يسمع اللبنانيون، منذ بداية أيار الماضي، "نغمة" توسّع الحرب وكيف ستكون مدمّرة للبنان، وهذه الفرضية تبقى قائمة طالما الاعتداءات الاسرائيلية مستمرّة، مع عدم التوصل إلى تسوية في المنطقة، تنهي ابادة الفلسطينيين في غزّة وتضع حداً لغطرسة رئيس حكومة الحرب الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.
مما لا شكّ فيه أيضاً أن كلّ المعادلات كانت لتتغير بعد أيار، لو أنه تمّ التوصل إلى هدنة بين اسرائيل وحركة "حماس". من هنا من يراقب يجد أن "حزب الله"، وبعد ذلك التاريخ، غيّر تكتيكه وبدأ يستعمل أنواعاً جديدة من الأسلحة، والهدف من ذلك أن يشكّل قوّة ردع وإبعاد خيار الحرب الشاملة.
"عرض الرئيس الأميركي جو بايدن مبادرة هي عبارة عن هدنة على ثلاثة مراحل". وفي هذا السياق تشرح استاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتورة ليلى نقولا، في حديث لـ"النشرة"، أن "المرحلة الأولى هي من ستة أسابيع يتم فيها تبادل أسرى أحياء، وخروج الجيش الاسرائيلي من المناطق المأهولة ويتمّ الاتفاق على المرحلة الثانية". لافتة إلى أن "حركة حماس رفضت وطلبت تعهداً بوقف كامل لإطلاق النار، وكما يبدو واضحاً أن نتايناهو لم ولن يقبل حتى الساعة بهذه الهدنة".
وتشير نقولا إلى أن "مبادرة بايدن تحوّلت إلى قرار في مجلس الامن"، وتشدد على أن المرحلة الأولى تستمرّ خلال التفاوض على المرحلة الثانية، التي تتضمّن وقف الأعمال العدائية وخروج الاسرائيلي من قطاع غزّة، وكذلك يتضمن قرار مجلس الأمن رفض أي تهجير ديمغرافي للفلسطينيين أو حتى تغيير جغرافية القطاع، أما المرحلة الثالثة فتتحدث عن اعادة اعمار غزّة".
في السادس من أيار الماضي دار الحديث عن إمكانية للتوصل إلى هدنة، وإستعمل حزب الله اسلحة كشف عنها بالتدرّج لأوّل مرة لتشكيل قوّة رادعة للجيش الاسرائيلي الهشّ. في هذا السياق تلفت نقولا إلى أنه "في حال تم التوصل إلى هدنة في غزة ووقف لاطلاق النار، هنا يبدأ البحث بماذا سيحصل في لبنان وسنكون أمام خيارين إما اتّساع الحرب أو الدبلوماسية"، مشددة على أن "الأميركي يفضّل حتماً الثانية ولكن الاسرائيلي مأزوم، وهنا يجب أن نرى إذا كان سيرضخ للضغط الأميركي أو يقوم بضربة محدودة على لبنان، وفي ظل عدم وجود شيء إسمه ضربة محدودة، فإن الجنوب سيكون مفتوحاً على جميع الاحتمالات".
بدوره، يؤكد الخبير العسكري أمين حطيط، عبر "النشرة"، أن "الاسرائيلي معنيّ بتفجير الوضع في الجنوب وإٍستدراج "حزب الله" ليبدأ حرباً مفتوحة، لأنه وبهذا الاستدراج يورّط الولايات المتحدة"، لافتاً إلى أن "الإسرائيلي لديه رغبته بفتح جبهة في مواجهة حزب الله، دون أن يكون هو الطرف الثاني بل الأميركي، وسيكون السيناريو على الشكل التالي: يقوم هو بعمليات مؤلمة، فيرد حزب الله وتصبح اسرائيل أمام خطر كبير، عندها تتدخل الولايات المتّحدة لنجدتها ويقع المحظور".
ويشير حطيط إلى أن "حزب الله واع لهذا الأمر، رُغم أنه ردّ على عملية الاغتيال التي حصلت مؤخرا بشكل عنيف، ولكن لم يضرب أهدافا الا تلك التي تقع بين 25 و27 كلم، أي يوازي ما فعلته اسرائيل، كذلك التركيز على الأهداف العسكرية المتعدّدة العناوين"، مشيراً إلى أن "كل الأهداف التي قصفت هي عسكرية، وما فعله الحزب أوجع اسرائيل ولكن لم يعطها مبرراً للحرب الشاسعة".
إذا احتمالات اتّساع الحرب غير واردة حتى الآن لكنّها ليست مستبعدة بفعل جنون نتانياهو المأزوم، فهل يفعلها أم ينجح "حزب الله" من خلال استراتيجيته المعتمدة؟!.