لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "الأيام الماضية حملت محاولة فرنسية لفرض باريس نفسها شريكاً أساسياً في أي تسوية محتملة، بدءاً من ملف الانتخابات الرئاسية وقضية النازحين السوريين، وصولاً إلى الاتفاق حول الوضع في الجنوب، وهو ما ظهر خلال استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضي رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون، للبحث معهما في هذه الملفات".

وذكرت أنّ "في الملف الرئاسي، تسعى باريس إلى الايحاء بأن دورها لا يختصره سفيرها في بيروت، وأن الملف اللبناني موضع متابعة من ماكرون شخصياً، وأن لها حراكها المستقل عن بقية العواصم، بعدما لمست أن الولايات المتحدة تسعى إلى التفرد بإدارة الملف اللبناني على مختلف المستويات، انطلاقاً من قناعة بأن "الاستقرار على مختلف الصعد مرهون بالوضع في غزة، على عكس مبدأ الفصل الذي يتحدث عنه السفراء في اللجنة الخماسية".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "على وقع التقدير الأميركي بأن العمل الجدي يقوم به المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين مباشرة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، أتت زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان لواشنطن أخيراً، واجتماعه مع هوكشتين بهدف التوصل إلى ورقة مشتركة حول لبنان. لكن الفرنسيين اصطدموا مجدداً بموقف أميركي حاسم، مفاده أن هوكشتاين هو المكلّف بإدارة الملف والقيام الدور الأساسي في لجم التصعيد وتسوية النزاع البري وتطبيق القرار 1701 وتطويره، على أن يأتي استحقاق الانتخابات الرئاسية لاحقاً، وذلك ضمن سلة متكاملة تُفضي إلى استقرار أمني وسياسي واقتصادي في لبنان".

وأوضحت أنّ "بناءً عليه، تحاول باريس التشاطر عبر إعادة صياغة "مبادرتها" الخاصة بالوضع في الجنوب، فقدّمت إلى ميقاتي مقترحاً جديداً تضمّن تعديلات على الورقة الفرنسية التي حملها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه إلى بيروت في شباط الماضي، وتبنّت المطالب الاسرائيلية تماماً، ما أثار ريبة القوى السياسية اللبنانية". وعلمت أن "التعديلات تتمحور حول تنفيذ القرار 1701 على ثلاث مراحل، وأن لبنان سيرد على المقترح الجديد خلال أيام".

كما ركّزت على أنّ "على عكس ما يقوم به الجانب الأميركي، تسعى باريس إلى تعويم أفكار بديلة وتتحرك في اتجاه معاكس تماماً، ينطلق من الفصل بين الجبهات وتعزيز حضور الجيش وقوات "اليونيفيل" في الجنوب وعلى الحدود، وضمان أن يكون الاتفاق المحتمل أقرب إلى تفاهم نيسان 1996، التي كانت باريس شريكة فيه إلى جانب الأميركيين".

وأضافت "الأخبار": يأتي الدور الفرنسي في ظل انطباع كبير بأن "الاتفاق ناجز" مع الأميركيين في ما يتعلق بمجمل الوضع اللبناني، لكنّ تطبيقه لن يتحقق قبلَ وقف النار في غزة، وقوامه وقف العمليات العسكرية وتعزيز وجود الجيش، ومحاولة لزيادة عديد قوات الطوارئ الدولية، ثم بدء التفاوض على الحدود البرية بالتزامن مع ترتيب الاستقرار السياسي بانتخاب رئيس للجمهورية؛ علماً أن "الأميركيين وعلى عكس الفرنسيين، لم يتطرقوا إلى فكرة انسحاب حزب الله من جنوب نهر الليطاني".

فرنجية غير مُرتاح... فهل يعود الى طاولة بكركي؟

على الصعيد الرئاسي، أكّدت مصادر لصحيفة "الديار"، أنّه "اذا صدقت النوايا والمعطيات المتوافرة عن النقاشات التي تشهدها كواليس بكركي بين الأفرقاء المسيحيين المختلفين والخارج، والتي تتقاطع كلّها وبإقرارٍ الأفرقاء جميعا عند نقطة على إلزامية تحقيق تقدّم جدي، في طريق الاعلان عن وثيقة موحدة ترعى الخطوط العامة للاستراتيجية المسيحية في خوض الاستحقاقات المسيحية والتموضع الجديد، يُفترض بهذا الواقع الجديد ان يكسر المراوحة السلبية التي تطبع الاستحقاق الرئاسي منذ أشهر".

