احتفلت ​جامعة الروح القدس​-الكسليك بعيد شفيعها عشية عيد العنصرة، بدعوة من رئيسها ​الأب هادي محفوظ​. استهل الحفل بقداس ترأسه الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الأباتي طنوس نعمة، وتحدث في عظته عن أهمية عيد القيامة المجيدة الذي يليه عيد العنصرة بعد خمسين يوم، مؤكدًا أنه "على ضوء سرّ الانتصار على الموت وعلى كل أشكاله، نفهم بشكل أفضل سرّ حلول الروح على التلاميذ وعلى كل منا، وهو روح الله يملأ الأرض، ملأها بالخلق إذ نظّم الكون والإنسان والطبيعة والخليقة كلها، وملأها في العنصرة إذ أكد أن الله مع الإنسان في مسيرته على الأرض".

واكد "ان العنصرة هي أولا عيد الوحدة، والتفهم، والشراكة البشرية". وأضاف: "صحيح أن البشر أقرب بكثير حسيًّا الواحد من الآخر، بفضل الوسائل الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعية، ولكننا مدعوون إلى تعزيز القرب الحقيقي بيننا، وهذا ما يترجم بالشراكة وبالمحبة، وهذا ما اتخذه الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي شعارا لخدمته البطريركية. وهذا ما يترجم بصدق التعاطي مع الآخرين، وبإعلاء شأن القضايا السامية وشأن الإنسان. وهذا ما يعني الانتباه إلى الآخر وخاصة إلى الضعفاء والمهمشين بيننا". واضاف: "يقرّبنا العالم الإلكتروني ووسائل النقل السريع، ولكننا بحاجة إلى شراكة ومحبة حقيقيتين لكي نكون قريبين ونحب بعضنا بعضا. هذه روح الوحدة التي يعطيها روح العنصرة".

وبعد القداس، عرض فيلم وثائقي عن الجامعة، ثم ألقى رئيسها الأب هادي محفوط خطابًا تحت عنوان: "ماذا علينا أن نعمل؟"، مشيرا الى "اننا نطرح هذا السؤال، في جامعة الرّوح القدس، واعِين أنّ الهناء والفرح والطمأنينة، لنا ولكلّ من معنا، هي في مواصلةٍ ديناميكيّةٍ للرسالة التي تُوكلها الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة، باسم الكنيسة، إلى هذه الجامعة".

وتحدث محفوظ "عن ثقافة الإيجابيّة، عن ثقافة محبّة لبنان، هو وطننا ونحن نعيش بفضل تنشّق هوائه، وهو يقدّم لنا مقوّمات الحياة، لكن في الوقت عينه، نرى حولنا كثيرًا من المشاكل، وكثيرًا من الحقوق منتقصة. ونرى ظروف الحياة صعبة، ومشاكل اقتصاد أو أمن أو نزوح أو فراغ أو قلق أو قلة تنظيم أو فوضى آليات عمل، تتفاقم وتنذر بأمور سيّئة"، معتبرا ان "هذه المشاكل تولّد إحباطًا في نفوس غالبيّة ساحقة من أبناء وطننا، وتبقى الهجرة من وطننا ظاهرة في خانة السلبيّات. ولكنّ ما يخلو من الإيجابيّة وما هو فتّاك وقاتل، فهو نفسيّة الهجرة، روحيّة الهجرة، ثقافة الهجرة، أي العيش في الوطن فيما الإنسان مهاجر في نفسه عنه، أي العيش بعيدًا عن التفاعل الإيجابيّ معه".

وشدد على انه "علنيا أن نؤمن دومًا أنّ لبنان وطننا وهو حبيبنا وفضله علينا وعلى وجودنا كبير. علينا أن نكون إيجابيّين أينما حللنا فيه، في أيّ عمل وأيّ مركز نتحمّل مسؤوليته. من هنا تعي جامعة الرّوح، أنّ تألّقها في العمل الجامعيّ، بعيدًا عن العمل السياسيّ والاصطفافات السياسيّة وانقساماتها وتشعّباتها، هو المساهمة الإيجابيّة في بناء وطننا الحبيب لبنان. إنّ أعظم مساهمة هي الإيجابيّة. هذا ما يجب أن نعمله، وهذا ما نحقّقه بتوجيهات قدس ابينا العام الأباتي ​طنوس نعمه​ السّامي الاحترام ومجمع الرئاسة العامّة الموقّر".

وأكد "أن هذه الإيجابيّة هي التي طبعت تاريخ الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة التي انطلقت من ديرَين أو ثلاثة قبل ما يزيد على الثلاثماية سنة، وأضحت اليوم منتشرة في كلّ لبنان، وفي العديد من بلدان الاغتراب. وتوسّعت أراضيها كثيرًا وجعلتها مثمرة وأسّست الصروح التربويّة والثقافيّة والاستشفائيّة والاجتماعيّة والرعويّة، وتفاعلت مع لبنان وكلّ مكوّناته، حتى حملت اسمه في اسمها وصار دمه يجري في عروقها".

كما ذكّر "أن الثقافة الإيجابيّة هي التي سمحت للجامعة بأن تتطوّر". وشدد على "أن منطق الشراكة الإيجابيّة هو الذي يحدو بالمسؤولين إلى التفكير بكلّ شخص في الجامعة وبكلّ شخص يصل اليه عمل الجامعة، مباشرة او غير مباشرة. هذه هي ثقافة المحبّة المنتبهة إلى حيثيّة كلّ إنسان في الجماعة".

وأضاف: "هي هذه الرّوح الإيجابيّة التي تدفع بالجامعة إلى الإلتزام بالتميّز المؤسساتي الشامل وإلى اعتماد ثقافة الجودة، على مختلف الأصعدة. فكان الفرح، خلال هذه السّنة الجامعيّة، بأن نالت جامعة الرّوح القدس الاعتماد المؤسسي الأوروبيّ بواسطة وكالة الاعتماد وضمان الجودة ايفالاغ evalag. وهي هذه الرّوح التي جعلت الجامعة تصنّف بين الجامعات السّبع "المتميّزين إداء" في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، من قبل البنك الدولي".

كما تحدث الاب محفوظ عن التّعليم الإلكترونيّ (e-learning)، معلنًا "أن الجامعة بدأت باستخدام برنامج رقميّ عالميّ جديد وتفاعل معه عدد كبير من الأساتذة. ولكن هناك ناحية ثانية من التعليم الإلكترونيّ، دخلت إلى كثير من الجامعات، ولكنها ما زالت مربكة للعالم الجامعيّ، وهي التعليم عن بعد، أي إنشاء الحرم الالكترونيّ أو التعليم المختلط. هذه النقطة تستحق التعمّق فيها من أجل ملاقاة التطوّر الإلكترونيّ الحاصل في العالم كلّه. "ماذا علينا أن نعمل؟"، أن نركب الركب العالميّ في هذا الصّدد ولا نخاف التّغيير، أيضًا برويّة".