أشارت صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أنّ "السلطات اللبنانية فوجئت بمضمون الموقف المتقدم الصادر عن البنك المركزي، الذي انطوى على تحذير صريح للحكومة والمجلس النيابي معاً، من تبعات التأخير المستمر في معالجة الأزمة المصرفية، وبدء التفاوض الجدّي مع الدائنين، ما سيفضي استطرداً إلى إضعاف المكانة المالية للدولة؛ وتآكل حقوق المودعين بالبنوك مع مرور الزمن".

وأكد مسؤول مصرفي لـ"الشرق الأوسط"، إلى أنّ "توقيت صدور موقف المركزي ومضمونه، عشية توجه حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري إلى واشنطن، للمشاركة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، يستهدفان أيضاً إبلاغ الرسالة عينها للمرجعيات المالية الدولية، ولا سيما لجهة المناداة، بأهمية "وضع خطة واقعية وعلمية للمعالجة، واستعداد السلطة النقدية للقيام بكل ما تفرضه القوانين المرعية الإجراء» لإتمام هذه المهمات".

وأوضح أنّ "الرسالة تحمل أيضًا ضمنًا، إشعارات موجهة إلى الهيئات الرقابية الإقليمية والعالمية ووزارة الخزانة الأميركية، بالتزام البنك المركزي بتطوير آليات مكافحة الجرائم المالية، طبقاً للمعايير الدولية، والتعامل بجدية مع الملاحظات الواردة لاستكمال معالجة الثغرات القانونية والإجرائية الخاصة بستة معايير، من أصل أربعين معياراً يتوجب تطبيقها، وفقاً للملاحظات الواردة في التقرير الأحدث الذي تسلّمته هيئة التحقيق الخاصة من قِبل مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "مينا فاتف"؛ التي ستعمل على تحديث تقييم الملف اللبناني في اجتماعاتها نصف السنوية خلال الشهر المقبل".

عينٌ على واشنطن

في السياق، لفتت مصادر وزارية ومالية لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "الأنظار ستتجه في الساعات المقبلة الى اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، المقررة بدءاً من بعد غد الاربعاء، والتي سيشارك فيها لبنان بوفد وزاري ومالي على أعلى المستويات، يضمّ نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي، وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، حاكم مصرف لبنان المركزي بالانابة وسيم منصوري، وعدد من المساعدين الكبار، وقد سبقهم الى العاصمة الاميركية مستشار رئيس حكومة تصريف الأعمال سليم الضاهر قبل أيام قليلة؛ من أجل القيام باتصالات مسبقة".

وذكرت أنّ "على جدول أعمال الاجتماعات الدورية السنوية، وخصوصا بالنسبة الى صندوق النقد الدولي، مصير التفاهم الأولي على مستوى الموظفين الكبار الذي تم التوصّل إليه مع لبنان في مطلع نيسان قبل عامين، ومستجدات الوضع النقدي والمالي اللبناني في ضوء التطورات الجارية في المنطقة، وعجز اللبنانيين عن القيام بأي خطوة إصلاحية سبق لهم أن تعهّدوا بها منذ ذلك الاتفاق، وما يمكن ان يؤدي اليه تعثّرها".

وبيّنت أنّ "على جدول أعمال اجتماعات البنك الدولي أيضا، عددا من البنود الخاصة بعلاقاته مع لبنان، وخصوصاً ما يتعلق ببعض القروض المعقودة مع لبنان، التي خصّص بعضها لدعم المجتمعات الضعيفة والفقراء عبر وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الاقتصاد، والتي استثمرت في دعم القمح على مدى الفترة السابقة؛ وسط محاولات لتجديد طرح بعض طلبات القروض الاضافية التي يحتاجها لبنان في المجالات عينها".

بعد الفشل في مكافحة اقتصاد الكاش: لبنان إلى اللائحة الرمادية قريباً؟

على صعيد متّصل، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّ "في نهاية نيسان الجاري، ستجري منظمة "فاتف" تقييماً للتقدّم المسجّل في لبنان، بشأن القصور في مكافحة تبييض الأموال، على أن يصدر قرارها النهائي بشأن التصنيف على اللائحة الرمادية بين تموز وآب المقبلين. لكن في الواقع، لا يبدو أن لبنان أحرز أي تقدّم".

وكشفت معلومات الصحيفة، أنّ "حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أرسل كتاباً إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لطلب مساعدة الاتحاد الأوروبي بشأن احتمال تصنيفه على اللائحة الرمادية، وكيفية التعامل مع الأمر، إذ بات شبه محسوم أن لبنان لن يتمكن من الإفلات من هذا التصنيف، لأنه لم يعالج المشكلة الرئيسية المطلوبة منه: مكافحة اقتصاد الكاش".

