وسط شبه الجمود السّياسي على السّاحة اللّبنانيّة، الّذي تخرقه اجتماعات سفراء الدّول الأعضاء في "اللجنة الخماسيّة" من أجل لبنان، أشارت صحيفة "الجمهوريّة" إلى أنّه "يُفترض أن ينطلق هذا الاسبوع حراك جديد لسفراء المجموعة الخماسية العربية- الدولية، بعد لقاء يعقدونه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لإطلاعه على نتائج لقاءاتهم الاخيرة مع رؤساء الكتل النيابية والسياسية، التي كانوا قد بدأوها قبل عطلة عيدي الفصح والفطر واستكملوها الاسبوع الماضي".

وذكرت مصادر متابعة لـ"الجمهورية"، انه "لم يحدد حتى نهاية أسبوع أمس، أي موعد للقاء سفراء اللجنة مع بري، بعدما أبلغوا الى معظم الذين التقوهم انهم، وبعد التقييم الذي سيجرونه فيما بينهم، سيلتقون الرجل لإجراء التقييم الثاني لنتيجة جولتهم، قبل الكشف عن الخلاصات التي يمكن تسويقها في المرحلة المقبلة؛ بغية إتمام المهمة التي انتدبوا من أجلها".

ولفتت إلى أنّ "السفراء الذين التقوا منتصف الاسبوع الماضي، قبل لقائهم الاخير مع تكتل "الاعتدال الوطني"، شكّلوا لجنة لتقييم نتائج جولتهم الاخيرة التي استجمعوا خلالها مجموعة الملاحظات الجديدة التي تلقّوها من المعنيين"، موضحةً أنّ "مهمة اللجنة التي ستضمّ كبار الموظفين الدبلوماسيين الذين واكبوا حركة سفرائهم، إجراء جدول مقارنة بين تلك التي كانت تشكّل نقاط إجماع قبل الجولة الاخيرة الواسعة ولو شكلية، والملاحظات الجديدة التي أنتجتها الجولة الاخيرة المباشرة، من اجل صوغ ورقة عمل تشكّل منطلقاً للمناقشات التي ستطرحها في المرحلة المقبلة".

وركّزت المصادر على انه "لن يكون هناك موعد للقاء مع بري، قبل تجميع هذه الافكار وانتهاء اللجنة من وضع ورقتها في الصيغة النهائية التي يمكن تسويقها، وتردد انّ السفراء الخمسة سيلتقون كتلة "الاعتدال الوطني" قبل ان يلتقوا بري، في ظل فكرة تقول انه من الافضل ان يكون اللقاء مع الكتلة ان كانت ستُكمل مهمتها بعد الاجتماع مع رئيس المجلس، وإلّا يمكن ان تعترف بفشلها فتوقف نشاطها الرئاسي كما قال بعض اعضائها...".

واشنطن طمأنت المعارضة بأن "لا مقايضة بين انتخاب الرئيس والقرار 1701"

من جهتها، أفادت صحيفة "الشّرق الأوسط"، بأنّ "التلازم بين لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي شارك في جزء منه قائد الجيش اللبناني جوزف عون، وبين الاجتماعات التي عقدها الوفد النيابي لقوى المعارضة في البرلمان في زيارته غير المسبوقة إلى واشنطن، يكمن في أن الجانبين توافقا على طرح مجموعة من العناوين التي تحاصر لبنان؛ وتبقي عليه في أزمة مفتوحة بغياب الحلول".

وبيّنت أنّه "مع أن النتائج المرجوة من لقاء ميقاتي- ماكرون متروكة للميدان، فإن وفد المعارضة، الذي يضم النواب ميشال معوض، جورج عقيص، مارك ضو، وضاح الصادق ونديم الجميل، أجرى مروحة واسعة من اللقاءات، شملت المستشار الرئاسي الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستين، ونواباً في الكونغرس، ومسؤولين في الإدارة الأميركية والبيت الأبيض والخارجية وصندوق النقد والبنك الدوليين".

وعلمت "الشرق الأوسط" من مصادر في المعارضة، أن "الوفد النيابي تطرّق في اجتماعه بهوكستين إلى لقاء الأخير بالموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وتبين أنه يأتي في إطار التنسيق بين واشنطن وباريس حيال أبرز العناوين التي تتصدّر الأزمة اللبنانية، من منطلق خفض منسوب النفور بينهما، على خلفية أن لا صحة لما يقال عن التنافس بينهما في مقاربتهما للملف الرئاسي في لبنان".

وأشارت المصادر، انطلاقاً مما سمعته على لسان هوكستين، إلى أن "المنافسة ليست موجودة، وأن مهمته محصورة بخلق المناخ المؤاتي لتطبيق القرار 1701، لمنع إسرائيل من توسعة الحرب نحو جنوب لبنان، خصوصاً أن المخاوف ما زالت قائمة، و"نحن نعمل لاستيعاب الضغوط لتجنيب لبنان الانجرار إلى توسعتها، ونأخذ بالاعتبار توفير الدعم للجيش اللبناني لزيادة إمكاناته، لتمكينه بالتعاون مع قوات "اليونيفيل" من تهيئة الأرضية لتعزيز انتشاره في الجنوب".

