"من يعالج نفسياً ... مجنون" عبارة راسخة في ذهن كثيرين يحتاجون لإستشارة طبيب نفسي لكنهم يتراجعون خوفاً من أن يصبحوا في نظر المجتمع مجانين.

العلاج النفسي لم يعد مخيفا بسبب الوعي!

اتخاذ القرار باستشارة طبيب نفسي يستغرق وقتاً ولكن أصبح الكثيرون يتمتعون بالوعي الكافي، فما كان مخيفاً بالنسبة للعديد من الناس أصبح مقبولا نوعا ما، فالمدارس باتت تتعاقد مع معالجين نفسيين ترسل إليهم الأولاد لدى ملاحظتها أي تصرف غريب وحتى لدى البالغين بات الأمر مقبولاً أكثر، هذا ما تؤكده المعالجة النفسية شارلوت خليل في حديث الى "النشرة"، لافتة الى أن "هناك 3 أنواع من الأشخاص يقصدونها وزملاءها:

1- من يسعون للتباهي بأنهم يقصدون المعالج النفسي

2- الاشخاص الذي يقصدون المعالج النفسي وليس لديهم مشكلة في قول ذلك

3- الذين يتوجهون الى المعالج النفسي وهم يخجلون

الالتزام بالعلاج ضروري للوصول الى النتيجة المطلوبة!

يتعرض الإنسان خلال حياته اليومية لضغوط عدّة، هذا ما يجعله يشعر أنه غير راض عن نفسه، وفي هذه الحالة يتوجه الى المعالج النفسي ليشكو له همومه عسى أن يتخلص منها خصوصاً وأنه يدرك تماماً أن الآخر الذي أمامه لن يحكم عليه. وفي هذا الاطار تشدد خليل على "ضرورة الالتزام بالعلاج للوصول الى النتيجة المطلوبة"، لافتةً الى أن "الاشخاص الذين يلتزمون قلائل"، مشيرة الى أن "العلاج النفسي طويل الأمد ولا نستطيع أن نتوقعه وهناك مرضى يخافون من المجهول الذي يوضعون أمامه"، مؤكدة أن "المريض النفسي يتعالج اذا ساعد نفسه".

تهرب من الاعتراف!

وللتهرب من الإعتراف بالحاجة لإستشارة معالج نفسي أشكال عديدة، تروي أبي خليل: "في إحدى المرات قصدتني والدة بحجة أنها تريد أن تخضع لجلسات لتعرف كيف تتعامل مع أولادها ولكن الواقع هو غير ذلك فالمشكلة الأكبر كانت لديها وبعد أن إجتمعنا سويا أدركت ذلك وهي أخبرتني بقصتها".

تعاون الأهل اساسي لمعالجة الاولاد!

ولا ننسى الصغار، والمشاكل لديهم كثيرة من إضطرابات بالسلوك، الخوف، العنف، مشاكل دراسية (المشاكل بالتعليم)، الكذب.... ونتيجة لكل ذلك تعاقدت أغلب المدارس مع أخصائيين نفسيين للمعالجة. وهنا تشير أبي خليل الى "أننا نعمل لنقوي شخصية الاولاد وثقتهم بأنفسهم".

وأكدت أن "هناك أهلا يرفضون وأهلا لا يتعاونون بل يأتون لأن المدرسة تجبرهم"، معتبرةً أن "تقبل الأهل وإستعدادهم للعمل على المسألة يساعدنا"، لافتة الى أنه "حتى ولو رفض الأهل فنحن مجبرون على إكمال العلاج"، مؤكدة "أننا نجتمع مع الأهل والأولاد من اجل المباشرة بالعلاج، والمشكلة الأكبر تكون عندما لا يلتزم الأهل".

القرار بالخضوع للعلاج النفسي ضروري!

وللناس طباع مختلفة وآراء متجانسة منهم من يعتبر أن المجنون وحده يزور الطبيب النفسي ومنهم من يرى زيارته ضرورية مع ما يتحمله المرء من أعباء في حياته اليومية. فلريمي كيروز ولد يبلغ الثامنة من العمر يتصرف بطريقة غريبة، وتؤكد عبر "النشرة" أن "طفلها يحتاج الى معالج نفسي لكنها لا تتجرأ على إرساله خوفاً مما قد يقول الناس"، لافتةً الى أنها "إستشارت طبيب أطفال وهو أكد لها أن المشكلة نفسية بحت ولكنها لم تتخذ القرار بعد"، أما ستيفاني العموري وهي بدورها أنجبت طفلاً كثير الحركة بلغ اليوم الخامسة من العمر لا يهدأ في الصف أبداً، تشير الى أنها "هي من اتخذت القرار بزيارة المعالج النفسي لأن ما يهمها هو أن يتعافى إبنها وأن ينجح في الدراسة وأن تراه "مهندساً" في المستقبل"، مؤكدةً أن "كل ما يقال لا يهمها".

حالة الكبار لا تختلف عن حالة الصغار. فريتا أبي راشد تؤكد أنها "غير مرتاحة في حياتها"، وتقول "كل يوم نفس الشي"، وتلفت الى أنها "ليست بحاجة ابداً الى معالج نفسي فهذه سنة الحياة فيها أوقات صعبة ويجب أن نتخطاها".

إنها الحياة فيها ما هو حلو وما هو مرّ... والأوضاع الإجتماعية والإقتصادية باتت تثقل كاهل الأشخاص وتعرضهم لضغوط تفوق طاقتهم لذا لم يعد من المعيب إستشارة أخصائيين للمساعدة بدل ترك الأمور تتفاقم فيصبح بعدها مصير الانسان مجهولا.