اعتبرت صحيفة "عكاظ" السعودية أن كل حديث عن الإصلاح في لبنان، عن النهوض والتغيير والاستقرار، يبقى مجرد وهم وعبث، طالما لم يتم طرح السؤال الأهم والأكثر إلحاحاً: ماذا عن سلاح "​حزب الله​"؟ لافتة إلى أنه "دون طرح هذا السؤال، فإن كل الجهود والخطط السياسية والاقتصادية والاجتماعية ستبقى مجرد شعارات خاوية، لا تسمن ولا تغني من جوع، لأن المشكلة الحقيقية التي تواجه لبنان اليوم ليست مجرد أزمة اقتصادية خانقة، أو فساد إداري مستشرٍ، رغم أهمية هذه المشكلات، وإنما هي مشكلة سياسية بامتياز، تتلخص في وجود سلاح غير شرعي خارج عن سيطرة الدولة اللبنانية".

ورأت أن "حزب الله، اليوم، هو العقبة الأساسية والكبرى التي تحول دون قيام دولة لبنانية حقيقية، ذات سيادة كاملة، تسيطر على كامل أراضيها ومؤسساتها"، مشيرة إلى أن "الحزب ليس مجرد شريك سياسي في السلطة، كما يدّعي بعض مؤيديه، بل هو يمثل سلطة موازية، أقوى من السلطة الرسمية أحياناً، وهو ليس طرفاً سياسياً عادياً، وإنما ذراع أمني وعسكري لقوة إقليمية بعيداً تماماً عن المصلحة اللبنانية، ولهذا السبب بالتحديد، فإن مؤسسات الدولة اللبنانية كلها أصبحت مرتهنة بشكل كامل لهذا الحزب، مما أدى إلى تعطيل فعلي لمفهوم الدولة والقانون والمؤسسات".

وأوضحت أنه "على الصعيد الخارجي، أصبح لبنان يُنظر إليه دولياً كمنطقة نفوذ لميليشيا إرهابية مسلحة وليست كدولة ذات سيادة"، لافتة إلى أن "هذه الحقيقة المرة لا تغيب عن أي مراقب سياسي، سواء في لبنان أو في العالم العربي أو الدولي، وتصبح هذه الحقيقة ذات أهمية بالغة عندما نعلم أن المنطقة تشهد تغييراً عميقاً يحولها من ساحة للحرب إلى مشروع اقتصادي وتنموي يبدأ من المملكة العربية السعودية عبر مشروع 2030 ويمتد ليشمل سوريا، ودول الخليج وصولاً للأردن وتركيا، وفي هذا المشروع لا مكان لتنظيمات ما قبل الدولة".

وسألت: "هل يريد لبنان أن يكون جزءاً من هذا المشروع؟ أم أن يبقى خارج إطار التاريخ والجغرافيا الجديدة؟"، معتبرة أنه "لن يقبل أحد أن يكون حزب الله هو الذي يسيطر على المنافذ الحيوية للبنان مثل المطار والمرافئ، ويحولها إلى مناطق خارجة عن القانون، تتحكم فيها مصالحه الخاصة كما كان خلال السنوات الماضية".

وأضافت: "هذا الحزب هو الذي يضعف مؤسسة الجيش اللبناني، ويمنعها من أداء مهماتها السيادية الكاملة، من خلال سلاحه. يجب أن يتحول الحزب إلى حزب سياسي مدني بالكامل، بدون جناح عسكري، وبدون أي وصاية خارجية. وإلا فإن الدستور اللبناني لن يكون له أي معنى، ولن تكون للانتخابات أي شرعية، ولن يكون لأي خطاب سيادي قيمة حقيقية".

ورأت أن "اللبنانيين اليوم أمام فرصة تاريخية وهم مطالبون أكثر من أي وقت مضى برفع صوتهم عالياً وبوضوح تام ضد هذا الواقع المرير. الصمت لم يعد خياراً، والحياد والرمادية باتا تواطؤاً مع الأزمة. من يريد إنقاذ لبنان يجب عليه أن يرفض هيمنة حزب الله ويطالب بعودة الدولة اللبنانية القوية والفاعلة، أما الذين يحاولون مسايرة الحزب عبر الدخول بحوارات لا تنتهي، ويساعدون الميليشيا الإرهابية بسياسة شراء الوقت فهم يخدعون أنفسهم ويحاولون عبثاً خداع الآخرين، فهؤلاء سوف ينظر إليهم في نهاية المطاف شركاء في تحويل لبنان إلى دولة فاشلة، مفلسة، ومنعزلة".

وأشارت إلى أن "الخيار واضح اليوم أكثر من أي وقت مضى: إما دولة لبنانية قوية، وإما هيمنة حزب الله. لا يمكن أن يجتمع الاثنان معاً".