يعيش لبنان أزمة حقيقية جراء وجود أكثر من مليوني نازح سوري على الاراضي اللبنانية، وأًصبح هذا الامر لا يشكل فقط عبئاً على البلاد بل تعدّاها الى كونه أصبح "قنبلة موقوتة" قد تنفجر في أيّ لحظة جراء الخطر الأمني الذي قد تشكله، خصوصاً وأن الحدود اللبنانية السورية ليست أبداً مضبوطة.
عملياً لبنان يتعامل مع ملفّ النزوح السوري كمتلقٍّ فقط لما يأتيه من الخارج دون وجود أي خطّة حقيقية لإعادة هؤلاء الى بلادهم، أبعد من ذلك أعاد الامن العام الاجراءات القديمة بالسماح للسوريين من المهندسين والأطباء والمحامين وأطباء الاسنان بالدخول عبر بطاقة النقابة السوريّة، وكأننا نتعامل حقيقة من دولة الى دولة وكأنّ لا خطر حقيقي من الارهابيين في سوريا وقد ذاق لبنان مرّها سابقاً، وأبعد من ذلك وكأن الجارة بألف خير!.
عندما سألنا الأمن العام حول قرار إدخال بعض الاشخاص الذين يحملون بطاقات نقابيّة كان الجواب بأن "دخول هؤلاء هو لخمسة عشر يوماً فقط لا غير وهم لا يحملون صفة اللجوء، وفي حال مرت الأيام حسب الاجراءات اللبنانية ولم يغادروا يُرحّلون"، ولكن هل يحصل هذا الأمر فعلاً؟!.
الأخطر من هذا كلّه ما شاهده وزير الشؤون الاجتماعية السابق هكتور حجار حين زار نقطة المصنع، ويقول: "هناك طريق موازية أو بالأحرى هي معبر غير شرعي موازٍ للقانوني وهو فقط يستعمل لدخول وخروج السوريين الذين لا يريدون إبراز أوراقهم، فبأي دولة في العالم يحصل هذا الأمر"؟ مؤكداً أن "كل الأسباب لبقاء النازحين إنتفت وأصبح النازح مستثمرا اقتصاديا يعمل بكل شيء وليس فقط بالمهن التي يحق له بها حسب القانون".
في المقابل تشير مصادر الى "وجود اجتماعات تعقد بشأن ملف النزوح، والأساس هو في مسألة "الداتا" التي حصل عليها الامن العام من مفوضية اللاجئين والخطة جدية لاعادتهم الى بلادهم، وهناك 120586 الف نازح حُذِفوا من "الداتا"، والمشكلة الاساس اليوم أن البلد لا سياسة لديه للهجرة". بدوره الوزير الأسبق حجار يشير الى أن "الدولة في الخطة التي وضعتها تبنّت مقولة الامم المتحدة وكل ما قيل عن عدم عودة السوريين انتفى بعد سقوط بشار الأسد والتحجج بخدمة العلم وغيره"، أبعد من ذلك يلفت الوزير حجار الى أنه "وبعد سقوط النظام السوري قررت أوروبا إعادة كل من دخلوا خلسة اليها وترحيلهم واليوم هناك وحدة معايير، فلماذا لا يفعل لبنان كذلك؟، بل حقيقة إن ما حصل هو أنه دخل الى البلاد بعد سقوط نظام الاسد 35 الف شخص أيضاً خلال أحداث الساحل السوري، حيث هرب الالاف منهم ووصلوا الى المناطق الساحلية في لبنان وبقوا لدى أقارب لهم، وتجدّد هذا الأمر خلال مشكلة منطقة السويداء".
"بالمختصر أصبح لبنان مقرا دائما لاستقبال النازحين". هذا ما يؤكده حجار، لافتا الى أن "خطاب القسم الذي طرح ضرورة العودة يجب أن يواكب بمبدأ الادارة الفاعلة وممكننة لملف النازحين، وهذه الادارة يجب أن يكون لديها رؤية، وهي العودة، وأول نقطة يجب أن تطبق بالقانون على من هو موجود بشكل غير شرعي في لبنان واعادته الى بلاده". ويضيف: "إذا أردنا الحديث عن خطة فيجب أن يكون لديها البعد الشامل بدءًا من المرحلة الأولى والثانية والثالثة، وقد تبيّن في الاولى أن 24% من النازحين يريدون العودة لكنّ مفوضية اللاجئين بعثت برسائل الكترونية أشارت فيها لهم عن وضع غير آمن في بلادهم فعن أي خطة عودة يتحدثون"؟.
في المحصّلة حتى الساعة لا يبدو أن هناك جدية في حلّ ملف النازحين أو حتى اعادة هؤلاء الى بلادهم، ليبقى ملف النزوح السوري "قنبلة" موقوتة قد تنفجر في وجه اللبنانيين، وكأنّه لا يكفينا ما حصل بالملفّ الفلسطيني، والّذي أصبح عبئًا ثقيلَ الظل بوجوده المسلّح في البلد دون حسيب او رقيب، مما أدّى الى فلتان أمني منذ عام 1973 وتكرّر الامر عام 1975 وتسبب بنشوب حربٍ لم تنتهِ الا بنهشِ اجساد اللبنانيين واقتصادهم واموالهم؟!.