تباينت آراء الفلسطينيين إزاء زيارة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ ​يوسف القرضاوي​ والوفد المرافق له من العلماء المسلمين إلى غزة، بين مرحب ومستنكر، من قبل السلطة الفلسطينية وفصائل فلسطينية كفتح واليسار، قاطعت الزيارة وعارضتها، واعتبرت أنها تأتي في إطار فئوي وحزبي ضيق لصالح حركة "حماس" التي رحبت بها ووصفتها بـ "التاريخية"، وسط تحفظات على مواقفه السياسية وفتاويه المثيرة للجدل تجاه سوريا والقدس على وجه الخصوص.

وحظي استقبال الشيخ القرضاوي في معبر رفح البري برفقة الرئيس السوداني الأسبق عبد الرحمن سوار الذهب و54 من علماء الأمة من دول عربية وإسلامية وأجنبية مختلفة، باستقبال رسمي كبير من قبل الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة، شارك فيه قيادات من حركة "حماس" وعلماء ودعاة فلسطينيون ونواب عن المجلس التشريعي الفلسطيني.

وشيدت حركة "حماس" منصة كبيرة لاستقبال القرضاوي في ساحة الكتيبة غرب مدينة غزة، وأقامت حفل استقبال شارك فيه المئات من مؤيدي الحركة، إضافة لوضع برنامج شامل للزيارة تخللته مشاركته في عدة فعاليات، فضلاً عن منحه الجنسية الفلسطينية وجواز سفر وهوية فلسطينية من قبل رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، ودكتوراه فخرية من الجامعة الإسلامية.

غير مقبولة وتأتي في إطار حزبي

واستنكرت حركة "فتح" زيارة القرضاوي لغزة واعتبرت أنها غير مقبولة في ظل استمرار وجود ا لانقسام الفلسطيني بين قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقال ذياب اللوح عضو الهيئة القيادية لحركة "فتح" في قطاع غزة والناطق الرسمي باسمها لـ"النشرة": "زيارة القرضاوي شخصية ل​حركة حماس​، ونحن لم نشارك في مراسم الاستقبال لأسباب لدينا، ولنا موقف منها".

واعتبر اللوح أن مثل هذه الزيارات غير مقبولة فلسطينياً في ظل استمرار وجود الانقسام الفلسطيني، معبراً عن أمله في أن تتم في ظل أجواء وطنية وحدوية أفضل من الأجواء الحالية القائمة.

في المقابل اعتبر عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ​جميل مزهر​، أن زيارة القرضاوي تأتي في إطار فئوي وحزبي، مؤكداً أن الجبهة لم تشارك في استقباله في إطار الاعتراض على المواقف السياسية التي تصدر عنها، خاصة عندما دعا القوى المعادية والولايات المتحدة الأميركية للتدخل في الشؤون العربية وعلى وجه الخصوص سوريا وليبيا.

وشدد مزهر في حديث لـ"النشرة" على أن هذه الفتاوى والمواقف السياسية تتناقض مع الشعوب العربية التي تتطلع للخلاص من الهيمنة الأميركية الإسرائيلية عليها.

وأضاف: "هذه الزيارة لم تضف أي شيء جديد للفلسطينيين بأي حال من الأحوال".

وعرف القرضاوي بفتاويه المثيرة للجدل بعد أن أفتى العام الماضي بعدم جواز زيارة القدس بعد دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مؤتمر القدس في الدوحة العرب لزيارتها.

يجب ألا تقف البوصلة عند غزة

وفي السياق ذاته رحبت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بزيارته لغزة، لكنها أكدت على لسان القيادي فيها ​أحمد المدلل​ أن طريق تحرير القدس والضفة الغربية المحتلة وأراضي عام 48 هي من أولوياتها، ولا يجب ألا تقف البوصلة عند غزة فقط.

المدلل وفي حديث مع "النشرة" شدد على ضرورة أن تظل البوصلة موجهة نحو القدس، لافتاً إلى أن غزة لا زالت تقاوم ومحاصرة في سمائها وبحرها وحدودها، مشيراً إلى أنه على الرغم من أن هذه الزيارات قد تخفف قليلاً من المعاناة التي يعيشها الغزيون إلا أن معاناة الفلسطينيين هي أكبر وأشد.

وأضاف: "على كل هؤلاء الذين يزورون قطاع غزة، ومنهم الشيخ القرضاوي، أن يعلموا أن غزة هي ليست نهاية المطاف بل إن قوة المسلمين يجب أن تظل تقاتل حتى تصل إلى القدس محررة بإذن الله".

واعتبر المدلل أنّ مثل هذه الزيارات لا تعمق الانقسام الفلسطيني، متسائلاً: " لماذا لا يأتي الرئيس عباس إلى غزة؟".

العلماء يجب أن يكونوا دعاه خير لا فتنة

في المقابل شدد الكاتب والمحلل السياسي ​أسعد أبو شرخ​ على ضرورة أن يرحب الفلسطينيون بأي شخص يأتي إلى قطاع غزة ويقف معهم ويدعم المقاومة وصمود الشعب ويكون ضد إسرائيل، لا أن يستنكروا زيارته وينتقدوها.

وقال أبو شرخ في حديث مع "النشرة" إن زيارة القرضاوي ووفد علماء المسلمين واجب عليهم أن يأتوا ويصرحوا بأنهم ضد الحصار ومع المقاومة وضد التنازل عن أي شبر من أرض فلسطين، لكنه طالبهم بأن يدينوا زيارة الوفد العربي التي قادته قطر إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأن يقفوا مع الشعوب وألا يخلقوا فتنة لما يجري في سوريا ولبنان.

وأكد أبو شرخ على ضرورة أن يكون القرضاوي وعلماء المسلمين دعاة خير ومحبة وحوار ولا يستنجدوا بأميركا، على غرار ما طلبه القرضاوي من أميركا بالتدخل العسكري في سوريا.

وأضاف: "أميركا تدخلت وذبحت العراق وفلسطين، وعلى علمائنا ألا يستنجدوا بها وأن يقفوا ضدها وإسرائيل".