كان الاسبوع الحالي حافلاً بالمستجدات على كافة الصعد، فقد فتحت حادثة مقتل منسّق حزب "القوات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان، الباب على مصراعيه في قضية النزوح السوري الذي تعاني منه البلاد منذ العام 2011... هذه الجريمة لم تشكّل الحدث الوحيد، فقد تزامنت مع زيارة الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس الى لبنان، التي كان هدفها الاساسي معالجة مسألة تسلل النازحين السوريين الى قبرص عن طريق البحر.

تعطي قصّة السوري وجدي رزق البالغ من العمر 26 عاماً والذي لم يجد سبيلاً للهروب من الخدمة العسكرية في الجيش السوري، الا عبر الدخول الى لبنان بطريقة غير شرعية عبر اللجوء الى أحد المهرّبين السوريين، فكرة عن مسارتنقّلالسوريين عبر العالم. ففي هذه الحالة، كما غيرها، لم يكن لبنان سوى مجرّد محطة للانتقال الى قبرص (البوابة الاقرب للقارة الاوروبية)، بحيث يتولى المهرّبون السوريون تسهيل عملية دخول السوريين الى لبنان لنقلهم بعدها الى أوروبا ومنها قبرص تحديداً، "بقوارب الموت".

لا شكّ أن القبارصة خائفون من عملية النزوح والهجرة غير الشرعية للسوريين، ولا شكّ أيضاً أن لبنان لا يملك الوسائل والامكانات التي تمنع ان يكون محطة على درب اوروبا، خصوصاً في ظل الازمة القاسية التي يعيشها منذ سنوات، واختيار الامم المتحدة صمّ آذانها عن دعواته المتكررة والعاجلة لاعادة السوريين الى بلدهم والتخفيف من حدة الازمة المتفاقمة التي يلقونها عليه. وتشير مصادر مطّلعة عبر "النشرة"، الى أن "ما تريده قبرص عملياً هو إعادة النازحين الذين دخلوا أراضيها بطريقة غير شرعية، الى بلادهم وتدرك تماماً صعوبة القيام بذلك كون الاتحاد الاوروبي يمنع العودة الى سوريا، ويُفرض على لبنان استقبالهم".

ولكن اللافت في هذا الموضوع، هو الموقف القبرصي المتقدّم في هذا الملف، إذ بحسب المصادر فإن المسؤولين اللبنانيين سمعوا الرئيس القبرصي يشير بكل وضوح الى أنه وفي حال تمّ إيجاد مناطق آمنة في سوريا، يمكن البدء بإعادة قسم صغير من النازحين الى هناك، كخطوة اولى تليها خطوات مماثلة متلاحقة.

هذا الكلام قد يكون جديداً للبعض أو مفاجئاً لآخرين، ولكن هذا موقف قسم من الدول الاوروبية ومنها هنغاريا وبولونيا وإيطاليا واليوم تضاف اليها قبرص، ولكن أصوات الدول الاوروبية الكبرى الاخرى كفرنسا والمانيا وبريطانيا التي تمنع العودة الى سوريا أو تحاربها، تطغى على كل ما عداها . وتشير المصادر الى أن "الأنظار تتجه اليوم في هذا الملف بالذات الى شهر أيلول المقبل وهو موعد الانتخابات في الاتحاد الاوروبي"، لافتة الى أن "الترجيحات تتحدث عن فوز يُمكن أن يحققه اليمين المتطرف في أوروبا والذي يقف مع عودة النازحين السوريين الى مناطق آمنة في سوريا" وبالتالي، إن صحّت هذه التوقعات وجاءت النتيجة مرضية لتوجّه بعض الدول الاوروبية، فـ"إن هذا سيعتبر نقطة تحوّل أساسية في الملف لصالح اعادة النازحين، وبالتالي سيتغيّر النقاش في هذا الموضوع وأغلب من يفاوضهم لبنان وغيره حالياً في مسألة النازحين قد لا يحتفظون بمناصبهم ".

إذاً، تبقى الآمال معلّقة على حصول تحوّل في ملف النازحين على المستوى الاوروبي، وحتى ذلك الوقت، فإن لسان حال الاوروبيين هو انه يجب العمل على تعزيز قدرات الأجهزة الأمنية اللبنانية للحد من تسلل السوريين من لبنان الى أوروبا... فلماذا لا يتحرك العالم لاغلاق المعابر البرية غير الشرعية على الحدود اللبنانية- السورية، عوضاً عن الاكتفاء بالتضييق على الطرق البحرية في وجه النازحين؟!