وضعت زيارة مفوض عام "الأونروا" فيليب لازاريني الأسبوع الماضي إلى لبنان، ولقائه عددا من المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين، حدا للتحركات السياسية والشعبية الاحتجاجية التي نظمها "تحالف القوى الفلسطيني" و"القوى الإسلامية" و"أنصار الله" و"اللجان الشعبية" على خلفية معاقبة أحد موظفي الوكالة تحت ذريعة مخالفته الحياد الوظيفي.

غير أن التحركات الاحتجاجية الأخرى لم تتوقف، إذ سرعان ما نظمت القوى الفلسطينية و"الحراك الفلسطيني المستقل" اعتصامات ووقفات ضد "الأونروا" تحت عناوين مختلفة لمطالبتها بتحمل مسؤولياتها والقيام بواجباتها تجاه رعاية اللاجئين، الذين يعيشون ظروفا معيشية صعبة جراء تدني خدماتها من جهة، وانعكاس الأزمة الاقتصادية اللبنانية من جهة أخرى.

وتوقعت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن تتواصل الاحتجاجات الفلسطينية العامة ضدّ سياسة "الأونروا" والتي تقودها القوى السياسية واللجان الشعبية وان طويت صفحة العقاب والحياد الوظيفي، ولكن بحذر شديد، وعلى قاعدة "نختلف معها... ولا نختلف عليها" بحيث توازي بين أمرين:

الأول، بين موقفها الثابت في الحفاظ على الوكالة ورفض المساس بها أو إنهاء عملها أو استهدافها سياسيا، على اعتبارها الشاهد الحي على نكبة فلسطين وحق العودة، سيما وأنها نجحت في إفشال الكثير من المخططات لذلك وآخرها "صفقة القرن" الأميركية والدعوات الإسرائيلية إلى مقاطعتها ووصفها بـ"المنظمة الإرهابية" وإقفال مكتبها في القدس.

والثاني، بين القيام بهذه التحركات الاحتجاجية سلميا، لدعوة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في رعاية شؤون اللاجئين في الأقطار الخمسة، الضفة بما فيها القدس وغزة والأردن وسوريا ولبنان، خاصة مع العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة والذي دخل شهره التاسع وسط ارتكاب المجازر والإبادة الجماعية.

ولم تخف المصادر، أن العلاقة مع مديرة "الأونروا" دورثي كلاوس، تمر بمرحلة من الفتور والغضب بسبب عدم الرضا على أدائها، منذ توليها مهامها على رأس الوكالة في لبنان، في شباط 2023، واتخاذها عدّة إجراءات تقليصية في مجال التقديمات الصحية والمساعدات الإغاثية، والإصرار على إجراء التحقق الرقمي بما يحمله من أبعاد أمنية، وعدم معالج عدّة مشكلات حيوية وخاصة التعليمية ومنها مدارس عين الحلوة، ومنها استكمال إعمار مخيم نهر البارد.

المطالب الفلسطينية

وأوّل المطالب الفلسطينية التي تجري التحركات الاحتجاجية من أجلها اليوم هي: دعوة "الأونروا" إلى تسلم مدارسها الأربعة في منطقتي "الطوارئ–البركسات" في عين الحلوة والعمل على إعادة تأهيلها وصيانتها بعدما الأضرار الجسيمة التي لحقت بها جراء الاشتباك الذي وقع في تموز 2023 بين حركة "فتح" و"تجمع الشباب المسلم" عقب اغتيال قائد قوات الأمن الوطني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه.

وأكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن "الأونروا" تتذرع بعدم تسلمها وإعادة تأهيلها بفقدان الأموال الضرورية لذلك حيث لا يوجد جهة مانحة أو ممول لها حتى الآن، ناهيك على اعتبار منطقة الجنوب تقع تحت دائرة الخطر الأمني جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان من جهة، والأوضاع الأمنية في المخيم من جهة أخرى.

