بعد دعوة رئيس مجلس النّواب نبيه بري إلى جلسة مناقشة حول الموقف من الهبة الأوروبيّة، يوم الأربعاء المقبل، أكّدت مصادر مجلسيّة لصحيفة "الجمهورية"، أنّ "الغاية الأساس من هذه الجلسة، هي توضيح الصورة وتصويب الامور، وإقفال بازار المزايدة حول ملف يتفق كل اللبنانيين من دون استثناء أحد، على ضرورة معالجته بالشكل الذي يحفظ مصلحة لبنان اولًا، ويرفع العبء الثقيل المتعدّد الوجوه والأشكال الذي يرخيه وجود النازحين السوريّين على الواقع اللبناني؛ وعلى المجتمع اللبناني بصورة عامة.

وأشارت مصادر نيابيّة لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "الوقت ليس وقت تسجيل نقاط على بعضنا البعض، فلا أحد اكثر حرصاً من الآخر على إنهاء هذا الملف، وبالتالي السجال حول هذا الامر يزيد فقط من التوتير السياسي، وفي النهاية لن يوصل الى أي مكان".

وركّزت على أنّ "من هنا، فإنّ جلسة الاربعاء مناسبة لكي ينتقل كل الأفرقاء الى مقاربات موضوعية وعاقلة لملف النازحين، تمهّد للوصول الى توصية إجماعية بين الكتل النيابية تخرج بها الهيئة العامة للمجلس النيابي، تبرز الموقف الموحّد حول ضرورة إعادة النازحين الى سوريا، بما يوجب قبل كل شيء التنسيق الكامل بين الحكومتين اللبنانية والسورية؛ وبالتوازي مع تحميل المجتمع الدولي مسؤوليته الكاملة في مساعدة لبنان في تأمين هذه العودة في اسرع وقت ممكن".

بدورها، لفتت مصادر حكومية لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي المتحمّس لجلسة المناقشة العامة، ستكون له مداخلة مفصّلة حول ملف النازحين، يؤكّد في جوهرها الرفض المطلق للتوطين، سواءً توطين الفلسطينيين او توطين السوريين، ويعرض فيها مسار المفاوضات التي دارت حول هذا الملف مع الرئيس القبرصي، وكذلك مع كبيرة المسؤولين في الاتحاد الاوروبي، وصولاً إلى هبة المليار يورو وكيفية رصدها وفي أي اتجاه"، مبيّنةً أنّه "سيجيب عن كل الأسئلة التي أثارتها الكتل والجهات السياسية، وكذلك سيردّ على كل الاتهامات التي اُدرجت ظلماً، وما آل اليه هذا الملف، وهبة المليار يورو، في خانة الرشوة".

سفيرة الاتحاد الأوروبي: لن نخفّض الدعم... ولا أموال جديدة

على صعيد متّصل، ذكرت صحيفة "الأخبار" أنّ "نوابًا من تكتل "لبنان القوي" لمسوا تناقضاً كبيراً في كلام سفيرة الاتحاد الأوروبي ساندرا دي وايل، التي زاروها أخيراً للاستيضاح عن "رشوة" المليار يورو للبنان، التي أعلنت عنها رئيسة المفوّضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لدى زيارتها لبنان مطلع الشهر الجاري".

وأوضحت أنّ "لدى سؤال السفيرة عن الهبة، فُهم أن الاتحاد الأوروبي لن يخصص مبالغ جديدة، وأن إعلان فون دير لاين جاء لطمأنة لبنان بأن الاتحاد سيبقي في السنوات الأربع المقبلة على المبالغ نفسها التي يقدّمها إلى لبنان منذ 13 عاماً، فيما يخفّض مساعداته للدول المضيفة الأخرى".

وبيّنت الصّحيفة أنّ "لدى سؤال النواب عن نسب توزيع المساعدات بين اللبنانيين والسوريين، أجابت دي وايل بأن ثلثي المبلغ تستفيد منه أسر لبنانية ومؤسسات ومدارس رسمية بشكل غير مباشر، لكنها عادت لتشير إلى أن نسبة المساعدات للبنانيين تصل إلى 45%، مشيرة إلى أن الاتحاد لم ينته بعد من إعداد الدراسة حول تنوّع النسب".

وركّزت على أنّ "الانفعال الشديد بدا على السفيرة الأوروبية، لدى اقتراح بعض النواب أن تُدفع الأموال للدولة اللبنانية وليس للجمعيات، وأكّدت على نجاعة الصيغة الحالية المتّبعة عبر الجمعيات، مستشهدة باستفادة وزارة التربية من المبالغ المقدّمة للمدارس المستضيفة للأطفال السوريين، وكيف ينعكس ذلك إيجاباً على الأساتذة ويضمن استمرارية المدرسة".

ولفتت "الأخبار" إلى أنّ "السفيرة تطرّقت أيضًا إلى "الهبات" التي تحصل عليها وزارة الشؤون لتمويل برنامج "أمان" وغيره. وعندما لفتها أحد النواب إلى أن هذه الأموال ديون وليست هبات، علا صوتها بأن هذه "أموال دافعي الضرائب في أوروبا". كما انفعلت مجدداً عندما سُئلت لماذا لا تُدفع الأموال للنازحين في سوريا لتشجيعهم على العودة إلى بلادهم؟".