وأكدت أن "واشنطن ليست في وارد الربط بين تطبيق القرار 1701 وانتخاب رئيس للجمهورية، وألا مجال للمقايضة، وهذا ما سمعته المعارضة من معظم المسؤولين الأميركيين الذين كانوا في عداد المشمولين باللقاءات التي عقدها وفدها النيابي"، كاشفةً أنّ "المسؤولين الأميركيين شددوا على ضرورة الإسراع بانتخاب الرئيس، لأنه من غير الجائز التمديد للشغور الرئاسي، خصوصاً في حال الانصراف لإيجاد تسوية للنزاعات في الشرق الأوسط بغياب الرئيس، ما يُفقد لبنان فرصة الجلوس إلى طاولة المفاوضات للتمسك بحقوقه ومنع التفريط بها"، مركّزةً على أنهم "يشجعون الكتل النيابية على التواصل والتلاقي، لإنجاز الاستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد".

كما شدّدت مصادر المعارضة، على أن "أعضاء الوفد النيابي أصروا في لقاءاتهم على التحدث بلغة سياسية واحدة في عرضهم مواقفهم والدفاع عنها، وأنهم سُئلوا أكثر من مرة عن رأيهم في الذهاب إلى خيار رئاسي جديد بالتوافق بين الكتل النيابية، وهذا يستدعي البحث في صيغة تفاهم مع ما قد وصل إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لأن هناك صعوبة في التوصل إليها من خارج التوافق معه".

وذكرت أنّ "الوفد النيابي رد بأن السباق كان في الحفاظ على المسار الدستوري لانتخاب الرئيس، وأيضاً بالدعوة إلى التلاقي للتوافق على رئيس يتمتع بالمواصفات التي حددتها "اللجنة الخماسية"، ولديه القدرة على التواصل مع الجميع، ويُنتخب من خارج الاصطفافات والانقسامات النيابية، ويكون على مسافة واحدة من الجميع؛ ولمصلحة الانتقال بلبنان من التأزم إلى التعافي".

وأضافت: "أكد الوفد أن عدم تلبيته دعوة بري للحوار لم تكن العائق الذي يعطل انتخاب الرئيس"، ونقلت عنه قوله في اللقاءات إنه "بادر إلى ترشيح النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية، واصطدم بموقف رافض من "الممانعة"، التي تذرعت بأن ترشيحه يشكل تحدياً لها، واقترع نوابها بورقة بيضاء في دورة الانتخاب الأولى، ليبادروا إلى تعطيل النصاب في دورته الثانية، رغم أن بري كان قد بادر إلى ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية؛ وهذا ما انسحب لاحقاً على الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله بإعلانه تبنيه ترشيح فرنجية".

وأوضحت المصادر أنه "مع أن الوفد النيابي قدّم عرضاً تفصيلياً للمشهد السياسي الذي انتهت إليه جلسات الانتخاب، ليتوقف أمام ترشيح المعارضة للوزير الأسبق جهاد أزعور، بعد أن تقاطعت على ترشيحه مع "التيار الوطني الحر"، في مقابل ترشيح محور الممانعة لفرنجية وبدعم أساسي من الثنائي الشيعي، فإن جلسة الانتخاب اقتصرت على دورة أولى؛ بعد أن عطّل الفريق الآخر انعقاد دورة الانتخاب الحكومية".

ولفتت إلى أنّ "الوفد أكد أنه لا مشكلة لديه في التوافق على رئيس من خارج الاصطفافات السياسية، وإنما تقع المسؤولية على عاتق محور "الممانعة" بإصراره على ترشيح فرنجية. وسأل عما إذا كان محور "الممانعة"، وعلى رأسه "حزب الله"، على أتم الجاهزية لانتخاب الرئيس، وسأل أيضاً أثناء استقباله وفداً يمثل كتلة "الاعتدال"، للوقوف على رأيه حيال مبادرتها، عما إذا كان الوقت يسمح بانتخابه في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة؛ بدءاً بالحرب الإسرائيلية على غزة".

وبالنسبة إلى النزوح السوري، أكدت مصادر المعارضة أنّ "واشنطن تعهدت بالتواصل مع دول الاتحاد الأوروبي، لحثها على تسهيل العودة الطوعية للنازحين إلى سوريا، آخذة بالاعتبار الأعباء الملقاة على عاتق لبنان، والمخاوف من تفلُّت الوضع الأمني فيه، على خلفية أن النزوح ما هو إلا مجموعة من القنابل الموقوتة، بالمفهوم السياسي للكلمة، يمكن أن تنفجر في أي لحظة وتهدد الاستقرار؛ خصوصاً أن الألوف من النازحين عبروا من سوريا إلى الأراضي اللبنانية عبر المعابر غير الشرعية".