على وقع حالة الترقب لزيارة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، برزت في الأيام الماضية حملات ​التصعيد الداخلي​ة حول ملف "​حزب الله​"، إنطلاقاً من السجالات التي رافقت المواقف التي أدلى بها رئيس الحكومة ​نواف سلام​، بالإضافة إلى أخرى كانت قد صدرت عن وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي.

من حيث المبدأ، لا يمكن فصل تلك الحملات عن الزيارة المنتظرة، في ظل التسريبات التي تتحدث عن أن أورتاغوس ستحمل معها رسالة واضحة إلى المسؤولين ال​لبنان​يين، عنوانها الأساسي المطالبة بوضع جدول زمني للإنتهاء من ملف "حزب الله"، بعد أن كانت في زيارتها الماضية قد رفضت الحديث عن مثل هذا الجدول، مشيرة إلى أن المطلوب أن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن.

في هذا السياق، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن الأساس في التسريبات يعود إلى أن ما كانت قد أدلت به الموفدة الأميركية، في الفترة الماضية، بالإضافة إلى التحولات القائمة على الساحة السورية، خصوصاً بعد الإجتماع الذي كان قد جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع، مع العلم أن هذه ليست المرة الأولى التي يُصار فيها إلى رسم سيناريوهات حول ما ستحمله معها، قبل أن يتبين أن ما يُطرح غير دقيق بشكل كامل.

هنا، لا تنفي المصادر نفسها التوجه الأميركي نحو زيادة الضغوط على بيروت، في المرحلة المقبلة، لكنها تشدد على أن واشنطن في الوقت نفسه تدرك خصوصية الواقع الداخلي، لا بل هي تعلم أن هناك أيضاً مسؤولية تقع على الجانب الإسرائيلي، بالنسبة إلى عدم الإلتزام بإتفاق وقف إطلاق النار، وبالتالي فإنّ المسؤولين اللبنانيين من الطبيعي أن يبادروا إلى تكرار مواقفهم، فيما يتعلق بإستمرار الاحتلال والخروقات وعدم إعادة الأسرى.

أبعد من ذلك، تطرح هذه المصادر الكثير من علامات الإستفهام، حول المصلحة الأميركية في الذهاب إلى تصعيد غير مضبوط، بحسب ما يتم التسويق، حيث ترى أن تهديد الإستقرار المحلي لن يفيد واشنطن، مشيرة إلى وجود مجموعة معطيات يراقبها غالبية اللاعبين، المحليين والإقليميين، تبدأ من مسار ​المفاوضات الأميركية الإيرانية​، ولا تنتهي عند تطور الأوضاع على الساحة السورية.

بالنسبة إلى الملف الأول، بات من الواضح أن المفاوضات بين واشنطن وطهران تشهد تقدماً، ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من القيام بأي خطوة عسكرية قد تؤثر على ذلك، بينما في الملف الثاني يبدو أن ​الولايات المتحدة​ تسعى إلى أن تكون سوريا نموذجاً من العمل على المستوى المنطقة، في المرحلة المقبلة، عبر رسم مسار جديد يقوم على الشراكات الإقليمية في الإستثمارات الإقتصادية، وصولاً إلى طرح الإلتحاق في مسار الإتفاقيات الإبراهيمية لاحقاً.

من وجهة نظر المصادر المتابعة، من الطبيعي أن تكون الأوضاع، في الفترة الفاصلة، مفتوحة على كافة الإحتمالات، لا بل أن التصعيد المضبوط قد يكون جزءاً من المفاوضات، على إعتبار أن التحولات في الملفين المذكورين قد تكون مساعدة، لكنها تشدد على أن الإدارة الأميركية ليست في وارد، أو على الأقل لا ترغب، بدفع الأمور على أي ساحة إقليمية نحو الإنفجار، خصوصاً إذا ما كانت الخيارات الدبلوماسية قادرة على تحقيق النتائج المطلوبة.

في هذا المجال، تشير المصادر نفسها إلى أن المسؤولين اللبنانيين لديهم ورقة مهمة، سيتم طرحها خلال زيارة أورتاغوس، تكمن بوضع برنامج معالجة ​السلاح الفلسطيني​ في المخيمات، بالرغم من المخاوف التي لا تزال لدى البعض من هذا المسار، ما يعني أن لديهم الرغبة الجدّية لمعالجة ملفّ السلاح خارج إطار الدولة، لكن في المقابل يجب إلتزام إسرائيل على تنفيذ ما هو مطلوب منها، بموجب إتفاق وقف إطلاق النار، كي يكون ذلك مقدمة لفتح الحوار الجدي مع "حزب الله".

في المحصّلة، تدعو هذه المصادر إلى إنتظار ما ستحمله المندوبة الأميركيّة معها بشكل رسمي، قبل رسم السيناريوهات التي قد تكون غير واقعية، بعيداً عن السجالات الداخلية أو المقاربات غير المنطقية، لا سيما أن ذلك لن يكون عاملاً مساعداً، بل قد يكون له تداعيات سلبية.