وأشارت إلى أنّ "منصوري لم يكتف بذلك، بل قرّر استباق زيارته لأميركا للمشاركة في اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين، حيث لديه أكثر من لقاء بجدول أعمال محدد مسبقاً عن مكافحة اقتصاد الكاش، بإصدار بيان ينطلق من "الظروف الاستثنائية التي يمرّ فيها لبنان"، لتبرير صعوبة مكافحة اقتصاد الكاش. فالبيان يشير إلى أن "استمرار التأخّر في إنجاز القوانين الإصلاحية، يضعف المكانة المالية للدولة اللبنانية ومصرف لبنان والمصارف"، ويشدد على "أهمية الإسراع في وضع خطة واقعية وعملية لإعادة هيكلة وإصلاح النظام المصرفي والمالي ولإقرار القوانين الخاصة بها، والبدء بالتفاوض مع الدائنين، مع التأكيد مجدداً على أن مصرف لبنان على أتمّ الاستعداد للقيام بكل ما تفرضه عليه القوانين المرعيّة الإجراء لإتمام ما تقدم".

وفسّرت المعلومات أنّ "بهذا المعنى، يقول منصوري إنه مستعد للقيام بكل ما يلزم، لكنه ليس بيده سلطة أو صلاحية. فالأمر يتطلّب استعادة الثقة بين المصارف والزبائن، ويستحيل أن يتم الأمر من دون قانون إعادة هيكلة المصارف. لذا، فإن الانتقال من التعامل النقدي، أي من اقتصاد الكاش، إلى التعاملات المصرفية، يتطلّب معالجة الخسائر وتوزيعها وهو ما ترفض القوى السياسية القيام به".

شبكة الإنترنت بلا حماية منذ 2021: هجمات سيبرانية متواصلة منذ 10 أيام

من جهة ثانية، ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "شبكة الإنترنت الرسمية تتعرّض لهجومات سيبرانية ضخمة منذ أكثر من عشرة أيام. وحتى الآن، أفلتت هذه الشبكة بأعجوبة من انهيار شامل، إذ لم يشعر المستهلكون إلا بتقطّعات في الحصول على خدمة الإنترنت من "أوجيرو" لا تتجاوز دقيقة ونصف دقيقة في كل مرّة، مع تكرار حصول الأمر أكثر من مرّة في اليوم الواحد".

ولفتت إلى أنّ "المشتركين في الهاتف الخلوي (تاتش وألفا) شعروا أيضًا بتقطّعات، هي ناتجة من ارتباطهما بشبكة "أوجيرو" لخطوط الإنترنت الدولية، من دون أن تتعرّض شبكتاهما لهجمات مباشرة".

وكشفت مصادر مطّلعة للصّحيفة، أنّ "حجم الهجمات تجاوز 680 جيغابيت، بينما القدرة المتاحة للحماية لدى "أوجيرو" لا تتجاوز 60 جيغابيت. وسبب ضعف الحماية، أو غيابها، يعود إلى أن حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة رفض أن يدفع في 2021/ ثمن توسيع رخصة البرنامج المتخصّص بتقديم الحماية اللازمة من شركة "آربور".

وشرحت أنّ "في هذه الفترة، تراكمت مستحقات مالية للشركة، لم يكن بالإمكان تسديدها ولا تسديد ثمن توسعة قدرة البرنامج على صدّ هجمات أكبر. والهجمات السيبرانية تستهدف إغراق الشبكة بعمليات اتصال كثيفة ومتواصلة، ما يؤدّي إلى شلّها عن العمل. كلما كانت الهجمات أكبر، كان الشلل والتعطيل في الشبكة أوسع وأطول مدة"، مركّزةً على أنّ "وظيفة برامج الحماية تكمن في إعادة توزيع الضغط الناتج من الإغراق في أكثر من اتجاه، أو صدّها بشكل نهائي، ما يتيح للشبكة العمل ضمن الوضع الطبيعي المصمّمة على أساسه".

وأفادت "الأخبار" بأنّ "حتى الآن، إن الهجمات لم تطاول سوى شبكة "أوجيرو"، التي ما زالت لديها مرونة للتحكّم في عملية إعادة توزيع جزء من الضغط، عبر نقله إلى سنترالات أخرى، إنما المشكلة الأساسية تكمن في أن شركتَي "تاتش" و"ألفا" ليس لديهما هذه المرونة، إذ إن أي ضغط واسع عليهما سيضع جدران الحماية الأولية الحالية أمام حالة صدمة، قد تؤدي إلى انهيار الشبكة".