من جديد، يعود المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، الأسبوع المقبل، على ضوء الإتصال الذي حصل بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بالإضافة إلى الحديث المتكرر عن تنسيق قائم بين باريس وواشنطن حول الملف اللبناني، من دون تجاهل أن هذه الزيارة تأتي بعد البيان الصادر عن سفراء اللجنة الخماسية، الذي أعطي أكثر من تفسير من قبل الأفرقاء المحليين.

من حيث المبدأ، ليس هناك ما يستدعي أن تبادر باريس إلى إرسال موفدها الرئاسي إلى لبنان، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة لـ"النشرة"، حيث تشير إلى أن الأمور لا تزال عالقة في مكانها، بدليل التشدد في المواقف الذي تبديه معظم القوى المحلية، وبالتالي كان من الأفضل لها أن تنتظر بعض الوقت، كي لا تتعرض جهودها إلى إنتكاسة جديدة، وهو ما بات يؤثر على صورتها.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هناك رغبة أو فرصة حقيقية في إنجاز الإستحقاق الرئاسي، من بوابة تسوية كبرى تشمل وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان، لكن هذا الأمر يتطلب ليونة من قبل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، قد تدفعه اليها الضغوط الدولية المتزايدة عليه، سواء من خلال الإعترافات الأوروبية بالدولة الفلسطينية أو قرارات المحكمة الجنائية الدولية.

إنطلاقاً من ذلك، تشير المصادر نفسها إلى أن الجانب الفرنسي، الحريص على حجز موقع متقدم له في الملف اللبناني بأي طريقة، يريد أن يقتنص الفرصة، عبر إرسال لودريان إلى بيروت، حيث تشبه زيارته المنتظرة بتلك التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه قبل أسابيع، وتضيف: "سيجورنيه جاء حاملاً ورقة للحل على المستوى الحدودي، بالتزامن مع الحديث عن قرب الوصول إلى تسوية في غزة، واليوم لودريان يكرر الأمر نفسه لكن رئاسياً، بعد أن لمست باريس جدية لدى واشنطن في التعامل مع هذا الملف".

على صعيد متصل، تذهب مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى التشديد على أن ما يهم هو الموقف الأميركي لا الفرنسي، حيث تشير إلى أن المعضلة تكمن بالسؤال عن إمكانية أن تنجح واشنطن في إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان، نظراً إلى أنه ليس هناك ما يمكن التعويل عليه قبل إنتهاء هذا العدوان على غزة وجنوب لبنان، بدليل ضياع مفعول بيان سفراء الخماسية الأخير، بسبب إدراك الأفرقاء المحليين أن الفرصة لا تزال قائمة من أجل الإستمرار في رهاناتهم.

هنا، تعتبر هذه المصادر أن هناك ضرورة لترقب الموقف الإسرائيلي، بعد أن أرسلت تل أبيب إشارة بالرغبة إلى العودة لطاولة المفاوضات، وتشير إلى أن هذا الأمر يحول نتانياهو إلى لاعب غير مباشر في الإستحقاق الرئاسي، فعلى ضوء ما سيقرره، حول مستقبل الأوضاع في غزة، يتوقف مسار رئاسة الجمهورية، لكنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول مصلحته في بيع الرئيس الأميركي جو بايدن ورقة من هذا النوع.

في المحصلة، تشير المصادر نفسها إلى أن جميع المؤشرات الراهنة توحي بأن نتانياهو لم يصل إلى مرحلة يقرر فيها وقف الحرب، رغم كل المغريات التي تعرض عليه (التطبيع مع السعودية)، والضغوطات التي يتعرض لها (الإعترافات الأوروبية بدولة فلسطين وإحتمال صدور مذكرات عن محكمة العدل الدولية)، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل أن الولايات المتحدة، في حال أرادت، قادرة على ممارسة المزيد من الضغوط، وهو ما قد يفتح الباب أمام مفاجآت مهمة في الأسابيع المقبلة.