شكّلت قضية رفع الأقساط و"الدولرة"، التي إعتمدتها المدارس الخاصة منذ بداية الأزمة في العام 2019 وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، مشكلة حقيقية لم تجد طريقها إلى الحل منذ ذلك الوقت. فالمدارس تحجّجت بالأزمة للجوء إلى "الدولار"، واستفادت من كون القانون يفرض عليها أن تتقاضى الأقساط بالليرة، لتذهب باتجاه أخذ الدولار عبر صندوق مساعدات ابتدعته، ولا يدخل في موازنة المدارس وهو غير مراقب من أحد الا من المدارس نفسها، وعلى هذا المنوال مرّت السنوات الماضية والمشكلة مستمرة: شكوى من الارتفاع الهائل للاقساط، ورغم ذلك فهي لا تدفع للاساتذة بحجة عدم "الكفاية".

من يقوم بجولة على المدارس ويسمع الأرقام حول الاقساط يخاف، ورغم ذلك لا مراقبة عليها، فوزارة التربية شبه غائبة، لا قانون ينظّم قطاع التعليم، "الدولار" الذي تجبيه المدارس لا يدخل في موازناتها وهي غير مراقبة.

اليوم أضيف إلى هذا المشهد الحديث عن رفع المنح التعليمية، بقرار صادر عن تعاونية موظفي الدولة يصبح نافذاً بعد اقراره بمجلس الوزراء، هذا القرار يأتي في وقت لا تزال تشكو المدارس الخاصة من عدم إمكانية الدفع للاساتذة. ويشير أمين عام المدارس الكاثوليكية الاب يوسف نصر عبر "النشرة" إلى أننا "لا نزال ندفع دون 50% من راتب الاستاذ بالدولار، أيّ أن من كان يتقاضى 1000$ قبل 2019 فهو بالكاد يتقاضى 50% من راتبه الحقيقي بالعملة الخضراء"، لافتاً إلى أننا "نستطيع أن نرفع النسبة عندما تقرّ المنح المدرسية التي ستكون لتحسين قيمة الرواتب والأجور".

بدوره، يرى عضو لجنة التربية النيابية النائب ادغار طرابلسي أن "المنح المدرسية للقطاع العام كانت دائماً الرافعة للتعليم الخاص، مع اهمال التعليم العام، ولا يمارس الأول الشفافية بإبراز الموازنة، الأمر الذي يترك إلتباساً لدى الأهالي والمعلمين، الذين لا ترفع رواتبهم بالدولار بنفس النسبة التي ترتفع فيها الأقساط".

في هذا المجال، تتحدّث المدارس الخاصة، والكاثوليكية تحديداً، دائماً عن طلبات، متناسية صندوق المساعدات "بالدولار" وعدم التدقيق بالموازنات وغيره. واليوم تأتي وعلى لسان الاب نصر، لتشير إلى أن "الأقساط ما تزال دون 50% عمّا كانت عليه قبل الأزمة، وإلى أن المدارس التي كانت تأخذ 4000 دولار قبل الأزمة لم تصل اليوم إلى 2000 دولار، وإلى أنه ومن أصل 350 مدرسة خاصة لا يوجد 30 مدرسة تتقاضى 2000 دولار سنوياً على التلميذ"، ويضيف: "كل مدارس الاطراف في البقاع والشمال بالكاد يصل فيها القسط للتلميذ الى 1000$، أما مدارس جبل لبنان وتحديداً كسروان وجبيل والمتن وبيروت ترتفع فيها الأقساط أكثر من غيرها".

يأتي هذا الكلام في حين لا يزال قطاع التعليم الخاص "مضعضعاً"، فالقانون 515 الذي ينظم موازنات المدارس يتحدث عن أقساط بالليرة، بينما صندوق المساعدات الاجتماعية "بالدولار" هو "في مهبّ الريح" وغير مراقب. ويرى النائب طرابلسي أن "لا حل الا بتنظيم كل هذه الأمور في القطاع التعليمي، وباعادة القانون للهيئة العامة لاقراره".

إذاً، يجب إنتظار الأيام المقبلة لمعرفة ما سيحصل في قضية المنح المدرسية، فهل هي "سلاح" جديد في يد المدارس لتبرير رفع الأقساط والهروب من التدقيق؟! والسؤال، إلى متى ستبقى وزارة التربية متخلية عن دورها في ضبط القطاع التعليمي، خصوصا لناحية موازنات المدارس؟!.