اليوم الثلاثاء، يَمثُل رئيس الحكومة ​نواف سلام​ وحكومته أمام ​مجلس النواب​ في جلسة "مساءلة"، هي الأولى من نوعها منذ نيل الحكومة الثقة قبل نحو خمسة أشهر. عنوان الجلسة يبدو برلمانياً تقليدياً، لكن المضمون سياسي من العيار الثقيل يتعلق بملف السلاح والورقة الأميركية بالدرجة الأولى.

المساءلة هذه المرة لم تأتِ من رحم العمل الرقابي الروتيني، بل ولدت من رحم التوتر السياسي المتصاعد، تحديداً بعد تقديم "الدولة اللبنانية" ما سُمّي بـ"الرد اللبناني" على الورقة الأميركية، في ظل تسارع الأحداث والتصريحات التفجيرية، وتزايد الضغط الدولي لتحديد موقع الدولة اللبنانية من المعادلة الأمنية في الجنوب، وموقع لبنان في المنطقة التي يُعاد رسمها من جديد.

المُبادر بطلب الجلسة هو النائب سامي الجميّل، الذي دعا علناً إلى مساءلة الحكومة حول "مسألة حصرية السلاح"، والجلسة التي ستُعقد على أساس المادتين 136 و137 من النظام الداخلي ستُقرأ من أكثر من زاوية، إذ من المنتظر أن تتوزّع الكلمات على الكتل، في مداخلات تتراوح بين 5 إلى 10 دقائق لكل نائب، وبحال تمت الإستجابة ستتخذ الجلسة طابعاً تنظيمياً منضبطاً، لكنها حتماً لن تكون هادئة، بل ستكون محمّلة بملفات وأسئلة غير مباشرة عن السلاح، الحرب، المفاوضات، والخيارات المستقبلية للبنان، إلى جانب بعض الشؤون الإدارية الخاصة بالحكومة مثل ملف التعيينات على سبيل المثال.

رئيس الحكومة، بحسب مصادر نيابية متابعة، سيجد نفسه مجبراً على توضيح موقف حكومته من مسألة السلاح، وخصوصاً بعد ما يُشاع عن عدم رضا بعض القوى الداخلية ومنها أطراف في الحكومة نفسها كالقوات اللبنانية والكتائب على مضمون الورقة اللبنانية التي رُفعت إلى الأميركيين، وقد كان لجعجع حديث علني بهذا الخصوص اتهم فيه رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة بمخالفة الدستور والقوانين.

في المقابل، يتوقع أن تشهد الجلسة، بحسب المصادر، خطابين مختلفين بين من سيهاجم السلاح ومن سيدافع عنه، ف​حزب الله​ سيتحدث بلغة دفاعية حادة عن خيار المقاومة وأولوية السلاح في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، بينما سيشدد نواب كتلة "التنمية والتحرير" على ضرورة تبني خطاب وطني جامع ينطلق من ضرورة التزام اسرائيل بالقرارات الدولية وتطبيقها قبل الشروع ببحث أي ملف آخر، ومن جهتهم خصوم السلاح سيصوبون عليه من باب الخطر الذي يتهدد لبنان، وبالتالي من المتوقع أن تكون الجلسة حامية جدا.

تُشير المصادر عبر "النشرة" إلى انه في العمق، الجلسة النيابية ليست رقابية بقدر ما هي مناسبة لتموضع سياسي. فالفريق المعارض للسلاح يريد أن يُحرج الحكومة ويُظهرها كأنها عاجزة عن فرض "حصريته"، بينما الفريق الموالي للحزب يريد تثبيت أن الحكومة تعمل وفق المصلحة الوطنية بهذا الملف الذي يتولى إدارته الرؤساء بطريقة حكيمة.

الجلسة تُقرأ أيضاً في سياق ​الضغط الأميركي​ المتصاعد على لبنان، فواشنطن لا تزال تلوّح بعصا التدويل، والورقة الأميركية التي تسعى لتكريس سحب سلاح حزب الله، تُستخدم كأداة استنزاف للداخل اللبناني.

وترى المصادر أن رئيس الحكومة، الذي يمشي منذ تشكيله حكومته بين الألغام، سيكون اليوم في مواجهة أول اختبار داخلي حقيقي. عليه أن يُمسك العصا من المنتصف: ألا يُغضب حلفاءه، ولا يستفز خصومه، وأن يُظهر في الوقت نفسه أن حكومته ليست واجهة عاجزة.

فهل ينجح سلام في تثبيت خط التوازن؟ أم يُدفع مرغماً إلى حسم موقفه من السلاح، ومن الورقة الأميركية، ومن موقع لبنان في الاشتباك الكبير؟.