لا تختلف قصّة المحكمة الروحية لدى الكاثوليك في المخالفات، عما يحصل في المحكمة الابتدائية الموحدة لدى الموارنة، وإليكم واحدة من القصصّ أو الدعاوى وهي لإمرأة تدعى (ل. خ.)، بدأت رحلة عذابها مع زوجها منذ أكثر من عشرين عاماً، فكانت تتعرّض لأبشع أنواع المعاملة هي وأولادها، ورُغم ذلك عضّت على جرحها كرمى لأولادها، إلى أن طفح كيلها فرفعت دعوى مدنيّة جزائيّة ضدّ الزوج.

إعتبرت المرأة أنها، وبالخطوة التي قامت بها، تنهي رحلة عذاب طويلة دامت لأعوام، ولكن في الحقيقة لم تكن تدرك أنها كانت تفتح بيديها أبواب جهنّم، لأن "الواسطة" و"التزوير" يفعلان فعلهما وحتى القانون تطبيقه إستنسابيّ. لا نكتب هذه الكلمات دفاعاً عن طرف ضدّ آخر أو لإدانة أحد، بل بعد إطّلاعنا على كامل المستندات التي تملكها الزوجة، والتي فضّلت عدم الكشف عن إسمها، وكلّ همّها هو إظهار الحقيقة إنصافاً لها، ولكل الأشخاص الذين يعانون من الظلم في أروقة المحاكم الروحيّة.

دعوى بطلان زواج

في العام 2020، رفع الزوج دعوى بطلان زواج، على أثر دعوى مدنيّة تقدّمت بها الزوجة، وبحسب ما تؤكد المرأة فإنه "حصل تزوير في الملفّ بإضافة عبارة Bypolar بخط اليدّ على تقرير الطبيب الذي استحصل عليه الزوج". قامت المرأة برفع دعوى جزائيّة، طلبت فيها وقف الدعوى الروحيّة عملا بمبدأ "الجزاء يعقل الحقوق"، أي ما بني على باطل فهو باطل، و"إذا كان أساس الدعوى المدنيّة قائم على التزوير، فهي حكماً ستتوقّف إلى حين صدور قرار نهائي عن المحكمة الجزائية بقضية التزوير".

عملياً، صدر قرار من المحكمة الروحية قضى بتوقّف الدعوى إلى حين صدور القرار الجزائي، وهذا ما حصل بالفعل فتوقّفتالدعوى حوالي 18 شهرا، ليصدر بعد ذلك القرار الظني من المحكمة. هنا تشير المصادر إلى أن "المرأة عادت وطلبت وقف الدعوى، وهذا الأمر أغضب الزوج الذي حاول الضغط على القاضي (ط. ش.)، المسؤول عن الملف، للتنحّي عنه أو تغيير قرار وقف الدعوى، هنا جرت عدة محاولات لإيجاد قاضٍ كاهن آخر، ليستلم هذا الملف وواحد منهم كان ج. أ. غ. الذي رفض استلامه".

الاجتهاد بالملف

قامت المحكمة بإيكال الملف إلى القاضي م. ح.، الذي قرر الاجتهاد فيه. إذ تشير المصادر إلى أنه "أبلغ الزوجة أن مبدأ "الجزاء يعقل الحقوق" لا يطبّق في المحاكم الروحيّة وهنا بدأ الصراع من جديد". في الوقت عينه، قامت محامية الزوج ش.ا. بتصوير عدة أوراق من الملف قبل اعلان الأعمال، وتلفت المصادر إلى أن "الزوجة لجأت إلى أحد القضاة، المسؤول عن الملف، لسؤاله عما قامت به المحامية، الذي أكد لها أنه لا يجوز"، وتضيف المصادر: "تبيّن في تلك الأوراق، الموجودة لدى المحكمة الجزائية، أقوال لم تدلِ بها الزوجة"، إذ كان مكتوباً "أقرت الزوجة أنها مريضة نفسيا منذ ما قبل الزواج".

وتؤكد المصادر أنه "تبيّن في الأوراق الأربعة التي صوّرتهم المحامية ش.ا مخالفتان، الأولى أنها أخذت الأوراق من المحكمة الروحيّة إلى المحكمة الجزائية قبل إعلان الأعمال، والمخالفة الثانية عبارة أن الزوجة أقرت أنها مريضة نفسيا قبل إعلان الاعمال"... فما الّذي جرى؟!

إتهام قائم على تزوير؟

ببساطة لأنه، بحسب المصادر، فإن "الزوج قدّم الدعوى في المحكمة الروحية على أساس الخطأ في صفة شخص الزوجة المقرون بالغش والخداع". وتعود المصادر لتلفت إلى أن "ما حصل في جلسة المصالحة الأولى بين الزوج والزوجة، أن أحد القضاة وجه عدّة أسئلة وتمّ التطرّق إلى المشكلة النفسيّة، وشرحت الزوجة أنها نتيجة المعاملة السيئة أصيبت بأزمتها، وتبيّن لاحقاً في محضر الجلسة، والذي دونته الكاتبة، أحاديث لم تقلها الزوجة، بزعم أنها مريضة نفسياً منذ ما قبل الزواج، كي يتمّ إتهامها لاحقاً أنها Bypolar".

"لاحظت الزوجة وجود كلام لم تقله أثناء مراجعتها لدعوى الجزاء، التي تقدّم بها الزوج والقائمة على التزوير". وتلفت المصادر إلى أنه "عند مراجعتها للقاضي والاستفسار عن عبارات لم تتفوّه بها والموجودة بالمحضر"، كان جواب القاضي "الكاتبة لا تملك الذكاء الكافي لاضافة هذه الجمل"، وتلفت المصادر إلى أن "الزوجة عادت وراجعت محاميها بالموضوع، إذ يفترض أنه اطلع على الملف وما كتب"، فأجابها "نحن نقف بالكنيسة، ولم نقم بأي يوم بالمراجعة أو اعادة القراءة بعد تدوين الكاتبة". وتعتبر المصادر أن "تصرّف القاضي إزاء الموضوع كان لافتاً، إذ لم يفتح تحقيقاً، ولا حتى كيف نُسِخَت الأوراق من الملفّ قبل اعلان الاعمال ولا باضافة جملة إلى المحضر... لا شيء".

كسر قرار الاستئخار!

اليوم أصبح الملف بعهدة القاضي م. ح. وتشدّد المصادر على أن "هناك سعي لكسر قرار الاستئخار بالنظر في هذه الدعوى مجدداً، والهدف إصدار قرار لصالح الزوج يؤدّي إلى وقوع البطلان على عاتق الزوجة وحرمانها من أيّ حقوق ماديّة ومعنويّة"، لافتة إلى أنه "اذا تم انتظار القرار الظنّي بجرم التزوير، فإنّ هذا سيؤدي إلى ردّ البطلان لأنه قائم على أساس التزوير".

عملياً كل الصراع هو على المنزل الزوجي الذي تسكنه الزوجة، وكان الزوجان يملكانه قبل العام 2012. وفي ذاك الوقت، تشير المصادر إلى أن "الزوجة اضطرت للتنازل مرغمة عن حصّتها التي تبلغ النصف لدى كاتب العدل بعمليّة بيع وشراء، مقابل أن يتوقف الزوج عن تعذيب الأولاد".

هذه هي ببساطة واحدة من الملفات الموجودة في أدراج المحكمة الروحية الكاثوليكيّة، وهي معاناة إمرأة معها.