على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية، لفتت صحيفة "الجمهورية" إلى أنّه "يبدو انّ صفحة الملف الرئاسي قد طُويت الى أجل غير مسمّى، ومقاربته في المجالس السياسية لا تعدو أكثر من تذكيرية به". وأكّد أحد سفراء "اللجنة الخماسية"، تعليقًا على أسباب انكفائها وفرملة مهمّتها راهنًا، أنّ "اللجنة لم تنكفئ، بل انّ مهمّتها ما زالت قائمة، وستعود الى التحرّك في القريب العاجل وفق خريطة الطريق التي رسمتها لنفسها، بناءً على حركة الاتصالات واللقاءات التي اجرتها مع كل الأفرقاء".

وذكّر بـ"أنّنا اكّدنا في ختام تحرّكنا الاخير، انّ اللجنة ماضية في مهمّتها في مساعدة اللبنانيين وتوفير مناخات التوافق في ما بينهم، حتى انتخاب رئيس للجمهورية، وعلى هذا الاساس سنكمل هذا التحرّك في القريب العاجل".

نقاشات أميركية حول ثلاثة نماذج رئاسية

في السّياق، أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "النقاشات حول رئاسة الجمهورية في لبنان تأخذ في دوائر أميركية معنية منحى مختلفاً عن الكلام اللبناني حول اتجاه رئاسة الجمهورية. وينطلق النقاش للنظر إلى دور رئاسة الجمهورية وتحديد هوية الرئيس المقبل أساساً، من سؤال حول مستقبل لبنان وما يُراد له".

وركّزت على أنّه "يصعب تجاوز أمرين في النقاشات التي تصل إلى أوساط لبنانية مطّلعة: موقف القوى الإقليمية والدولية التي تريد تقاسم نفوذها مع واشنطن في إدارة الملف اللبناني، والموقف الأميركي من لبنان قبل حرب غزة وبعدها، ليُفهم على أساسه ماذا يريد الأميركيون من رئاسة الجمهورية".

وأوضحت الصّحيفة أنّ "في الموقف الأميركي، لم تُدخل واشنطن حتى الآن أي شريك في إدارة الملف اللبناني، لا رئاسياً ولا سياسياً. ورغم اقتراب مصر وقطر وفرنسا منها، إلا أن هناك هامشاً محدداً للتحرك لكل من هذه الدول، من دون الالتزام بأي قرار يتعلق بمستقبل لبنان. أما السعودية فلها إطار مختلف، انطلاقاً من الموقف السعودي نفسه الذي لا يزال يتعامل بعناية فائقة مع خصوصية لبنان، وعدم التفريط به على حساب صياغة تفاهمات إقليمية".

وبيّنت أنّ "موقف واشنطن، قبل أشهر قليلة من الانتخابات الأميركية، لا يزال هو نفسه في "الحرص على مصلحة لبنان". وهذا الموقف لا ينحصر بتأكيد الاستمرار في دعم لبنان، بل يتعداه إلى الكلام عن رفض تقديم أي تنازلات تتعلق به، ربطاً بما يحصل في المنطقة وحرب غزة ونتائجها. وإذا كانت الرسائل الأميركية إلى إيران واضحة في هذا الشأن، فإنها تضاعفت بعد حرب غزة وتدهور الوضع في الجنوب، على قاعدة أن أي "ابتزاز" لتقديم تنازلات أميركية في ترتيب تفاهم مع إيران، لن يُكتب له النجاح".

كما لفتت إلى أنّ "هذا الموقف الذي تُرجم حتى الآن تجميداً للوضع اللبناني، ومعه الكلام الرئاسي وتسوية الجنوب، يفتح في المقابل نقاشاً موسّعاً حول كيفية مقاربة استحقاق وضع الرئاسة على الطاولة الأميركية. فحتى الآن، لا يزال الملف الرئاسي في واشنطن عبارة عن "مسوّدة أولية" لا أكثر. والنقاش الذي يتعدى ما سيحصل في حرب غزة، يتناول ثلاثة نماذج رئاسية، على أساس السؤال المبدئي عن أي حل يراد للبنان في المرحلة المقبلة، ووفقاً لذلك يمكن تحديد هوية الرئيس المقبل".

وفسّرت "الأخبار" أنّ "ما يناقَش أميركياً هو أن أي نموذج من داخل الطبقة السياسية سيعكس حكماً صورة الانهيار في الواقع الحالي الذي يعيشه لبنان منذ سنوات. وهنا لبّ المشكلة. فالرئيس من داخل النادي السياسي يعني، إضافة إلى استمرار الأزمة وإبقاء لبنان في المسار المتدهور، قبض القوى السياسية على مفاصل السلطة. وهذا في حد ذاته مؤشر سلبي بالنسبة إلى من يحاولون إنقاذ الوضع من خارج الحدود اللبنانية".