واعتبرت أن "تواصُل رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية مع الصرح البطريركي، بعيد لقائه سفراء "اللجنة الخماسية" في بنشعي، وما ادلى به من مواقف، يشير إلى رغبة الاخير الضمنية بالعودة الى الطاولة، شرط ان لا تكون غايتها اقصاءه، بعدما التقط عددا من الإشارات غير المشجعة، من وعكة السفير السعودي الى برودة السفيرة الاميركية، وهو ما حتم عليه إعادة النظر في تموضعه المسيحي؛ خصوصا ان المقربين من بنشعي غير مرتاحين للمسار العام للمعركة".

وأفادت المصادر بأن "أجواء "الخماسية" غير مشجعة، وان لغم طاولة الحوار التي يفرضها رئيس مجلس النواب نبيه بري انفجر في مساعيها، رغم توصلها الى وضع ورقة القواسم المشتركة بين الاطراف، ما يعني عمليا تعليق حركتها، وفتح الباب امام العودة القطرية والفرنسية المنفصلة الى الملف، الذي سيبقى في دائرة المراوحة الى حين اتضاح التوازنات الجديدة بين محور الممانعة وواشنطن، والتي محطتها القادمة الأكثر ترجيحات عملية رفح".

لقاء بين باسيل وصفا منذ 20 يوماً: تطويق الفتنة والعلاقات الثنائية و"المهندسين"

من جهة ثانية، لفتت "الديار" إلى أنّ "رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل يواصل مبادرته "الانفتاحية" الداخلية تجاه "الثنائي الشيعي"، التي يبدو ان خطواته اكبر بكثير مما شهده "التحالف السياسي والانتخابي" في نقابة مهندسي بيروت، وما تشهده من لقاءات متكررة بين باسيل ورئيس مجلس النواب نبيه بري؛ والعودة الى استئناف اللقاءات المشتركة مع حزب الله".

في هذا السياق، كشفت اوساط سياسية وحزبية واسعة الإطلاع على العلاقة بين "حزب الله" و"التيار" وباسيل، للصحيفة، عن "لقاء جمع باسيل ووفد من "حزب الله" على رأسه مسؤول التنسيق والإرتباط وفيق صفا منذ نحو 20 يوماً، بعد مقتل القيادي "القواتي" باسكال سليمان، وقبل "الاستحقاق السياسي والانتخابي" في نقابة مهندسي بيروت؛ في ظل "برودة" العلاقة بين الجانبين".

وأشارت الى ان "هذا اللقاء على اهميته لجهة التوقيت والمضمون، يغلق كل التكهنات بأن العلاقة بين الجانبين مقطوعة، وان سلاح المقاومة بلا حاضنة مسيحية ووطنية. كما يؤكد حرص المقاومة و"حزب الله" وامينه العام السيد حسن نصرالله على السلم الاهلي، وتحصين لبنان وحمايته من الشر الصهيوني في السلم وفي الحرب، ومنع الاستثمار في التباين حول الجبهة الجنوبية بين "البرتقالي" و"الاصفر"، للولوج الى فتنة شيعية- مسيحية في بلاد جبيل؛ بدفع وتصميم من "القوات" و"الكتائب".

وبيّنت الأوساط أنّ "التواصل بين "حزب الله" و"التيار" سيُستأنف لتنظيم اي خلاف ولتطوير العلاقة في المشتركات"، مشدّدةً على "اهمية الرسائل التي بعثها باسيل في زيارته الى جزين امس، واستهلاله الزيارة من منزل النائب السابق ابراهيم عازار".

ورأت أنّ "اللقاء له دلالة كبيرة، خصوصاً ان عازار هو "خصم" باسيل الانتخابي وعلى لائحة "التنمية والتحرير" التي يرأسها بري، حيث ادت المعركة بينهما الى فوز اللائحة المعاكسة، وتعزيز حصة "القوات اللبنانية" في جزين، وخسارة لـ"التيار" لمقعدين نيابيين فيها. وكان لافتاً تصويب باسيل على "الايادي والقلوب الوسخة" قائلا: "يوجد في التيار أياد بيضاء واياد خشنة، وعندما يوسخ احد ما يديه داخل التيار يصبح خارجه".