لم تكن عطلة نهاية الأسبوع هادئة كما أرادها أو تمناها كثيرون، فليس كلّ ما يتمناه المرء يدركه خصوصا في بلد مثل لبنان يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات والسيناريوهات على مدار الساعة..

هو "الجنون" الذي انطلق من الشمال خلال الأسبوع دقّ في نهايته أبواب "الضاحية" التي لطالما كانت "عصيّة" على "الاختراقات" على أنواعها، فاستفاقات باكرا صبيحة الأحد على "مفاجأة" سقوط صاروخي غراد على معرض للسيارات وشرفة منزل في الشياح ومارون مسك.

"الرسالة وصلت"، كلمة سارع المسؤولون الذين "تفقدوا" موقعي سقوط الصاروخين، لاطلاقها، فيما كان البعض يربط بينها وبين خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، والذي دعا فيه لـ"تحييد" الداخل اللبناني على قاعدة "لنتقاتل في سوريا لا في لبنان".

الفتنة مرفوضة..

صباح الأحد لم يشبه سائر الأيام في الضاحية الجنوبية، ففي تطور أمني غير مسبوق شكلا ومضمونا، استفاقت الضاحية على سقوط صاروخين "عشوائيين" على الشياح ومحيط كنيسة مار مخايل، تبيّن لاحقا أنّ مصدر إطلاقهما كان بالقرب من عيتات، ما أوحى بأنّ الرسالة من ورائهما لم تكن بريئة، خصوصا أنهما أتيا بعد أقل من 12 ساعة على خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لمناسبة عيد المقاومة والتحرير.

وفيما كان وزير الداخلية والبلديات مروان شربل أول الواصلين إلى موقع سقوط الصاروخ الأول، حيث وصف العمل بـ"التخريبي"، سارع "نواب المنطقة" إلى اللحاق به واستنكار واستهجان العملية التي رأى فيها النائب ناجي غاريوس عملا تخريبيا على أبواب الانتخابات، فيما اعتبر زميله النائب حكمت ديب أن من يقف وراءها هو "عميل حقير لاستخبارات خارجية"، داعيا إلى "الوحدة" للردّ عليها.

وفيما دعا الوزير علي حسن خليل إلى الابتعاد عن الاتهامات وانتظار التحقيقات، حرص نائب "حزب الله" علي عمار إلى التأكيد أنّ "الرسالة وصلت" عبر القول أنّ مشروع الفتنة، الذي وصفه بالأميركي الاسرائيلي، لن يمرّ، مشددا على ضرورة التحام اللبنانيين على هذا الصعيد. وكان لافتا أن رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب ​وليد جنبلاط​ لاقى الحزب في منتصف الطريق بتأكيده رفض الفتنة، كاشفا أنه اتصل بقيادة "حزب الله" للتنسيق ومعرفة من دخل على الخط في محاولة لدرء الفتنة.

التمديد​ لسنتين؟!

في السياسة، تتّجه الأنظار إلى الجلسة الاستثنائية التي يعقدها مجلس الوزراء بعد الظهر، والتي سيكون على جدول اعمالها تعيين الهيئة المشرفة على الانتخابات، واقرار التمويل اللازم لعمليات الاقتراع، ورمي كرة اقتراع المغتربين الى مجلس النواب لايجاد حل لهذه المعضلة التي أدى خطأ في نص القانون الى حرمان نحو 10 آلاف لبناني مسجل حقهم في الاقتراع.

وسط ذلك، عاد التمديد "طويل الأمد" ليُطرح بقوة في مختلف الصالونات السياسية، وقد برز في هذا السياق ما نقله زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري لـ"النشرة" عن تفضيله تمديدا لسنة ونصف أو سنتين، باعتبار أنّ العامل الأمني لا يبدو عليه إمكانية التحسن خلال ستة أشهر، ما يحتّم رفض التمديد للأشهر الستة فقط، بإعتبار أن هذه المهلة ستتيح إستمرار التجاذب السياسي الذي ينعكس توتراَ في الشارع. وسأل رئيس المجلس: "كيف نجري إنتخابات في الشمال وصيدا وغيرها من المناطق التي تشهد توترات أمنية؟"

ووفقا لزواره، فقد رأى بري في نتائج الإنتخابات الآن وفق الستين -إن جرت- تمديداً للمجلس لمدة أربع سنوات بينما يهدف التأجيل المطروح إلى تمديد لا يتجاوز سقفه الزمني السنتين. ولفت إلى أن مهلة التمديد لسنة ونصف السنة كفيلة بنزع عوامل التوتر الداخلي، ويكون خلالها الوضع في سوريا قد تحسّن بإستعادة الإستقرار ما ينعكس حُكماً إيجابياً على لبنان.

وانسجاما مع موقف بري، أتى موقف رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط الذي شدّد على الحاجة الى التمديد لأكثر من 6 أشهر ولتفادي الفراغ والتعاون من أجل الاستقرار، معلنا أنّ وزراء جبهة النضال الوطني لن يقاطعوا جلسة الحكومة و"سنعطي رأينا على قاعدة نعم للتمديد ولا للأرثوذكسي".

كلمة أخيرة..

هل انتقلت "الجبهة" فعلا إلى الداخل اللبناني؟ ومن الذي يريد رمي لبنان في أتون الصراع السوري؟ وهل يتوسّع "الجنون" أكثر فأكثر فيطيح بكلّ "النأي بالنفس" قولا وفعلا؟

وأبعد من ذلك، ما هي انعكاسات ما يحصل سياسيا؟ وهل يكون "التمديد" النتيجة الطبيعية له؟ أم أن حصول الاستحقاق في وقته يبقى "خطا أحمر" رغم كلّ شيء؟

اسئلة كثيرة قد لا تكون الاجابات عنها سهلة بانتظار مستجدّات الساعات المقبلة..