لا يبدو الوضع الأمني في الداخل اللبناني في أحسن أحواله..

كلّ المؤشرات تدلّ على ذلك، وما تصريحات القادة السياسيين، من مختلف الأفرقاء، سوى خير دليل على ذلك، خصوصا أنّ "التحذيرات" من "الآتي" تكاد توحّد الأحزاب "المتباعدة"، وسط أحاديث عن تنامي ما يُسمّى بـ"الحالة السلفية" تارة، وتصريحات تذهب لحدّ القول أنّ ما يحصل لم يشهده لبنان حتى خلال أيام الحرب، بل إنّ ما ينتظر لبنان خلال المرحلة المقبلة قد يكون من النوع الذي "لا تُحمَد عقباه".

ووسط كلّ هذه "الفوضى"، وفي وقت وصل "القلق" إلى ​مجلس الأمن الدولي​ نفسه، برز ما أعلنته سوريا رسميا عن ممارستها "أقصى درجات ضبط النفس"، كما قالت، إزاء عمليات "التسلل" التي تحصل على الحدود اللبنانية السورية، الأمر الذي أنذر بتصاعد المواجهات على "الجبهة" الحدودية خلال المرحلة المقبلة.

الأمن مهدّد..

كلّ الأفرقاء "قلقون" على لبنان، بل إنّ المجتمع الدولي نفسه بات "قلقا" من تدهور أمني محتمَل في لبنان خلال المرحلة المقبلة، عشية الانتخابات النيابية "المفترضة"، التي يقال في الكواليس أنها "طارت" بقرار غير معلَن لغاية تاريخه، على الرغم من الدعوة الأميركية الصريحة للبنانيين "للالتزام بإجراء الاستحقاق الديمقراطي في موعده"، كما جاء في بيان لوزير الخارجية الأميركي جون كيري خصّ به "ثورة الأرز" في ذكراها الثامنة.

وفيما ضمّ مجلس الأمن الدولي "صوته" لصوت كيري وشجع الافرقاء اللبنانيين على "إحراز تقدم سريع" لضمان اجراء الانتخابات النيابية "على أساس الاجماع وضمن الاطار الزمني الدستوري والقانوني، فإنّ المجلس عبّر في الوقت عينه عن"قلقه العميق" من أثر الأزمة السورية على استقرار لبنان، وناشد جميع اللبنانيين المحافظة على الوحدة الوطنية في مواجهة محاولات تقويض استقرار البلاد، كما شدّد على "ضرورة أن يحترم كل الأطراف اللبنانيين سياسة لبنان النأي بالنفس والإمتناع عن المشاركة في الأزمة السورية، وفقاً لالتزاماتهم في بيان بعبدا".

تزامنا، كان "أثر الأزمة السورية على استقرار لبنان" يعبّر عن نفسه من خلال بيان "حازم" لوزارة الخارجية السورية تحدّثت فيه عن عمليات تسلل "بالجملة" حصلت خلال الساعات الماضية من الأراضي اللبنانية باتجاه الأراضي السورية، وصولا حتى القول أنّ "حشود هذه المجموعات الإرهابية مازالت مستمرة داخل الأراضي اللبنانية وهي مشاهدة بالعين المجردة من مواقع قواتنا التي مارست حتى الآن أقصى درجات ضبط النفس بالامتناع عن استهدافهاعلى أمل أن تقوم الجهات اللبنانية المختصة ببذل جهودها في ضبط الحدود مع سوريا حرصاً على الأمن في البلدين وحماية لأرواح المواطنين الأبرياء وعدم التصعيد الذي تهدف إليه هذه المجموعات الإرهابية".

.. والانتخابات أيضا!