رسالة سورية للبنان: مؤتمر بروكسيل منصة للهجوم على دمشق

في سياق ملف النازحين السوريين، أفادت صحيفة "الأخبار" بأنّ "قبل أسبوعين من انعقاد مؤتمر بروكسيل 8، على مستوى وزراء الخارجية، الذي يشارك فيه لبنان بوفد يرأسه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب، تسلّم الأخير رسالة من وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، يشرح فيها موقف دمشق من المؤتمر، ومن أزمة النازحين عموماً".

وأوضحت أنّ "رسالة المقداد انتقدت تغييب سوريا، الدولة صاحبة الشأن، عن المؤتمر، في مقابل دعوة جهات "بعضها يرتبط بجماعاتٍ إرهابية". وذكّر بأن "التغييب المتعمّد للجمهورية العربية السورية، الممثل الحقيقي للشعب السوري، هو تأكيد على النوايا العدوانية لمنظّمي المؤتمر، وإصرارهم على النهج العدائي تجاه سوريا، التي تعاني من الإجراءات القسرية والاعتداءات من الاحتلال الإسرائيلي والقوات الأجنبية المنتشرة بشكل غير شرعي على أراضيها".

وأشارت الصّحيفة إلى أنّ "الرسالة اعتبرت مؤتمر بروكسيل "منصة للهجوم على سوريا، حيث تقدّم تعهّدات واهية للشعب السوري"، وأن "المنظّمين هم السبب والمعرقل لجهود إعادة النازحين إلى وطنهم الأم"، مشدّدةً على خطورة "ترسيخ سابقة الحوار مع (المجتمعات المدنية المزعومة) داخل الدول لمناقشة مستقبلها، بدون التنسيق مع حكوماتها الشرعية". كما اعتبرت أن "الأمم المتّحدة تراجعت عن صفة الرئيس المشارك للمؤتمر، واكتفت بالمشاركة على مستوى الخبراء".

وكشفت "الأخبار" أنّ "المقداد توجّه إلى بو حبيب بالقول: "نتفهّم بأن مشاركتكم في هذا المؤتمر تأتي بنيّة طيبة، وتنطلق من حرصكم على مساعدة الشعب السوري، لهذا سنقدّر إصراركم على أن يتم الوفاء بأي تعهّدات يمكن أن تقطعوها بالتنسيق مع الحكومة السورية أو من خلال مكاتب الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية المعتمدة في دمشق حصراً، آخذين في الاعتبار عدم إمكانية ضمان وصول المساعدات الإنسانية التي تُقدم في المناطق الخاضعة لسيطرة التنظيمات الإرهابية إلى مستحقيها من المدنيين السوريين".

وأضافت: "في الجزء الثاني من الرسالة، أكّد المقداد أن سوريا "تتطلّع أيضاً إلى أن يتم توجيه هذه المساعدات لتمويل مشاريع التعافي المبكر والصمود وسبل العيش، بما يسهم في تحسين الوضع المعيشي للشعب السوري، وتيسير جهود إعادة اللاجئين والمهجّرين السوريين إلى بيوتهم، وذلك وفق التفاهم الذي تمّ التوصل إليه مع المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".

وبيّنت الصّحيفة أنّ "المقداد ذكّر أيضًا بالتحدي الإضافي أمام السوريين الذي شكّله الزلزال، وأن الحكومة السورية "منحت الإذن لإدخال المساعدات الإنسانية من خلال معبرين حدوديين (إدلب السلامة - الراعي)، فدخلت بموجب ذلك 891 قافلة، وسهّلت قيام الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بـ 388 زيارة إلى شمال غرب سوريا".

كما لفتت إلى أنّ "المقداد ختم رسالته بالتأكيد على أن "المساعدة الحقيقية للشعب السوري تتطلّب تغييراً في المقاربة الخاطئة التي تتبناها الدول المنظّمة للمؤتمر، كما تتطلّب رفعاً فورياً وغير مشروط للإجراءات القسرية الانفرادية المفروضة على الشعب السوري، وانسحاب كلّ القوات الأجنبية المتواجدة بشكل غير شرعي، ووقف نهب الموارد والثروات السورية؛ لأنه في حال استعادتها ستسهم في اعتماد السوريين على أنفسهم في إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم".

مصدر كنسي لـ"الديار": المواجهة مستمرّة والمطالبة بحلّ ملف النزوح قرار لبناني جامع

بدوره، أشار مصدر كنسي لصحيفة "الديار"، إلى "وجود معالجة جديّة من قبل السلطة لحل ملف النزوح السوري، والى انّ القرارات المطلوبة ستتخذ قريباً وستطبق الإجراءات اللازمة، واولى قوافل العودة الطوعية للنازحين ستبدأ يوم الثلاثاء المقبل وتضم الفي نازح، بحسب ما افاد احد الوزراء خلال الاجتماع، على ان تليها قافلة ثانية بعد اسبوع".

وأكّد أنّ "العمل قائم على كل المستويات، لكن المهم ضبط الحدود، والاجتماع الأول حقق أهدافه وحوّل الملف الى قضية وطنية أجمع عليها اللبنانيون"، مذكّراً بـ"عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي يوم الاحد الماضي، التي شدّد خلالها على ضرورة توحيد الكلمة في قضية تأمين عودة النازحين الى بلادهم، وعدم الرضوخ للضغوط الأوروبية".

ولفت المصدر إلى انّ "الاجتماع الوزاري- الامني الذي عقد في الصرح البطريركي في بكركي الخميس، ستصدر عنه توصيات مرتقبة ستضع النقاط على الحروف، وأنّ المواجهة مستمرة والمطالبة بالحل أتت بقرار لبناني جامع".