ثاني المطالب، إعادة ترميم مدرسة "مرج بن عامر" في منطقة بستان "القدس" في المخيم وهي المدرسة الوحيدة التي لم تنظم فيها الدراسة العام الحالي بسبب حاجتها إلى الترميم والصيانة، بينما انتظمت الدراسة في ثلاث مدارس مجاورة (غير الأربعة في منطقة الطوارئ–البركسات)، ناهيك عن المطالبة بإعادة فتح مكتب مدير "الأونروا" في المخيم في الشارع الفوقاني المقفل منذ اندلاع الاشتباكات.

ثالث المطالب الفلسطينية، رفع أعداد المستفيدين من حالات العسر الشديد (برنامج الشؤون الاجتماعية) بعد وعود مسؤولي "الأونروا" المتكررة بذلك والتي بقيت حبرا على ورق رغم إجراء مسح خاص لها، في ظل الأزمة الاقتصادية في لبنان وانعكاساتها، حيث تجاوزت نسب الفقر والعوز 80%. في صفوف اللاجئين، ما ينذر بانفجار اجتماعي قريب.

رابع المطالب، رفض تخفيض المبلغ المخصص لحالات الشؤون الاجتماعية بعدما قلّصته من 50 دولاراً للفرد إلى 30 دولاراً كل 3 أشهر، فضلا عن شمول المساعدات المالية كافة شرائح المجتمع الفلسطيني وعدم اقتصارها على حالات "الشؤون وصغار السن دون 18 عاما، كبار السن فوق 60 عاما، والمرضى، على قاعدة أن الكل الفلسطيني بحاجة إلى دعم ومساعدة.

خامس المطالب الفلسطينية، رفض اقتراحات "الأونروا" بتسليم أي من خدماتها إلى منظمات دولية أو الدول المضيفة أو الدولة الفلسطينية بعد تدحرج الاعتراف بها أوروبيا–التعاون مع المنظمات الدولية وليس تسليمها مهامها، وآخرها موقف نائب المفوض العام للوكالة أنطونيا دي ميو، والتي أثارت استياء فلسطينياً بوصفها تحمل أبعاداً سياسية وأمنية واجتماعية تمس حقوق اللاجئين وتتناقض مع مهام الوكالة التي يجب أن تتواصل بموجب القانون الدولي حتّى العودة.

سادس المطالب، العمل من أجل الحفاظ على الوكالة وتأمين التمويل الكافي لاستمراريتها وحمايتها قانونيا-تأمين شبكة أمان مالي، ورفض تقليص أي من خدماتها تحت مبرر العجز المالي، والسعي لجعل موازنتها السنوية دائمة من الأمم المتحدة للتخلص من كل الضغوط السياسية أو محاولات ابتزازها لتنفيذ أجندة دولية من أجل دعمها ماليا وهذا ما ظهر جليا في عدة محطات مفصلية تاريخيا.

سابع المطالب، التعاطي مع موظفي "الأونروا" باعتبارهم جزء من الشعب الفلسطيني، لهم كامل الحق بممارسة نشاطهم الوطني والتعبير عن آرائهم ومواقفهم، ووقف كل أشكال الابتزاز التي يتعرضون لها تحت شعار الحيادية والاستجابة لمطالبهم في التمييز بينهما.

ثامن المطالب، تعزيز التعاون والمشاركة في اتخاذ القرارات المصيرية - دعوة إدارة "الأونروا" في لبنان إلى عقد جلسات حوار مشتركة للبحث عن آليات ومخارج للأزمات الراهنة التي تتعرض لها الوكالة بما يحفظ العيش الكريم لأبناء المخيمات في لبنان والعيش بكرامة وإنسانية للنازحين من سوريا.

وإلى جانب هذه العناوين، تطالب القوى الفلسطينية واللجان الشعبية برفع نسبة الاستشفاء بحيث تصل إلى 100% خاصة لعمليات القلب والسرطان وغسيل الكلى والأعصاب، وتأمين الدواء اللازم دورياً لأصحابه، ومعالجة المشاكل التربوية لجهة اكتظاظ غالبية المدارس والشواغر في الوظائف وزيادة عدد المنح المقدمة منها للطلاب وتوسيع نطاق الاختصاص في معهد سبلين المهني وغيرها.