في ظلّ تواصل الاتصالات الدولية لمحاولة تجنيب لبنان الدخول في حرب موسعة، أكّد مصدر رسمي لصحيفة "الديار"، أنّ "هناك جهودا مضنية تبذلها على شكل خاص فرنسا والولايات المتحدة الاميركية، لمنع تدهور الامور اكثر في لبنان"، لافتا الى انه "تم التباحث بهذا الملف خلال زيارة وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن الى فرنسا، وقد تفاهم الجانبان على وجوب ممارسة ضغوط قصوى على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، للتصدي لاي مغامرة قد يُقدم عليها في لبنان".

ما هي مفاعيل ضربة دمشق على "الحزب" في لبنان؟

من جهة ثانية، أشارت صحيفة "الدّيار" إلى أنّ "اهداف تل ابيب من عملية استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق مكشوفة وواضحة، حيث ثمة اندفاعة اسرائيلية مميتة لنقل الحرب الى خارج اراضيها، بعدما نجحت طهران طوال السنوات الماضية في بناء منظومة عسكرية سمحت بخوض المواجهة داخل الكيان، وهو ما لم يسبق ان حصل في تاريخ الصراع العربي- الاسرائيلي".

وبيّنت أنّ "من هنا، كان القرار بالاقتصاص من القيادات التي ادارت وجهزت هذا المشروع، وشاركت في تطوير قدرات الجماعات التي تنسق مع الحرس الثوري، عبر مده بالسلاح وتامين التدريب لكادراته، ودعمه حتى ماليا واقتصاديا".

في هذا الاطار، كشف مصدر دبلوماسي في بيروت للصحيفة، ان "اجتماع المزة جاء بعد اجتماع سبقه بايام، عُقد في طهران وضم القيادات نفسها المشاركة في اجتماع سوريا، بمشاركة قائد فيلق القدس اللواء اسماعيل قاآني، حيث تم الاتفاق على عقد اجتماع ثان في سوريا؛ وهو ما سمح لاسرائيل برصده والتحضير لضربه".

وأوضح أنّ "الساحة اللبنانية لن تكون معنية بالرد الايراني، خلافا لكثير من التوقعات، وبالتالي فان جبهة بيروت، التي تحركها وتديرها حارة حريك، ستبقى متفرغة لنصرة غزة وتامين الاستنزاف المطلوب للقدرات العسكرية الاسرائيلية، رغم ان اهمية تلك النقطة قد تراجعت، مع تراجع العمليات العسكرية في القطاع؛ الا انها تبقى مهمة في حال نفذ رئيس الوزراء الاسرائيلي تهديداته باقتحام رفح".

وركّز المصدر على أنّ "مجموعة من العوامل، الداخلية والخارجية، التي هي ابعد من الرغبة الايرانية نفسها، تحتم وتفرض على "حزب الله" بالبقاء خارج معادلة الرد، ابرزها:

- خارجيا، حيث ياخذ الحزب بالاعتبار المفاوضات الاميركية-الايرانية، بشقيها المباشر وغير المباشر، التي لم تتوقف طوال الفترة الماضية في اكثر من عاصمة عربية، من جهة، واقرار جبهة الممانعة بالتغيير اللاحق في توازنات المنطقة، منذ ما بعد عملية "طوفان الاقصى"، مع الدخول الاميركي العسكري المباشر الى الميدان، من جهة ثانية، مع مراعاة رغبة طهران بابقاء الصراع محصورا بالجبهة الجنوبية، ضمن قواعد اللعبة السابقة.

يضاف الى هذين العاملين، الموقف الاميركي خاصة، والغربي عموما، حيث كان واضحا جدا من خلال رسائل التحذير والتهديد التي وصلت الى بيروت، في ظل الحرب الخفية القائمة ضد حارة حريك منذ قيام ثورة 17 تشرين الاول.

- داخليا: الريبة لدى حارة حريك، من حركة ومواقف بعض أفرقاء الداخل، وما رافقها من احداث على الارض تبعث على القلق، خصوصا داخل الشارع السني، حيث ثمة انقلاب واضح في مزاجه، يضاف الى ذلك العودة الملحوظة واللافتة لمناصري الجماعات الاسلامية، خصوصا شمالا، وهو ما دفع بوزير الداخلية الى الطلب من الاجهزة الامنية والعسكرية وضع خطة امنية في طرابلس والمباشرة بتنفيذها، ليزيد الطين بلة التوتر على الخط العوني- الشيعي؛ الذي يحاول رئيس مجلس النواب عبر حواره مع رئيس "التيار الوطني الحر" التخفيف من وطأته".

