أشار رئيس الجمهوريّة ​جوزاف عون​، خلال استقباله في قصر بعبدا، مفتي الجمهوريّة اللّبنانيّة الشّيخ ​عبد اللطيف دريان​، يرافقه وفد من مفتيي المناطق، إلى "أنّنا والمفتي دريان دائمًا على اتصال، ونحن ننسّق دائمًا مواقفنا"، مثنيًا على "مواقف المفتي دريان الوطنيّة الموضوعيّة والواقعيّة في الأزمة الأخيرة، وتنسيقه مع شيخ عقل طائفة الموحّدين الدّروز سامي أبي المنى. وهذا إن دلّ على أمر، فعلى الرّقي في الحسّ الوطني والمسؤوليّة الكبرى".

واعتبر أنّ "خطوة دريان كانت جبّارة إلى الأمام، وهذا ما أعرفه عنه مذ كنت في قيادة الجيش، ونحن نعوّل الكثير على مواقفه"، مؤكّدًا "أنّنا أمام مفترق طرق مفصلي وقد يكون مصيريًّا. وحدتنا وتعاوننا وتضامننا هي الأساس. وحدتنا هي الأساس لكي نواجه معًا التحدّيات كافّة من أي مكان أتت، ولكي نضع ​لبنان​ على طريق الاستقرار والازدهار".

وشدّد الرّئيس عون، على أنّ "للأسف بعضهم لا يملك حسّ المسؤوليّة، ويسعى إلى تسويق جوّ عاطل جدًّا، ويُصرّ على تسريب شائعات لا أساس لها. نحن جميعًا، ومعًا، باستطاعتنا أن ننقذ لبنان ونواجه التحدّيات"، لافتًا إلى أنّ "الخطأ المميت الّذي ارتكبه اللّبنانيّون في السّابق، هو الاستقواء بالخارج ضدّ الآخر في الدّاخل، ولقد شهدنا جميعًا تبعات هذا الأمر".

وأضاف: "لا، أنا أريد أن أستقوي بشريكي وأخي في الدّاخل ضدّ الخارج كائنًا من كان. بهذه الطّريقة، نستطيع أن نواجه التحدّيات أينما كان مصدرها، ولا سيّما من إسرائيل الّتي تقوم على التفرقة ومبدأ: فرق، تسُد. لا، وحدتنا تواجهها وتواجه الأمور كافّة".

كما بيّن "أنّنا الحمدلله ما زلنا باقين لأنّنا محصّنون بوحدتنا، وما من أحد سيأخذنا إلى مكان آخر. وللأسف البعض يسوق تخويف المواطنين بعضهم من بعض"، موضحًا أنّ "جوابنا هو في وحدتنا. ولكل جماعة لبنانيّة قيمة مضافة تقدّمها للبنان، وخاصّةً جماعة السنَّة في لبنان الّتي تعطيه قيمتَين كبيرتَين: الاعتدال في الدّاخل، وتأكيد انتماء لبنان إلى محيطه العربي. ولهذا السّبب، دفعت هذه الجماعة شهداء من أصحاب العمامات من الشّيخ أحمد عساف إلى المفتي حسن خالد والمفتي صبحي الصالح، إلى رؤساء وزراء من رياض الصلح إلى رشيد كرامي ورفيق الحريري".

وجزم الرّئيس عون أنّ "لا أحد باستطاعته أن يلغي أحدًا في لبنان، وما من أحد له فضل أكثر من غيره. جميعنا، بوحدتنا لنا فضل على لبنان. ودريان هو مفتي الجمهوريّة اللّبنانيّة وليس مفتي السنّة"، مؤكّدًا أنّ "بقوّتنا لبنان يمكنه أن ينتصر وننتصر معه. وبتفرُّقنا يخرب لبنان بأسره، ولا غطاء ولا مظلَّة فوق رأس أحد. هذا كل المطلوب". وأشار إلى "أنّنا نفتخر بكم، وزيارتكم عزيزة على قلبنا. وأكرّر أنّ التّنسيق مع دريان قائم على الدّوام، وهذا مبني على أساس الحفاظ على لبنان، وليس لدينا أي خيار آخر".

ولفت إلى أنّ "اللّبناني تعب ولم يعد قادرًا على تحمّل حرب إضافيّة، ونحن لا نريد أن نأخذ البلد إلى دمّ بعد. لدينا فرص كبيرة جدًّا، وأنتم تشاهدون كيف أنّ إخواننا العرب يفتحون أياديهم ويأتون إلينا"، مشدّدًا على أنّ "علينا أن نربح هذه الفرص، وننقل بلدنا من وضع إلى آخر. وهذا لا يتمّ إلّا من خلال وحدتنا".

إلى ذلك، ذكر أنّ "التنسيق قائم مع رئيس مجلس النّواب ورئيس مجلس الوزراء. وفي هذا الإطار البعض يسألني ما المشكلة بيني وبين رئيس الوزراء، لكنّني على تواصل دائم معه بعيدًا عن الإعلام، وفي مجلس الوزراء نتناقش ونتبادل الأفكار والآراء".

ودعا الرّئيس عون إلى "إبقاء إيمانكم كبيرًا بلبنان، فأنتم مفتو لبنان، وليس مفتيي السنّة. علينا جميعًا أن نتطلّع إلى مصلحة لبنان. وإذا كنّا موحّدين، ومواقفنا وطنيّة كتلك الّتي تتخذونها وعلى رأسكم المفتي دريان، فلا خوف على لبنان. طمئنوا اللّبنانيّين أنّ لبنان بخير ولا عودة إلى لغة الحرب. وسقفنا لبنان. وبوجود اشخاص بوعيكم وحسّكم الوطني، أنا مطمئن أنّ لبنان لن يذهب إلّا إلى حالة الاستقرار والازدهار، وأنا أطمئنكم".

وختم: "بموضوع الإصلاحات، أنتم تتابعونها ونحن نسير بها والحكومة تعمل. والإنجازات الّتي قامت بها كثيرة ولم نشهد مثلها منذ قرابة 15 سنة، وهذا بشهادة الأجانب. ولدينا خطوات، ولكن ليس لدينا عصا سحريّة، إنّما نحن نستغل الفرص الموجودة. وملف الفساد أنا أحمله وسائر به، لأنّ مشكلتنا الأساسيّة في لبنان هي الفساد وعدم المساءلة. والفساد لا يعرف لونًا ولا طائفة ولا مذهبًا".