاليا رَعت مؤتمرين لدعم لبنان وجيشه وتستعد لرعاية ثالث من هذا النوع".

واكدت مصادر اطّلعت على أجواء محادثات ميلوني في بيروت، لـ"الجمهورية"، أنّها "أبلغت الى رئيس الحكومة انّ بلادها مستعدة لتأدية دور ملحوظ على مستوى مساعدة لبنان على تَخطّي الازمة السياسية والاقتصادية والمالية الكبيرة التي تعيشها منذ العام 2019، خصوصاً في حال توقّف حرب غزة وهدوء الوضع فيي الجنوب، وصيرورة المنطقة الى حلول لأزماتها المتعددة الوجوده والجبهات".

وبيّنت أنّ "ميلوني شدّدت على أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي بانتخاب رئيس جمهورية جديد، وتكوين سلطة جديدة يَطلّ بها لبنان على العالم. كذلك شدّدت على تمسّك بلادها بالاستمرار في المشاركة ضمن قوات "اليونيفيل"، لضمان الامن والسلام في جنوب لبنان".

ملاحظات غربية على "تماهي" الحكومة مع حزب الله

من جهتها، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّ "الكلام انكفأ أخيراً عن ترتيبات تتعلق باقتراحات دولية لوقف الحرب الإسرائيلية ولجم التصعيد في جنوب لبنان، في انتظار ما ستسفر عنه معركة تحديد المسار الإسرائيلي نحو رفح، الذي يأخذ منحى تصعيدياً متسارعاً. لكن ذلك لم يلغ أن محور الحركة الدبلوماسية لا يزال محصوراً بنقل الرسائل إلى لبنان، وشرح مخاطر السيناريوهات الإسرائيلية".

وركّزت على أنّ "في المقابل، إن ما خلص إليه موفدون غربيون ودبلوماسيون يزورون لبنان، لا يتعلق بمستوى التهديد فحسب، بل بما لفت هؤلاء في حجم التماهي بين الحكومة و"حزب الله" في مقاربة الوضع الجنوبي. فهؤلاء الذين لا يزالون يؤمّون لبنان للقاء المسؤولين الرسميين كرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، يقولون إن ما يسمعونه يعكس انفصالاً تاماً بين العمل الغربي والدولي للجم إسرائيل ومنعها من توسع حربها ضد لبنان، وأداء لبنان الرسمي".

وأشارت الصّحيفة إلى أنّهم "يبدون بشكل متزايد ملاحظات على تعامل الحكومة من موقعها الرسمي، مع دوائر القرار الخارجي، بما يوحي وكأنها ليست على دراية كاملة بحجم المخاطر، رغم تبلّغها مراراً رسائل واضحة في هذا الشأن".

وكشفت أنّ "بحسب ما يصل من ملاحظات، فإن الضغط الغربي الأميركي والأوروبي يتركز، كما أصبح معلوماً، على فرملة أي اندفاعة إسرائيلية لتوسيع إطار الحرب، ومع ذلك لا يميز لبنان الرسمي نفسه عن "حزب الله"، ولا يأخذ، في المحافل الدولية على الأقل، مسافة عن أداء الحزب وحساباته الإقليمية والدولية".

كما لفتت إلى أنّ "رغم معرفة الموفدين بأن الحكومة عاجزة، بحكم الأمر الواقع، عن القيام بأي خطوة منفصلة عن الإطار العام الذي يؤدي فيه "حزب الله" دوراً أساسياً، إلا أنهم يرون أن ثمة هامشاً كان يمكن للحكومة أن تظهره في مقاربة تطورات الجنوب، وفي البنود التي تُطرح للتخفيف من وقع التهديدات، بما يساعد العواصم الفاعلة على رفع الصوت والضغط على إسرائيل؛ استناداً إلى تمايز موقف الحكومة عن موقف حزب الله".

وأضافت "الأخبار" أنّ "بحسب ما يُنقل عن زوار على مستوى رفيع، أظهرت الأشهر الماضية أن الحكومة لم تتصرف، في محطات أساسية، على أنها قادرة على الفصل بين الموقفين، وإظهار تمايزها للخارج. فالأجوبة التي تتلقّاها الدول المعنية حول بعض النقاط، تتلاقى مع مواقف الحزب، وليس المقصود هنا الموقف المعادي لإسرائيل لأن هذا أمر مسلّم به".

وأوضحت أنّ "كل ذلك يجعل من الصعب إقناع الدبلوماسيين والزوار الغربيين بأن ثمة اعتراضات جدية على دخول "حزب الله" في جبهة مساندة "حماس". ولا تعوّل العواصم المعنية على المواقف السياسية المعارضة للحزب ومشاركته في الحرب، لأنها لا تشكل ثقلاً خارجياً، وتعبّر عن رأي قوى سياسية سواء من خصوم "حزب الله" أو حلفائه السابقين، وليس عن الجهات الرسمية المكلّفة التحدث باسم لبنان".