القضاء اللبناني لم يتبلغ بمضمون دعوى على ميقاتي في فرنسا

على صعيد منفصل، أفادت صحيفة "الشّرق الأوسط" بأنّه "فيما سلكت الدعوى القضائية التي أقامتها جمعيتان لبنانيتان في فرنسا، على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بتهمة "غسل الأموال والإثراء غير المشروع" مسارها القانوني، لم يتبلّغ لبنان شيئاً بشأنها، إذ أكد مصدر في النيابة العامة التمييزية أن الأخيرة "لم تتلق أي مذكرة من السلطات الفرنسية تتعلّق بهذه الدعوى وتبدي مطالبها بها".

وركّز المصدر لـ"الشرق الأوسط"، على أن "القضاء اللبناني ليس مطلعاً على حيثيات هذه القضية، وأسباب تقديمها في فرنسا بدلاً من لبنان"، مشدّدًا على أنه "عند ورود أي مستند، سيتم التعامل معه ضمن الأطر القانونية".

"عملاء" نجحوا بتنفيذ عمليات كبيرة في لبنان وتوقيفات حصلت بتعتيم "مقصود"

من جهة ثانية، ذكرت صحيفة "الدّيار" أنّ "في السابق، كان العدو الاسرائيلي يجد صعوبة في تجنيد العملاء، وكان يهتم بتجنيد "النخبة" منهم، ولكنه مؤخراً وبحسب مصادر أمنية متابعة لهذا الملف، أصبح يعتمد على "الكثرة"، على اعتبار ان التجنيد بات أسهل بوجود وسائل التواصل الاجتماعي، بحيث قد لا يعلم المجنّد أنه يعمل مع الاسرائيليين، وأحياناً يعلم بعد تورطه فيخشى الانسحاب؛ الى جانب أيضاً الأرضية الخصبة بسبب الأزمة الاقتصادية".

ولفتت إلى أنّ "هذا لا يعني أنه ليس للاسرائيليين عملاء مدربين ومجهزين، وكان لهم بصمة خلال هذه الحرب، في العمليات التالية:

- البداية من اغتيال المسؤول الثاني في حركة "حماس" صالح العاروري، حيث كان للعملاء دور كبير وبارز، أهم من الوسائل التكنولوجية المتطورة التي قيل إنها لعب الدور الاساسي بالاغتيال. فبحسب المصادر، إن العملاء كان لهم الدور الأكبر الذي مهد الطريق أمام استخدام الوسائل التكنولوجية لتنفيذ الاغتيال، وتُشير المصادر الى أن دور العملاء كان بارزاً ليس في يوم التنفيذ أو قبله بأيام فقط، بل في مرحلة سابقة تمكن خلالها العملاء من اختراق أشخاص محيطين ولصيقين بالعاروري، كانوا معه في الشقة التي استهدفت؛ كما أن التحقيقات مع من خرج حياً من الشقة أظهرت أيضاً معلومات ثمينة حول كل هذه المسألة.

- العملية الكبيرة الثانية التي كان للعنصر البشري دور فيها، كانت اغتيال القيادي في المقاومة وسام طويل في خربة سلم، حيث لم تكن العملية نتيجة جهد تكنولوجي فحسب، بل كان للعنصر البشري "العميل" دور أساسي فيها، من خلال اكتشاف الهوية ومراقبة الهدف ومعرفة مسألة قدومه الى بلدته واختيار منزل غير منزله للإقامة فيه؛ ورصده الى حين تنفيذ العملية بواسطة عبوة مزروعة على جانب الطريق".

وكشفت المصادر أن "المعنيين بالمجال الأمني تمكنوا خلال هذه الحرب من توقيف أكثر من عميل، كما تم الاشتباه بآخرين وتتم ملاحقتهم ومراقبتهم اليوم بشكل مباشر، وقد يجري توقيفهم قريباً"، مبيّنةً أن "بعض العملاء الذين كان لهم دور في العمليات المذكورة أعلاه، هم من الموقوفين منذ ما قبل بداية الحرب، ولكن تمكن العدو مطلع الحرب من الاستفادة من عملهم".

وأضافت: "لا يتم الاعلان عن كل التوقيفات التي تحصل لأسباب أمنية"، مشيرةً إلى أنّ "من غير المفيد إبلاغ المشغل بتوقيف العميل الآن، لأن استمرار التواصل بين العميل ومشغله هو بمثابة كنز ثمين يمكن الاستفادة منه في هذه الحرب".