لا تختلف المعركة الحالية التي تشهدها ​طرابلس​ اللبنانية عن المعارك الـ15 السابقة التي شهدتها المدينة منذ العام 2008، فالمضمون هو نفسه والرسائل والعناوين هي هي، لكن افتتاح المعركة الحالية على وقع اشتباكات القصير السورية جعل العامل السلفي يتصدر الواجهة بعدما كان مجرد عنصر مقاتل في المعارك الطرابلسية السابقة ومشاركته فيها هامشية.
"هم خفافيش ليل يتفادون القتال في الصباح لم يفتحوا بعد معركتهم الكبرى والشهيرة بوجه الجيش اللبناني"، هذا ما تؤكده مصادر طرابلسية واسعة الاطلاع، لافتة إلى أنّ المواجهات المحدودة الحاصلة بين الجيش ومجموعات سلفية أكان في طرابلس أو عكار ليست إلا بروفات صغيرة لما ستكون عليه المواجهات الكبرى والتي يُحضّر لها السلفيون ومنذ مدة.
وتوضح المصادر أنّ "الحقد التاريخي بين الجبل والتبانة اختلط اليوم بارتفاع منسوب المذهبية نتيجة ما يحصل في القصير بعد اقرار حزب الله بالقتال هناك وأُضيف اليهما التجييش السلفي في المدينة ما يجعل تطور الأوضاع أمنيا مرتبطا كليا بما يحصل في القصير"، وتقول: "لقد بتنا نعيش على وقع ما يحصل هناك وطالما الوضع في القصير ملتهب فسيكون كذلك في طرابلس".
أما أبرز المعارك بين الجيش والسلفيين التي شهدتها طرابلس في اليومين الماضيين فأولها في شارع الرحمة في باب التبانة وهو شارع تتمركز فيه القوى الاسلامية، وقد اشتعل فور دخول الجيش إليه ما أدى لاصابة أحد القادة السلفيين وهو الشيخ موسى القرصاني. أما المعركة الثانية ففي منطقة البقار في القبة وقد كانت معركة عنيفة بعد ورود شائعات عن مقتل أبو بكر مسؤول التيار السلفي في المكان المذكور في مدينة القصير ليتبيّن بعدها أن المعلومة غير صحيحة. وتلفت المصادر إلى أنّ "تواجد ثكنة للجيش اللبناني في البقار وفي الوقت عينه أعداد كبيرة من السلفيين يجعل المنطقة هذه برميل وقود قد ينفجر في اي لحظة".
وترى المصادر صعوبة كبيرة في تحديد عدد السلفيين المتواجدين حاليا في طرابلس، فهم الذين لم يتخط عددهم الرسمي في الانتخابات النيابية الماضية حدود الـ600 قد يبلغ عددهم اليوم الآلاف نتيجة التجيش المذهبي والطائفي الحاصل في المدينة، اضافة الى أن أعدادا كبيرة منهم تدخل وتخرج من سوريا، ما يجعل حصرهم بعدد معيّن مستحيلا.
وتكشف المصادر الطرابلسية عن توجه 70 مقاتل سلفي ليل الاثنين الثلاثاء من مدينة طرابلس الى بلدة الكنيسة اللبنانية الحدودية وفرارهم منها الى بلدة هيت السورية فبلدة النصوب القريبة من القصير (15 كلم) لاشغال الجيش السوري بمعارك أخرى والتخفيف من وطأة الهجوم على القصير. وتضيف المصادر: "أعلنت القوى الاسلامية سقوط قتيلين لبنانيين من المجموعة السابق ذكرها وهي لم تنكر ذلك على الاطلاق".
"هو قرار اتخذته القوى الاسلامية في لبنان بالتحرك لنصرة اهل القصير ولن تتراجع عنه"، هذا ما تشدد عليه المصادر، لافتة إلى أنّ وضع حد نهائي للمعارك في طرابلس قد يكون غير وارد حاليا، "فالمعطيات التي كانت متوافرة في السابق لم تعد كذلك اليوم خصوصًا بعدما كشف الكل أوراقه السورية أكان من جهة حزب الله أو المجموعات السلفية الذين يتحاربون اليوم على أراض سورية وقد ينقلون المعركة في أي لحظة الى الداخل اللبناني".