أشار رئيس أساقفة أبرشيّة ​طرابلس​ المارونيّة المطران ​يوسف سويف​، خلال ترؤّسه صلاة و​رتبة سجدة الصليب​، في يوم ​الجمعة العظيمة​ في كنيسة مار مارون في طرابلس، إلى "أنّنا آمنا بك مسيحاً مصلوباً ومخلصاً. في يوم الجمعة العظيمة هذا، تعالوا نسجد للمصلوب وتصلى مع يسوع مرددين "إلهي إلهي لماذا تركتني؟"، وفي قلوبنا إيمان أن ملكوت الله الذي تحقق بالموت على الصليب، جعلنا خليفة جديدة مدعوة لحمل قضية الصليب والشهادة له".

ولفت إلى أنّ "يوم الجمعة، يختبر يسوع الألم مع البشرية ولأجلها، وهو كلمة الله الذي تجسد لأجلنا، ليتضامن مع الامنا وحزتنا وموتنا. فلحظة الموت هي افظع اختبار يعيشه الإنسان، وفقدان الحياة هو السبب الرئيسي للشعور بالألم الكياني، إلى جانب الآلام النفسية والجسدية والروحية التي ترافق الإنسان على دروب الحياة. وابن الإنسان الذي واجه ساعة الموت، صرخ إلى الأب قائلا "يا أبتاه أبعد عني هذه الكاس"، وتابع صلاته من مزمور إلهى إلهي لماذا تركتني" (مزمور ۱۲۲ - متى ۲۷ (٤٦)".

واعتبر المطران سويف أنّ "يسوع يعبّر عن وجع الإنسان ويأسه وفشله وخيبة أمله، فصلاة يسوع وهي أيضا صلاتنا تعكس الشعور الإنساني عند غياب الله امام مأساتنا. إنه لوم المؤمن الذي يثق بنعمة الرب ولو شعر بهذا الغياب، إنه إيمان بحضور الرب، وبأن الرب الذي أسلم ذاته للموت قائلاً: لتكن مشيئتك، لا مشيئتي الوفا ٢٢ (٤٢)، هو الذي يحمل جراحنا ويشفيها يدمه الطاهر والامه المحببة التي أدخلتنا إلى الملكوت؛ وهو تأكيد ​يسوع المصلوب​ للص اليمين: اليوم تكون معى في الفردوس" (لوقا ٢٣ ٤٣)".

وركّز على أنّ "يوم الجمعة، يتوج يسوع ملكوت الله الذي بدأ إعلانه بعد المعمودية، توبوا لقد اقترب ملكوت الله (متى ۲). انطلق يسوع إلى برية هذا العالم، ينشر ملكوت الرب الذي حققه بشخصه أي بأعماله وأقواله وأفكاره وبكل كيانه كاله وإنسان معاً".

كما شدّد على أنّ "يوم الجمعة هو دعوة للعائلة البشرية كي تنتقل من واقع سقطة آدم بعد الخلق الأول، وسببها الكبرياء، إلى خلق ثان يتجدد بصليب يسوع وآلامه، التي بها شعبنا وتجددنا بهذا التدبير الخلاصي، أصبحنا شعباً مقدسا وجماعة مختصة تؤمن أن الصليب هو نعمة وشهادة وخيار تفرح يحمله وتفخر برسمه على أجسادنا".

ورأى سويف أنّ "الصليب هو قضية تسعى لتحقيقها، ليس فقط ضمن الجماعة المسيحية، بل على مستوى البشرية بأسرها، لحفظ الكرامة وصون الحرية. الصليب هو مشروع حياة يقود كل من يؤمن به الى الظفر فالقيامة. بالصليب يولد كل يوم في الكنيسة شهود وشهداء وقديسون، وها بنا نرى يوميا شهداء من منطقتنا يقدمون ذواتهم قرباناً طاهراً، لرفع الظلم ومحو الجهل ونشر المحبة. ولبناننا الحبيب يختبر في كل حين استشهاد أبنائه نفسياً ووجودياً، من جراء عدم احترام كرامتهم وتأمين العيش اللائق والكريم، من قبل بعض القيمين اللامبالين بوجع الناس والمهم، فاغفر لهم يا أبتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون (لوقا ۲۳ - ٣٤)". وأكّد أنّها "الحقيقة المرة التي تكمن في غياب الحب وسيطرة الأنانية وعبادة الذات، بدلاً من عبادة الله بالحق والروح".