لا يأتي القلق "الدولي" على الاستقرار "اللبناني" من "الفراغ"، ولو لم يكن "بريئا"، فالصالونات السياسية الداخلية تحفل بالأحاديث عن "انفجار" أمني مرتقب، شاء من شاء وأبى من أبى، وبات الحديث عن هذا "الانفجار" علنيا، حيث يتناوب مختلف الأفرقاء على إبداء "مخاوفهم" علنا دون أيّ حسيب أو رقيب، ومن هؤلاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي كان أول من دقّ ناقوس الخطر على هذا الصعيد، وهو جدّد القول أنّ "الانتخابات في خطر بسبب الوضع الامني"، بل إنه حذر من "ربيع اكثر من ساخن اذا لم يحصل هذا الاستحقاق الذي يتنفس اللبنانيون من خلاله"، علما أنّ بري نبّه أيضا إلى أنّ استمرار الوضع الأمني على ما هو "من شأنه ان يعطّل إجراء الانتخابات حتى ولو تمّ التوافق على القانون الانتخابي العتيد".

"قلق" بري ليس "يتيما" إذ إنّ مختلف الأفرقاء يشاركونه به، وتكتل "التغيير والاصلاح" ليس ببعيد عن هذه الأجواء، بحسب ما أوحى النائب عنه ​ميشال الحلو​ في حديث لـ"النشرة"، حيث أعرب عن تخوفه من الوضع الامني الحالي، محذرا من أنّاللبنانيين مقبلون على "ما لا تُحمَد عقباه" إذا استمرّت الأمور على حالها. وشدّد حلو على وجوب التعاطي مع المرحلة بكثير من الحذر والدقة والوعي لتحييد الساحة اللبنانية عن تداعيات الأزمة السورية، ولفت إلى أنّ وضع المخيمات الفلسطينية غير مطمئن خاصة بعد الاشتباكات الاخيرة بين اسلاميين ومنظمات فلسطينية أخرى داخل عين الحلوة.

أزمة في دار الفتوى!

ومن الأمن إلى السياسة التي تعيش على وقع "أزمة" غير مسبوقة في "دار الفتوى" فجّرها الاجتماع الأخير لرؤساء الحكومات السابقين الذي أعطى "مهلة" لمفتي الجمهورية الشيخ ​محمد رشيد قباني​ للدعوة لاجتماع للمجلس الشرعي الأعلى قبل يوم السبت، وهو ما سارعت أوساط المفتي إلى رفضه، علما أنّ المعلومات الصحافية تحدّثت عن"ردّ" سيوجّهه المفتي خلال الساعات المقبلةإلى "من يعنيهم الأمر"، وسيتضمن هذا الرد عرضا للأسباب الموجبة "التي أملت عدم الاعتراف بشرعية التمديد للمجلس الشرعي في جلسة غير قانونية وغير ميثاقية.

وفي وقت أكد مقرّبون من المفتي قباني أنه "لا يحق لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي دعوة اعضاء المجلس الشرعي إلى الاجتماع"، وأن المعركة الحالية ليست معركته، "بل هي معركة كل مفتٍ سيتسلم هذا المنصب مستقبلاً، ودفاعاً عن الموقع السّني الديني الأول في لبنان"، بحسب ما نقلت صحيفة "الأخبار"، وفيما بدأ الحديث عن "صفقة ما" يدور في "الكواليس"، برز ما نقلته صحيفة "الأخبار" عن مصادر رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي التي نفت وجود "إجماع" بين رؤساء الحكومات السابقين والرئيس الحالي بشأن دار الفتوى والمفتي محمد رشيد قباني قباني، مشددة على أنكرامي لا يؤيد "إقالة المفتي من منصبه".

كلمة أخيرة..

وسط "فوضى" الأمن والسياسة، تواصل هيئة التنسيق النقابية إضرابها المفتوح دون كلل أو ملل..

بالأمس، وعلى وقع شعار "لن نركع لحيتان المال"، حطّ "الاضراب" في المرفأ ووصل إلى "رمز" الأملاك البحرية، المعروف بـ"الزيتونة باي"، على أن يواصل "مساره" اليوم ليصل إلى المطار، علما أنّ رئاسة الأخير أكدت أن حركة الملاحة "لن تتأثر"..

وبعد أن أثبت هذا الاضراب نجاحه في شلّ الكثير من الادارات والمؤسسات، تبقى الأنظار متّجهة نحو تاريخ الحادي والعشرين من آذار الذي حدّدته الحكومة لـ"بتّ" السلسلة، والذي "علّمت" التجربة اللبنانيين أنه "قد" لا يكون الأخير!