وأضافت: "النموذج الثاني هو أن أي كلام من جانب قوى سياسية عن موظفين مدنيين أو عسكريين (وواشنطن ليست مع أي من المطروحة أسماؤهم بغضّ النظر عن التأويلات اللبنانية والفرنسية والقطرية) أو مرشحين من خانة "لا طعم ولا رائحة لهم"، يعني حكماً أن الرئيس المقبل هو رئيس مرحلة انتقالية، وإبقاء للبلد في خانة الانتظار وتأجيل حلول أزمته، وهذا ما تحاول أيضاً بعض القوى السياسية الترويج له، وجذب دول في اللجنة الخماسية إليه".

وأفادت بأنّ "النموذج الثالث هو اللجوء إلى خيار من خارج الاصطفاف السياسي بخيارات تتقاطع عليها واشنطن والسعودية، ما يسمح بإخراج الرئاسة من أيدي القوى السياسية الحالية، ووضعها في المكان الذي ينقل الأزمة إلى مساحة أخرى، يمكن من خلالها إنجاح المعالجات المطلوبة سياسياً واقتصادياً. وهذا الخيار الذي تحاول القوى السياسية القفز فوقه يلاقي ارتياحاً أميركياً، ويتقدّم في النقاش، من دون الذهاب بعيداً في التفاؤل بإمكان نجاحه، رغم أنه بالنسبة إلى الأميركيين الوسيلة الأضمن للعبور نحو لبنان آخر".

طرح فاقد لصلاحيته

من جهة ثانية، شدّد معنيّون بورقة الحل الفرنسية لصحيفة "الجمهورية"، على أنّ "الورقة أدّت قسطها، والردّ اللبناني على هذه الورقة يبدو جلياً أنّه طواها، وباتت في حكم الفاقدة لصلاحيتها كمشروع حل مقبول لتبريد الجبهة".

وذكروا أنّ "من حيث الشكل، الورقة مقبولة لناحية عنوانها لحل سياسي، علماً انّ الحل السياسي مؤجّل البحث فيه الى ما بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة، وكذلك وقف اعتداءات اسرائيل على لبنان. اما من حيث المضمون، فيمكن القول إنّ ربع الطرح مقبول، واما ثلاثة ارباعه فمرفوضة، حيث تتبدّى فيها محاولات تشاطر وتلاعب على الكلام، وتنظر بعين واحدة الى إجراءات ينبغي ان تُطبّق في الجانب اللبناني، ويغفل الجانب الاسرائيلي نهائياً، حتى أنّه يحرّرها من التطبيق الكامل للقرار 1701، وبالتالي الطرح في مجمله مرفوض؛ ولا يمكن للبنان أن يقبل به على الاطلاق".

باريس: حلّ مستدام

على صعيد متّصل، أكّدت مصادر دبلوماسيّة من العاصمة الفرنسية لـ"الجمهورية"، أنّ "باريس تدرك الحاجة الملحّة الى خفض التوتر في منطقة الحدود بين لبنان واسرائيل، وتجنّب الانجرار الى حرب مواجهات واسعة، وضمن هذا السياق، جاءت مبادرة الحل بتوجيه شخصي ومباشر من قبل الرئيس ايمانويل ماكرون؛ الذي يولي أولوية وجدّية عالية لمنع تمدّد الحرب الى لبنان وانحدار الامور إلى الأسوأ".

ورداً على ما قيل عن انّ ورقة الحل الفرنسية تراعي مصلحة اسرائيل، حيث انّها تفرض إجراءات في الجانب اللبناني، دون ان تفرضها على الجانب الإسرائيلي، شرحت أنّ "جوهر الطرح الفرنسي يقوم على حل مستدام يتوخّى مصلحة جميع الجهات، ويؤمّن الهدوء والاستقرار على جانبي الحدود، والتأكيد على تطبيق القرار 1701، وتمكين النازحين من العودة إلى بيوتهم من الجانبين اللبناني والاسرائيلي".

وعمّا تردّد عن توجّه باريس لإعداد ورقة حل جديدة بناءً على ملاحظات الجهات المعنية بالمواجهات على الجبهة الجنوبية، لفتت المصادر إلى أنّ "حتى الآن، لا كلام رسمياً حول توجّه لصياغة ورقة جديدة. ولكن بطبيعة الحال، وبعد تسلّم ملاحظات الأطراف، سيصار الى صياغة افكار جديدة، انما متى سيحصل ذلك، فلا جواب ولا معلومات حتى الآن".

ورداً على سؤال عمّا اذا كانت الورقة الفرنسية منسّقة مع الاميركيين، أشارت إلى أنّ "باريس على تشاور دائم مع اصدقائها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية، التي تتشارك وباريس الرغبة في خفض التصعيد وتبريد جبهة لبنان، ومنع تمدّد الحرب اليه".